معنى آية لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون

إنَّ نعيم الجنة لا يُشبه نعيم الدنيا ومُتع الأرض لا تُشبه متع الحياة الآخرة، وقد تشترك بعض المصطلحات في لفظها وتختلف في معانيها في الحديث عن نعيم الجنة فمثلًا لبن الجنة وخمرها ليس كلبن الأرض وخمرها، ومن ذلك قوله جلَّ وعلا في سورة الصَّافات في حديثه عن وصف الخمر في الجنة: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ}، ويتساءل الكثيرون عن معنى آية لا فيها غول ولا هم ينزفون وما تشتمل عليه من فوائد قرآنية.

معنى آية لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون

معنى آية لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون

إنَّ معنى آية لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون أي أنَّ خمر الجنة ليست كخمر الأرض، إذ إنَّ خمر الأرض يُذهب العقول ويعلُّ الجسم ولكنَّ خمر الآخرة ليس كمثله شيء بل هو أبعد ما يكون عن خمر الدنيا فلا يذهب العقل ولا يفقد بها الإنسان رشده.

يُرا بالغول ما يؤذي الإنسان من المكاره واعتادت العرب أن تقول عن المرء إذا أُصيب بمكروهٍ غال هذا الرجلُ غولٌ، ومال بعض المفسرين إلى معنى كلمة غول أي صداع إذ إنَّ خمر الدنيا يُصيب الإنسان بألمٍ في الرأس وصداع لكنَّ خمر الآخرة ليس كذلك.

وقال آخرون في معنى لا فيها غولٌ أي خمر الجنة خالٍ من الأذى الذي يتسبب بآلامٍ في البطن، فمن المعروف أنَّ خمر الدنيا يُورث الآلام والأسقام في البطن.

ومعنى لا فيها غولٌ أي أنَّ خمر الجنة خالي من الأضرار التي قد تُفسد حياة الإنسان وتلحق به الأذى كما خمر الدنيا، وقال ابن أبي حاتم في ذلك أي إنَّ خمر الجنة لا تغول عقولهم من السكر وتأثير الخمر، ومن المعروف أنَّ خمر الدنيا نتنٌ فيه من الآفات الشيء الكثير وذلكٌ منفي عن خمر الآخرة كما أخبر الله تعالى ذلك في سورة الصافات، وقد وردت كلمة غول في شعر القدماء، فقال امرؤ القيس: ربَّ كأسٍ شربتُ لا غولَ فيها وسقيتُ النَّديم منها مزاجا.

وذهب كلٌّ من مجاهد وابن جبير وابن زيد إلى أنَّ تفسير الآية هو الألم في البطن، فخمر الجنَّة لا تُسكرهم وتُذهب عقولهم كما خمر الدُّنيا، فخمر الدُّنيا لا يقتصر أذاها على العقل فقط بل يتعدى ذلك الأذى إلى الجسد.

ومن نعيم الله -تعالى- على أهل الجنة أن جعل لهم خمرًا لذيذًا غير مؤذٍ يشربونه في مجالسهم، ويكون ذلك الخمر من أنهار تجري أمامهم بيضاء اللون لا يخافون انتهاءها ولا تُورِّثهم أي مكروه لا على عقولهم ولا على أجسادهم، فكلُّ ما في الجنة هو من نعيمها سواء كانت تلك المجالس أو الخمرة أو المشارب أو غيرها مما أعده الله لعباده الصالحين.

وقال الكلبي في معنى غول أي ذنبٌ وإثم، واتفق أهل المعاني على أنَّ الغول هو المكروه والفساد الذي يُصيب الإنسان في السر والخفاء، عدا عن المكاره التي تُورثها خمر الدنيا من الأسقام والأمراض والقيء وكثرة التبول واعتلال الجسم وضعف العقل، فهي لا تغتال العقول فتذهب بها.

وقد يكون الغول هو المرض والإرهاق والتعب، وقيل هو الداء أو المغص الذي يُؤلم البطن،  ومن اللافت أنَّ الله تعالى قد قدَّم الجار والمجرور {لا فيها غولٌ}، وفي ذلك بيان إلى أنَّ الله نفى الغول عن خمور الجنة نفيًا قاطعًا وأثبته على غيرها من الخمور، فهو -جلَّ في علاه- قصرَ عدم الضرر على خمر الجنة فقط، ولو قال لا غول فيها لاشترك غير خمر الجنة في ذلك -أي في عدم الضرر- والله في ذلك جميعه هو أعلى وأعلم.

اقرأ أيضا: معنى آية فالزاجرات زجرا

فوائد من آية لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون

إنَّ كلَّ آيةٍ من آيات الله لا بدَّ أنها تحمل الكثير من الثمرات التي يصطفيها المؤمن بتأمل آيات كتاب الله العظيم، وتأمل الآيات عبادة إذ يعبد المرء بذلك ربه عن تعقل وتفكر وفهم لا عن عادة كما بات الكثير من الناس، ومن أبرز الثمرات المستفادة من آية لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ما يأتي:

اقرأ أيضا: معنى آية اقترب للناس حسابهم

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version