آية لا تقنطوا من رحمة الله ذكرت في سورة الزمر وهي سورة مكية ورقم الآية 53، وهي من آيات الرجاء وتبين مدى رحمة الله تعالى وعفوه عن عباده ووده. وفي هذا المقال سوف نذكر تفسير الآية في المختصر في التفسير والتفسير الميسر والإمام السعدي، كما سنذكر أسباب نزول الآية الكريمة وإعرابها.
معنى آية لا تقنطوا من رحمة الله
فسر الله هذه الآية بتفسيرات مختلفة، وفيما يلي نذكر تفسير الرؤية عند مختلف العلماء:
تفسير الآية في المختصر في التفسير
قل يا محمد لمن تجاوزا الحد على أنفسهم بالإسراف في المعاصي والشرك بالله تعالى ألّا ييأسوا من رحمة الله ومن مغفرته للذنوب، إن الله يغفر جميع الذنوب صغيرها وكبيرها لمن تاب إليه ورجع بصدق. هو الغفور لذنوب العباد التائبين الرحيم بهم.
تفسير الآية في التفسير الميسر
قل يا محمد لعبادي الذين أسرفوا في المعاصي وتمادوا في إتيان الذنوب والمحرمات ألّا ييأسوا من رحمة الله بسبب كثرة ذنوبهم، إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب بصدق ورجع عن أفعاله مهما عظمت. إنه هو الغفور لعباده التائبين الرحيم بهم.
تفسير الآية عند الإمام السعدي
يخبر الله تعالى عباده المسرفين بسعة كرمه، ويحثهم على التوبة والرجوع إليه قبل ألّا يمكنهم ذلك فقال: {قُلْ} يا أيها الرسول، مخبرًا للعباد عن ربهم: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ } باتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب، { لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} أي: لا تيأسوا منها، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها، فتصروا على المعاصي بسبب ذلك، ويزداد عليكم غضب الله، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعًا كبيرها وصغيرها من الشرك، والقتل، والزنا، والربا، والظلم، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار. {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} أي: وصفه المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان، ولم تزل آثارهما سارية في الوجود، مالئة للموجود، فهلم إلى مغفرة الله وسعى كرمه وجوده وفضله على عباده، وهلموا إلى الطريق الأعظم.
معاني المفردات
- أسرفوا: تجاوزا الحد في إتيان المعاصي.
- لا تقنطوا: لا تيأسوا.
- إعراب الآية:
- قل: فعل أمر مبني على السكون والفاعل مستتر.
- أسرفوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.
- تقنطوا: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف حرف النون.
- الذنوب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره لأنه جمع تكسير.
- إنه: إن حرف ناسخ والهاء اسمها.
- الغفور: خبر إن مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
- الرحيم: خبر ثان مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
اقرأ أيضًا: معنى آية لا تخف ولا تحزن إنا منجوك
سبب نزول الآية
ذكر العلماء أسباب نزول هذه الآية من سورة الزمر، وفيما يلي نذكر أسباب النزول:
- قال عبد الله ابن عمر رضي الله عنه: نزلت هذه الآية في عياش بن [أبي] ربيعة، والوليد بن الوليد، ونفر من المسلمين كانوا أسلموا، ثم فتنوا، وعذبوا، فافتتنوا؛ فكنا نقول: لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدا ، قوم أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوا به . فنزلت هذه الآيات. وكان عمر كاتبا، فكتبها إلى عياش بن أبي ربيعة، والوليد بن الوليد، وأولئك النفر، فأسلموا، وهاجروا.
- عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه قال : لما اجتمعنا إلى الهجرة أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل، قلنا: الميعاد بيننا المناصف – ميقات بني غفار – فمن حبس منكم لم يأتها فقد حبس فليمض صاحبه. فأصبحت عندها أنا وعياش وحبس عنا هشام وفتن فافتتن، فقدمنا المدينة فكنا نقول : ما الله بقابل من هؤلاء توبة، قوم عرفوا الله ورسوله، ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا. فأنزل الله تعالى : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) إلى قوله : (أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) قال عمر: فكتبتها بيدي، ثم بعثت بها (إلى هشام)، قال هشام : فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى، فقلت : اللهم فهمنيها، فعرفت أنها أنزلت فينا، فرجعت، فجلست على بعيري، فلحقت برسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
مقاصد سورة الزمر
- سورة الزمر تسمى أيضاً سورة (الغُرَف) كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه. وفي “تفسير القرطبي” عن وهب بن منبه، أنه سماها سورة (الغُرَف) وتناقله المفسرون. وسبب ذلك؛ أنها ذُكر فيها لفظ (الغرف)، أي بهذه الصيغة دون الغرفات، في قوله تعالى: {لهم غرف من فوقها غرف} (الزمر:20).
- مقصدها هي علاج قضية التوحيد ومحاربة الشرك ونفي كل شبهة تشوه هذا المقصد.
- دلالة على صدق الله تعالى وتنفيذ وعده، كما ذكر حال المؤمنين والكافرين في الدار الآخرة.
وبذلك نكون قد ذكرنا معنى آية لا تقنطوا من رحمة الله في كل من التفسير الميسر والمختصر في التفسير، كما ذكرنا أسباب نزول الآية وإعرابها ومقصدها.