معنى آية ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة

يهتم الكثيرون بمعرفة معنى آية ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة الواردة في سورة لقمان، وتفسيرات العلماء لها حيث تدلّ هذه الآية، مثل غيرها من الآيات القرآنية الكثيرة، على عظيم قدرة الله في خلقه جميع الخلائق وبعثهم دفعةً واحدة، فهو القوي القادر الذي لا يعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء.

معنى آية ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة

معنى آية ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة

إنّ معنى آية ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير أنّ الله تعالى يخاطب الناس ويخبرهم بأنّ خلقهم وبعثهم عليه ما هو إلّا كخلق نفس واحدة وبعثها، فهو لا يتعذّر عليه شيءٌ أراده، ولا يمتنع منه شيءٌ شاءه، فخلق الواحد والجميع سواء.

وقد نقل القرطبي عند تفسيره لهذه الآية قول الضحّاك حيث فسّر المعنى بأنّه ابتداء خلق جميع الناس هو كخلق نفس واحدة، وما بعثهم يوم القيامة إلّا كبعث نفس واحدة، وعن مجاهد قال أنّ الله تعالى قادر على ذلك لأنّه يقول للقليل والكثير كن فيكون.

أمّا عن سبب النزول فقيل أنّ جماعة من الكفّار ومنهم أُبي بن خلف قالوا لرسول الله: إنّ الله تعالى قد خلقنا أطوارًا، نطفةً ثمّ علقةً ثمّ مضغة ثمّ عظامًا، ثمّ تقول إنّا نُبعث جميعًا في ساعةٍ واحدة! فأنزل الله تعالى: ما خلقكم ولا بعثكم إلّا كنفسٍ واحدة، فالله تعالى لا يصعُب عليه ما يصعُب على العباد، وخلقه للعالم كخلقه لنفسٍ واحدة، وهو سميع لما يقولون وبصير بما يفعلون.

وفي تفسير السعدي أنّ الله تعالى بعد أن ذكر سعة علمه بيّن عظمة قدرته وكمالها وأنّ ذلك لا يمكن أن يتصوّره العقل، فخلق الناس وبعثهم يحيّر العقول، ولكنّ هو على الله هيّن فخلق جميع الخلق على كثرتهم وبعثهم بعد موتهم وتفرقتهم بلمحة واحدة ما هو إلّا كخلق نفسٍ واحدة، فلا حجة في استبعاد أمر البعث والنشور، والجزاء والمحاسبة على الأعمال، وما يُنكر ذلك ويجحده إلّا إنسان جاهل بعظمة الله وقوته وقدرته.

وفي روح المعاني للألوسي أنّ خلق جميع النفوس وبعثها هو كخلق نفسٍ واحدة وبعثها في سهولة التأتي بالنسبة لله -عزّ وجلّ- فهو لا يشغله شأنٌ عن شأن، فسبب وجود الكل متعلّق بإرادته الواجبة سبحانه، أو قوله للشيء كن فيكون، فهذا راجع إلى قدرته الذاتية -جلّ وعلا- فالخلق والبعث بالنسبة له لا يحتاج إلى آلة ولا وسيلة، فذلك يحدث مباشرةً بدون واسطة فهو لا يختلف عنده الواحد والكثير كاختلافهم عند العباد.

وقد ذكر البقاعي في تفسيره المسمّى نظم الدرر أنّ الله تعالى قد اختتم الآية السابقة لقوله تعالى: ما خلقكم ولا بعثكم إلّا كنفسٍ واحدة، بذكر صفتين من صفاته وهو أنّه عزيزٌ حكيم، وكان ذلك بعد الحديث عن كمال قدرة الله على الإبداع من غير انتهاء، فذكر بعض آثار هذا الإبداع في هذه الآية وهي قضية البعث.

وقد جاء الحديث عن الرجوع إلى الله في أكثر من موضع من سورة لقمان، فهذا هو أحد مقاصد هذه السورة الكريمة، ومعنى “ما خلقكم”، أي: خلقكم كلكّم في عزّته وحكمته كخلق النفس الواحدة، وقد تمّ تكرار أداة النفي مع الخلق والبعث، حيث قال تعالى: “ولا بعثكم”، والمعنى جميعكم أيضًا، ومعنى “إلّا كنفس”، أي: كبعث نفس، وقد بيّن سبحانه الأفراد تحقيقًا للمراد، وتأكيدًا للسهولة واليُسر فقال تعالى: “واحدة”، أي فردًا واحدًا.

وقال ابن كثير أنّ معنى قوله تعالى: ما خلقكم ولا بعثكم إلّا كنفسٍ واحدة، أي: ما خلق جميع الناس وبعثهم يوم المعاد بالنسبة إلى قدرته سبحانه إلّا كنسبة خلق نفس واحدة، فجميع ذلك هيّن عليه -جلّ وعلا-.

ومن الآيات التي تدلّ على هذا المعنى، قوله تعالى في سورة يس: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}، وقوله في سورة القمر: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}، وقوله في سورة النازعات: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ}، فالأمر بالشيء يكون مرّة واحدة ولا يحتاج إلى تكرار وإعادة وتوكيد.

ولهذا خُتمت الآية بقوله: إنّ الله سميعٌ بصير، أي أنّ الله تعالى سميع لجميع العباد بصير بأفعالهم كسمعه وبصره للنفس الواحدة، وكذلك الأمر بالنسبة لقدرته.

اقرأ أيضا: معنى آية والله يحكم لا معقب لحكمه

فوائد من آية ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة

اقرأ أيضا: معنى آية هل جزاء الاحسان الا الاحسان

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version