انتشار الاسلام في تتارستان
انتشر الاسلام في تتارستان مع بداية القرن الرّابع الهجريّ، عن طريق التُّجّار المسلمين الذين كانوا يصلون إلى حوض نهر الفولجا، وأرسل الخليفة العبّاسيُّ المقتدر بالله من يُعلّمهم الدّين، لم ينتشر الاسلام فقط في منطقة الحوض الأدنى من نهر الفولجا، بل تعدّاها إلى منطقة القرم شماليَّ البحر الأسود، ولكنّ الدّفعة الكبرى للدّعوة الاسلاميّة في حوض الفولجا وصلت مع إسلام التّتار.
جمهوريّة تتاريا
جمهوريّة تتارستان أو تتاريا هي إحدى الجمهوريّات الإسلاميّة السّوفييتيّة التي تقع في منطقة الفولجا في قلب روسيا، ويجاورها خمس جمهوريّات إسلاميّة أخرى، هي: تشوفاشيا، وباشكورستان، وماري إيل، وموردوفيا، وأدمورتيا، بالإضافة إلى منطقة القوقاز الشّماليّة في جنوب غرب روسيا التي تشمل سبع جمهوريّات وهي: قبردينو – بلقاريا، وداغستان، والشّيشان، وإنغوشيتيا، وأوسيتيا الشّمالية – ألانيا، وسيركاسيا، وأديغة، ويبلغ عدد المسلمين في منطقة القوقاز حوالي 16- 17 مليون نسمة، بالإضافة إلى 5-6 ملايين نسمة منتشرون في روسيا، من حدود فنلندا غربًا إلى حدود الصّين واليابان شرقًا.
تعليم الاسلام في تتارستان
تقع جامعة قازان الإسلاميّة في مدينة قازان، وهي عاصمة جمهوريّة تتارستان، ويدرس فيها حوالي سبعة آلاف طالب، وكانت مطبعتها تطبع حوالي مليون نسخة من 250 كتابًا إسلاميًّا، وفيها مكتبة إسلاميّة يزورها حوالي عشرين ألف قارئ سنويًّا، وفي قازان مسجد لكلِّ ألف مسلم، وفيها مركز لنشر الدّعوة الإسلاميّة، واجتهد علماء قازان في نشر الاسلام في تتارستان وطبعوا منشورات ووزّعوها لهذا الغرض، واهتموا بتعريف الاسلام باللّغة التّتاريّة، بعد صدور قانون حرّيّة الأديان في روسيا في عام 1905 ميلاديّ، انتشر طُلّاب جامعة قازان والعلماء في القُرى وعملوا على نشر الاسلام في تتارستان ونجحوا في إيصال الدّعوة الإسلاميّة إلى تتار السّاحل السّيبيريّ.
لكن بعد استيلاء السّوفييت على الحكم، انقلبت الآية، وواجه التّتار حربًا شرسة على معتقداتهم، وأغلقت المدارس الإسلاميّة، وتدمّرت المطابع والمكتبات الإسلاميّة، وأدمج الرّوس كلّ المناطق الإسلاميّة في روسيا الأوربيّة تحت إدارة دينيّة واحدة، مقرها مدينة أوفا، وهي عاصمة جمهوريّة باشكورستان، وتشرف على المسلمين في جميع سيبريا، ولكنّهم جرّدوا هذه الإدارة من كل صلاحيّاتها، فأصبحت إدارة شكليّة، ولكنّ هذا كلَّ انتهى عندما صدر قانون حرّيّة الأديان.
حال الاسلام في تتارستان
يحتلُّ الاسلام في تتارستان مكانة مهمّة عند كلِّ مسلم، وعلى الرّغم من معاناتهم، إلّا أنّ تتارستان شهدت صحوة إسلاميّة واسعة في الفترة الأخيرة، وبلغت نسبة المسلمين حوالي سبعين في المئة من تعداد السّكّان، وبلغ عدد حُفّاظ القرآن الكريم حوالي ثلاثين ألف مسلم، وقاموا بإعادة إعمار المساجد والآثار الإسلاميّة التي تعرّضت للهدم والإزالة في فترة حُكم قياصرة روسيا، ولكن ينقصهم مُعلّمون قادرون على تعلّيم اللّغة العربيّة.
انتشر الاسلام في تتارستان بحماسة بالغة، وكان كلُّ مسلم يعتبر نفسه داعية إلى الدّين الاسلاميّ، وقد خدم العُمّال الذين يأتون من القرى للعمل في المدينة، الدّعوة الإسلاميّة عن طريق تعليم الدّين إلى أهل قراهم بعد عودتهم إليها.
تتارستان في زمن روسيا القيصريّة
عندما احتلّ قياصرة روسيا جمهوريّة تتارستان في عام 1552 ميلاديّ، وكان الاسلام منتشرًا أصلًا بين سكانها، ولكنّ الرّوس اضطهدوا التّتار، وحاولوا تحويلهم إلى المسيحيّة، ولكنّهم فشلوا في هذا، وبذلت الإمبراطورة كاترين الثّانيّة جهودًا إضافيّة في هذا الشّأن في عام 1778 ميلاديّ، وأمرت أن يوقّع كلُّ معتنقي المسيحيّة الجُدد على تعهُّد كتابي أن لا يتعاملوا مُجدّدًا مع المسلمين، وأن يبقوا على الدّين المسيحيّ، ولكنّهم كانوا مسيحيّين بالاسم فقط، وبقي إسلامهم سرّيًّا، ثُمَّ تخلّصوا من هذه الأحكام الجائرة.
الاسلام في تتارستان في زمن روسيا القيصريّة
شهد القرن التّاسع عشر عددًا من القوانين التي تحدُّ من انتشار الدّعوة الإسلاميّة، وكان القانون الجنائيُّ الرّوسيُّ يُعاقب كلّ شخص يتسبّب في تحويل أيِّ روسي إلى الاسلام بالأشغال الشّاقّة، وبقيت الدّعوة إلى الاسلام في تتارستان سرّيّة حتّى صدور قانون حرّيّة الأديان، وظهر المسلمون الجُدد إلى العلن، وكان عددهم حوالي ثلاثة وخمسين ألفًا.
الصّوفيّة في تتارستان
غالبًا ما يُعتقد أنّ الصّوفيّة ليست إحدى طوائف الاسلام في تتارستان المنتشرة مقارنة مع الطّائفة السّنّيّة، وفي الحقيقة تتمتّع المدرسة الصّوفيّة التّقليديّة التّتاريّة بإمكانيّات كبيرة في العمل ضدّ التّطرّف وتعزيز أفكار الإنسانيّة، وتعزيز الحوار بين الثّقافات، والصّوفيّة جزء لا يتجزّأ من الإسلام الرّوسيّ التّقليديّ، ويوجد الكثير من التّقاليد الصّوفيّة المنتشرة بين المسلمين في منطقة الفولغا، وشمال القوقاز.
يوجد العديد من علماء الصّوفيّة الكبار في تتارستان ومنهم: زين الله إيشان راسولف، إمام شامل، شهاب الدّين مرجاني، تاج الدين يالشيغول، محمود أفندي، جابراخيم عتيز إمياني، سيف الله قاضي، غالمجان بارودي، سعيد أفندي، كورسافي، كونتا حاجي. ولطالما كان ممثّلوا الصّوفيّة الرّوسيّة الجزء الأكثر تقدُّميّة ووطنيّة في المجتمع المسلم.
- المراجع
- http://www.dawahskills.com/ar/torchbearers/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86/
- https://www.alukah.net/world_muslims/0/58176/
- https://realnoevremya.com/articles/2625-mufti-of-tatarstan-about-the-concept-of-islam-and-tatar-world