يحتلُّ الاسلام في بلجيكا المرتبة الثّانية بعد المسيحيّة من حيث الانتشار بين سكّان الدّولة، وهي إحدى دول أوروبا الغربيّة، وعضو مؤسس في الاتّحاد الأوروبيّ، ويتجاوز عدد المسلمين سبعمئة ألف مسلم، حيث يعتبر الإسلام الديانة الثانية بعد المسيحية هناك.
لا يوجد في بلجيكا ما يُعرف عند بعض الدّول (بالإسلاموفوبيا)، ومنصوص على حريّة الأديان وحريّة التّعبير بين الأفراد في الدّستور البلجيكيّ، ويُسمح للمسلمين ببناء المساجد، ويصل عددها في العاصمة بروكسل إلى ثلاثمئة مسجد، كما أنّه أُقرَّ تدريس مادّة الدّين الإسلاميّ بالمدارس في بداية سبعينات القرن الماضي، وتتكفّل الحكومة بدفع رواتب ثمان مئة مُدرّس تقريبًا، يُدرّسون الاسلام في بلجيكا لساعتين أسبوعيًّا، كما أنّ حكومة بلجيكا تتكفّل برواتب ما يزيد عن 250 داعية وإمام، ويُعتبر عيدَيِّ الفطر والأضحى، عطلة رسميّة.
نسبة المسلمين في بلجيكا
في دراسة نُشرت عام 2013، للمتخصّص في علم الاجتماع (فيليتشه داسيتو)، قال بأنّ المسلمين في بروكسل سيمثّلون غالبيَّة سُّكّانّها، بحلول العام 2030، كما أنَّ نسبة المسلمين في بلجيكا كلّها، ستزيد إلى عشرة في المئة بحلول العام 2020، في حين أنَّها تمثِّل حاليًّا 6%، والَّتي تُعتبر واحدة من أعلى المعدّلات في أوروبا.
وفي تقرير لجريدة الإيكومنست البلجيكيّة، فإنّ نصف الأطفال الذين يدرسون في المدارس الحكوميّة في العاصمة بروكسل هم من المسلمين، وفي تلخيص كتاب (زهرة السّوسن والهلال) يقول مؤلّفه وهو عالم اجتماع وبروفيسور في الجامعة الكاثوليكيّة في (لوفانيو)، أنّ الاسلام في بلجيكا يتزايد بالمقارنة مع الدّيانة المسيحيّة، وأعداد المُتديّنين المسلمين أكبر من أعداد المسحيّين الملتزمين، وفي استطلاع للرّأي تبيّن أنّ 19% من مسلمي بروكسل ملتزمون بالشّعائر الإسلاميّة. يُدير شؤون الاسلام في بلجيكا هيئة مُنتخبة، ودورها الرّئيسيّ هو تمثيل المسلمين أمام السّلطات البلجيكيّة، وتقوم برفع القضايا الإسلاميّة الخاصّة.
المركز الإسلاميّ الثّقافيّ في بروكسل
يوجد في بلجيكا تمثيليّة المركز الإسلاميّ الثّقافيّ، الموجود في متنزّه (سينكانتينيار) في بروكسل، والتّابع لرابطة العالم الإسلاميّ، وبدأ بالعمل منذ عام 1978 وحتّى 1990، أي إلى أن تمّ تعيين مجلي الحكماء المؤقّت، لمنظّمة العبادة الإسلاميّة في بلجيكا، وكان دوره محاورًا للدّولة، وتأسّست سُلطته التّنفيذيّة المؤقّتة في عام 1993، وتتولّى صلاحيّات مجلس الحكماء المؤقّت.
في وقت لاحق، تمّ تعيين رئيس للمجلس التّنفيذيّ للمسلمين في بلجيكا في عام 1998، واعتُرف به بموجب مرسوم ملكيّ صدر في 1999، بعد عمليّة انتخابيّة مفتوحة شارك فيها جميع مسلمي بلجيكا.
صورة الاسلام في بلجيكا في الإعلام
برغم أنّ الاسلام في بلجيكا يُمثّل الدّيانة الثّانية فيها، إلّا أنّ وسائل الإعلام البلجيكيّة تهتمُّ به أكثر من غيره، وذلك وفقًا لتقرير مرصد الأديان والعلمانيّة الثّالث التّابع للجامعة الحرّة في بروكسل، ويستقصي وضع الأديان والعلمانيّة في بلجيكا. وبحسب هذا التّقرير السّنويّ فإنّ سبب الاهتمام بوضع الاسلام في بلجيكا يأتي من القلق بشأن الإرهاب، خاصّة بعد أن انضمّ كثير من الشّباب لتنظيم الدّولة الإسلاميّة، وبعد الهجوم على المتحف اليهوديّ في بروكسل في عام 2014، اللذان أدّيا إلى زيادة التّخوّف من الأصوليّة الإسلاميّة.
رأي الباحثة كارولين ساجيسير
تقول: إنّ اهتمام وسائل الإعلام بصورة الاسلام في بلجيكا المُضادّة لتنظيم الدّولة الإسلاميّة، قد يُسهم في نسيان أنّ العالم الإسلاميّ متنوّع للغاية، ولا يمكن أن يُختزل في تنظيم فكريّ أو سياسيّ واحد، ويقول التّقرير أيضًا أنّ جمعيّات الاسلام في بلجيكا تطوّرت كثيرًا، وهي جمعيّات يُديرها المسلمون، كما تمَّ إنشاء جمعيّات مختصّة للدّفاع عن الاسلام في بلجيكا والمسلمين، ومكافحة العداء والتّمييز بحقّهم، في مجالات الحياة المختلفة، مثل السّكن أو العمل.
رأي الباحث محمد البطيوي
يقول: إنّ الاسلام في بلجيكا أصبح جزءًا لا يتجزّأ من نسيج المجتمع، فبعد أن اعترفت الدّولة بالدّين الإسلاميّ في سبعينات القرن الماضي، أصبحت تموّل المساجد، وتدفع رواتب الأساتذة الإسلاميين، ورواتب أئمّة المساجد، والدّعاة المسلمين في السّجون، وأصبحت تُخصّص أراضٍ لمقابر المسلمين. ويُضيف محمد البطيوي إنّ العديد من المسلمين تولوا مناصب هامّة في بلجيكا، بما في ذلك المناصب السّياسيّة، والاقتصاديّة، والثّقافيّة، ووصل إلى عضويّة إحدى بلديّات بروكسل، عضوين مُسلمين من حزب إسلام.
كلُّ هذا يؤكّدُ أنّ الاسلام في بلجيكا يتغلغل شيئًا فشيئًا رغم بعض الصّعوبات التي تواجهه، فقد ورد في تقرير المرصد، أنّ المركز الحكوميّ لمكافحة التّمييز في العام 2014، قد تلقّى 4627 شكوى متعلّقة بالتّمييز ضد المسلمين، وتمّ فتح 1670 ملفًّا للتّحقيق، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالسّنوات السّابقة، ويعتقد معدّوا التّقرير أن الاسلام في بلجيكا والمسلمين يندمجون بشكل جيّد جدًّا في المجتمع البلجيكيّ، ولكنّ التّوتّر في العلاقات بين مكوّنات المجتمع يأتي بسبب الأزمات الاقتصاديّة، والماليّة، والجيوسياسيّة.
يقول رئيس إحدى الجمعيّات الإسلاميّة حجيب الحجاجي: إنّ التّقرير صحيح فيما يتعلّق بانتشار الاسلام في بلجيكا، ولكن ما زال هناك حاجة لمكافحة الخوف من الإسلام بجميع أشكاله، وفي جميع وسائل الإعلام، إضافة إلى مكافحة التّمييز الذي يعاني منه بعض المسلمين في بلجيكا.
- المراجع
- https://mugtama.com/hot-files/item/31628-2016-03-24-17-18-22.html
- https://www.alittihad.ae/wejhatarticle/99204/%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88-%D8%A8%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%83%D8%A7–%D9%88%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A
- https://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2015/6/22/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%87%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%B9