يبقى الإنسان في حياته ضعيفاً يحتاج إلى عنايةٍ ورعايةٍ، تُعينه على تخطّي مصاعب الحياة وابتلاءاتها، ومن أفضل ما يعينه ويؤويه في أيّ مشاقٍ يواجهها صلاح الحال مع الله سبحانه وتعالى؛ لذلك من أكثر الأسئلة التي يحتاج الكثيرون إلى إجابةٍ عنها سؤال “ كيف أصلح حالي مع الله؟ ”
كيف أصلح حالي مع الله؟
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جوفِ أحدِكُم كمَا يَخْلَقُ الثوبَ، فاسألُوا اللهَ تعالى: أنَّ يجددَ الإيمانَ في قلوبكُم)، لذلك فعلى المسلم أن يبحث في كيفية إصلاح صلته بين ربه، بين وقتٍ وآخرٍ، والأعمال التي قد يأتيها المسلم لتجديد الإيمان، والصلة بالله كثيرةٌ جدّاً.
وفيما يأتي إجابة عن سؤال ” كيف أصلح حالي مع الله؟ ” بالتفصيل:
- تقوى الله -تعالى- على الدوام، والتقوى كما عرّفها ابن مسعود: أن يُطاع الله فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، وأن يشكر فلا يكفر، وورد سوى ذلك الكثير من التعريفات للتقوى، والتقوى وصيّةٌ صالحةٌ للأولين والآخرين، في كلّ زمانٍ ومكانٍ، ولقد أوصى الله -تعالى- بها في مواضعٍ كثيرةٍ في القرآن الكريم، منها قوله: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ).
- معرفة الله تعالى، بأسمائه، وصفاته، وأفضاله المستمرّة على العباد، فكلّما تعرّف العبد على ربّه أكثر، استشعر قربه في سائر أوقاته؛ في الضيق والكرب، وفي كلّ أحواله.
- تأدية الصلاة بأركانها، والحرص على الخشوع فيها، فهي أعظم أركان الإسلام، كما أنّها أساس صلة العبد بربّه، وفي إتقان الصلاة بأركانها واطمئنانها، وخشوعها، وصولٌ للعبد دون شكّ إلى مزيدٍ من تحقيق الإيمان في القلب، وتحسين الصلة بين العبد وربّه.
- المداومة على قراءة القرآن الكريم، وحُسن تدبّره، فهو كلام الله تعالى، وفيه شفاءٌ لأمراض القلوب المستعصية، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ)، فالإنسان مهما شاء أن يتقرّب إلى الله سبحانه، إلّا أنّ أوْلى ما يتقرّب به هو تلاوة كلامه، وفهمه، وتدبّره.
- ذكر الله تعالى، فإنّ الفرق بين الذاكر والغافل؛ كالفرق بين الحيّ والميّت، والذاكر لله -تعالى- في الأرض، مذكورٌ عند الله -سبحانه- في السماء، وقد جاءت الوصايا بالذكر كثيرةٌ جداً، حيث قال الله تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)، وقال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- موصياً أحد السائلين: (لا يزالُ لسانُكَ رَطْباً مِن ذِكْرِ اللهِ).
- قيام الليل، فهو من أعظم ما يستعين به المسلم على تجديد إيمانه، وتحسين الصلة بينه وبين ربّه.
حاجة العبد إلى ربه
والأمر الثاني الذي يكرّس مفهوم العبودية، وفضلها على الإنسان، إدراك الإنسان لفقره وضعفه وحاجته، فالإنسان يبقى ضعيفاً جداً، مهما بلغ ماله وجاهه، فلا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعاً.
يقول الله تعالى: (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ) وإنّ ذلك ما يؤكّد ضعفه وقلّة حيلته.
ويجمع ابن القيّم -رحمه الله- بين الأمرين: عظمة الإله، وضعف الإنسان، فيقول: (مَنْ كملت عظمة الحقّ تعالى في قلبه؛ عظمت عنده مخالفته؛ لأنّ مخالفة العظيم، ليست كمخالفة مَنْ هو دونه، ومَنْ عرف قدر نفسه وحقيقتها وفقرها الذاتي إلى مولاها الحقّ، في كلّ لحظةٍ ونَفَسٍ، وشدة حاجتها إليه؛ عظمت عنده جناية المخالفة لمن هو شديد الضرورة إليه، في كلّ لحظةٍ ونَفَسٍ).
اقرأ أيضا: تجربتي في ذكر الله
آثار صلاح الحال مع الله
إذا كان العبد من أهل الله، وممّن رضي عنهم، نال بذلك فلاح الدنيا والآخرة، وفيما يأتي بيان بعض ثمرات صلاح الحال مع الله:
- الهداية للحق، فإنّ المجاور لربّه، المستمسك بطريقه، يحميه الله -تعالى- عن الفتن والمحن، ويهديه إلى الصراط المستقيم، التي هي أجلّ النعم وأفضلها على العبد.
- الحياة الطيبة، فلا تكون الحياة طيبةً هانئةً، إلّا لمن جاور الله تعالى، واتّصل به، حيث قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَو أُنْثَى وَهُو مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً).
- الولاية، فإنّ الله ولي المؤمنين، ومن كان الله وليّه، أخرجه من الظلمات إلى النور، حيث قال الله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، وهداه الصراط المستقيم، حيث قال الله أيضاً: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
- الرزق الطيب المبارك، فإنّ محق البركة وقلّة الرزق يعودان إلى الذنوب والمعاصي، والله تعالى يقول: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).
- النصر على الأعداء، فإنّ التمكين الذي وعد الله عباده به، قرنه مع حسن أفعالهم، واتصالهم بربهم، حيث قال: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
اقرأ أيضا: من الصفات التي يحبها الله ورسوله