تُثير قضية القتل الرحيم جدلاً واسعاً فى العالم بين تجريمه وتشريعه، فهناك من يراه أنه مساعدة على الانتحار وهناك من يراه حرية فردية، بينما انطلقت العديد من المبادرات لإلغاء عقوبة القتل الرحيم فى العالم؛ لذلك يجب توضيح ما هو القتل الرحيم وحجج المؤيدين والمعارضين للقتل الرحيم إضافةً إلى الدول التي تسمح به، وحكم الشريعة الإسلامية في ذلك.
ما هو القتل الرحيم
قد يُقرّر الطبيب الذي يعالج المريض في حال معاناة المريض الشديدة بشكل قانوني عدم إطالة أمد الحياة، كما أنّه قد يُعطيه بعض الأدوية المُخدِّرة التي تخفّف عنه الألم، الأمر الذي يُؤدّي إلى تقصير حياته.
لا يوجد حكم مُحدّد للموت الرحيم في معظم النظم القانونية؛ حيث إنّه يُعتبر قتلاً إذا قام به شخص آخر أو انتحاراً إذا قام به المريض نفسه، أما في أواخر القرن العشرين كانت لعدّة دول أوروبيّة أحكام خاصة في قوانينها الجنائية الأمر الذي أدّى إلى إصدار أحكامٍ مُتساهلة، والنظر أيضاً في المُحاكمات المُتعلّقة بتهمة القتل الرحيم.
وتتعدد تصنيفات القتل الرحيم الرئيسية إلى:
- القتل الرحيم الطوعي: أجريت المُوافقة على الموت الرحيم في عام 2009م؛ حيث كان قانونياً في هولندا، وبلجيكا، وسويسرا، ولوكسمبورغ، وولاية أوريغون في الولايات المتحدة، وواشنطن.
- القتل الرحيم غير الطوعي: يتم القتل الرحيم دون موافقة؛ حيث يُتّخذ هذا القرار من شخص آخر، وذلك لأنّ المَريض غير قادر على القيام بذلك بنفسه.
أمّا من حيث الإجراء، فإن تصنيفات القتل الرحيم كالتالي:
- القتل الرحيم السلبي: يكون على سبيل المثال من خلال وصف الطبيب جرعاتٍ مُتزايدة من أدوية المسكنات القوية مثل الأفيونيات، والتي تكون في بعض الأحيان سامّةً للمريض، واختلف البعض ما إن كان هذا قتل رحيم أم لا، حيث يدعي الكثيرون بأنّه لا يُسمّى القتل الرحيم السلبي، وذلك لأنّها لا توجد للطبيب نيّة بإنهاء حياة المريض.
- القتل الرحيم النشط: هو الإجراء الذي يؤدّي إلى إنهاء حياة المريض؛ فقد ينهي المريض حياته بنفسه أو قد يقوم بالمهمّة شخص آخر.
اقرأ أيضا: أمراض نفسية تؤدي إلى القتل
حجج مؤيدي القتل الرحيم
يؤيد القتل الرحيم الأشخاص الّذين يعانون من مرض مزمن، كما يَحثّ مؤيدو الحق في الموت الأشخاص الذين يعانون من حالة مستعصية أو مؤذية، أو تنكسية على الموت بكرامة؛ حيث إنّ هذه المبررات تُقدّم من قبل المتضرّرين من رعاية المريض أو من أفراد الأسرة، فالعبء والحمل الذي يُقدّمه الراعي هائل ويُغطّي مختلف المجالات العاطفية، والمالية، والجسدية، والعقلية، والاجتماعية.
ويعترف القانون بالحقّ في رفض العلاج الطبي، والعلاج الذي يطيل من الحياة، مثل المريض الذي يُعاني من سرطان الدم؛ حيث إنّه من الممكن أن يرفض العلاج، أو أن يمتنع عن التغذية من خلال أنبوب أنفي معدي؛ فالاعتراف بالحق في رفض العلاج الطبي يُعطي وسيلةً للقتل الرحيم السلبي.
كما أنّ هناك الكثير من الأشخاص الّذين يُجادلون في إنهاء الحمل قبل الأسبوع السادس عشر ويعتبرونه شكلاً من أشكال الموت الرحيم غير الطوعي النشط، وتمت مُناقشة هذه القضية عندما قُتل الأطفال المشوّهين في هولندا.
حجج معارضي القتل الرحيم
يقول المعترضون على القتل الرحيم إنّ اختيار حق الموت بكرامة يؤدّي إلى استبعاد الأشخاص الذين يعانون من أمراض مُستعصية ومهينة من مجتمعنا المتحضر.
لذا، يجب على الرعاية الصحيّة أن توفّر الإغاثة من الألم، وتمنع الإصابة بالأعراض المؤلمة والصعبة، ومن ثمّ يتم تقديم الرعاية الطبية والصحيّة والحيوية؛ فأصحاب هذا الاعتقاد يُؤمنون بأنّ الرعاية الطبيّة المخففّة للألم لدى الشخص المتحضّر أولى من قتله.
كما أنّ بعض المُعترضين على الموت الرحيم يعتقدون بأنّ الذين يطالبون بأن يموتوا موتاً رحيماً هم في الحقيقة يحاولون الانتحار؛ كالمرضى الذين يُعانون من الاكتئاب والفصام، واضطراب الوسواس القهري، والّذين يَستخدمون المواد المخدّرة؛ لذلك يجب تقييم الحالة العقليّة للفرد الذي يسعى إلى القتل الرحيم؛ لأنّ محاولة الانتحار هي حالة نفسيّة وعَلامة من علامات المَرض العقلي.
اقرأ أيضا: تعريف علم البيوتيقا
الدول التي تسمح بالقتل الرحيم
وفي عام 2009 اعترفت المحكمة العليا لكوريا الجنوبية بـ “الحق في الموت بكرامة” في قرارها بالموافقة على طلب أسرة لامرأة تعاني من موت الدماغ أن تتم إزالة أنظمة دعم الحياة عنها، وفي السنوات الأخيرة، انضمت كندا، ونيوزلندا، وأسبانيا إلى قائمة الدول التي تسمح بالقتل الرحيم.
حكم القتل الرحيم في الإسلام
يُعتبر قيام بعض الأطباء بمساعدة المرضى على إنهاء حياتهم أو ما يُسمونه بالقتل الرحيم أمراً مخالفاً لتعاليم الإسلام، لأنه قتل للنفس التي حرّم الله، وهذا يدل على اليأس من الشفاء وهو قنوط من رحمة الله تعالى.
كما أنّ أهل العلم أجمعوا على أنّ من طلب من شخص أن يقتله لا يجوز له فعل ذلك وإن فعل كان قتلاً عمداً؛ حيث إنّ الإنسان الذي يُقدم على هذا الطلب يخشى أن يكون قلبه قد خلا من الإيمان بالله تعالى.
اقرأ أيضا: أحاديث عن القتل