معنى آية يخرج من بين الصلب والترائب

تُعتبر سورة الطارق المباركة من السور القرآنية الجامعة، وذلك بسبب ما تعرضه من حقائق كونية هامة بدقة شديدة تجعل الغافلين ينتبهون ويستيقظون من غفلتهم؛ لذلك يجب التعرف على جميع معاني آيات سورة الطارق، وبخاصة معنى آية يخرج من بين الصلب والترائب.

معنى آية يخرج من بين الصلب والترائب

معنى آية يخرج من بين الصلب والترائب

قال الله تعالى في سورة الطارق: “فلينظرْ الإنسانُ مم خُلِق * خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ”، وقد قال العلماء أن المقصود بقوله تعالى فلينتظر الإنسان مم خُلق هو تذكير الإنسان بطريقة خلقه حتى يعتبر وينتبه من الغفلة، ويدرك أن الخالق الذي خلقه ابتداءً قادرًا على بعثه، ومن ثم إحيائه مرة أخرى؛ لذلك لا بد من الاستعداد والتجهز ليوم الحساب.

يُقصد بقوله تعالى: “خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ”، أن أصل خلق الإنسان هو الماء الدافق، و معنى آية يخرج من بين الصلب والترائب أي أن هذا الماء يتدفق بين صلب الرجل، والمراد بالصلب أي الظهر، أما الترائب، فهناك اختلاف بين العلماء في تحديد معناها، فقيل إن الترائب يُراد بها موضع القلادة من صدر المرأة، وقيل الترائب هي ما بين المنكبين والصدر، كما قيل أن الترائب هي عصارة القلب.

ومعنى الماء الوارد في الآية أي النطفة التي تخرج من بين الصلب والترائب أي من صلب الرجل وترائب المرأة أو مائها، وهو ما أثبته العلم الحديث بعد 1400 سنة على نزول الآية الكريمة.

اقرأ أيضا: تفسير سورة الطارق للأطفال

معاني آيات سورة الطارق

افتتح الله سورة الطارق بقوله: “وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ* وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ* النَّجْمُ الثَّاقِبُ* إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ” أي أن السورة مُستهلَّة بالقسم، وكان القسم بالسماء على غرار سورة الانفطار، والانشقاق، والبروج، وذلك بسبب أن السماء وما تشتمل عليه من نجوم وشهب، وغير ذلك من آيات كونية، من أعظم الدلائل على عظيم خلق الله تعالى، واستحقاقه للإفراد بالعبادة.

أقسم الله تعالى بالطارق، والمقصود بالطارق أي النجم المُضيء في الليل المظلم، وهو ما فُسّر في الآية الثالثة بقوله تعالى: “النَّجْمُ الثَّاقِبُ” أي أن كل ما يظهر في ظلمات الليل يُسمى طارقًا.

جاء بعد ذلك جواب القسم وهو قول الله تعالى: “إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ” أي أن الله أوكل لكل نفس بشرية حافظ ورقيب، والحافظ هو المَلك الذي أمره الله تعالى بتدوين أعمال النفس البشرية وإحصائها، كما يُراد بالحافظ أيضًا الملائكة التي تحفظ الإنسان وتحميه.

لما أقسم الله تعالى بالسماء والنجوم، جاء التأكيد على أن لكل نفس رقيبًا وحفيظًا؛ لذلك يجب على المسلم الحرص على أن ينتبه إلى جميع أقواله وأفعاله؛ لأن الملائكة تُراقبها وتُسجله، وأن الله الذي خلق السماء والنجوم سيحاسبه على تلك الأعمال، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.

تشتمل آيات سورة الطارق بعد ذلك على استفهام في قوله تعالى: “فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ* يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ” وهي دعوة للتفكير في النشأة والخلق، وقد أجاب الله على الاستفهام، بأنه خلق الإنسان من ماء دافق يتدفق من أصلاب الرجال وينصب في أرحام النساء، ومن هذا الماء يتكون الجنين.

تتابع الآيات، حيث يقول الله تعالى: “إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ* يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ* فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ” للتأكيد على أن الله الذي خلق الإنسان، قادر على إعادته مرة أخرى في اليوم الذي تظهر فيه جميع السرائر، ولا يتأتى للإنسان عندها أن يُنكر أي فعل فعله، أو قول تقوّل به؛ لأنه في ذلك اليوم يكون متجردًا من قوته، وليس معه من يعينه أو يدفع عنه العذاب.

تناولت الآيات التالية لذلك صدق وعظمة القرآن الكريم، حيث قال تعالى: “وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ* وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ* إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ* وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ”، فأعاد الله تعالى القسم بالسماء مرة أخرى، وهذه المرة بأن وصفها بأنها ذات الرجع أي المطر الذي يرجع إلى السماء مع كل موسم، فينزل إلى الأرض، ومن ثم يتبخر، ويعود إلى السماء ليجتمع كمطر ينزل مرة أخرى إلى الأرض.

أقسم الله تعالى بالأرض ذات الصدع أي الشقوق التي تتصدع بعد نزول المطر لإخراج النبات، ومن ثم جاء جواب القسم بقوله تعالى: “إنّه لقول فصل”، ويعود الضمير على القرآن الكريم؛ لأنه يفصل بين الحق والباطل، كما أن الكتاب الذي لا هزل فيه، فكله صدق، وجد.

اختتم الله سورة الطارق بقوله تعالى: “إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً* فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً”، فتحدث الله تعالى عن الكافرين الذين ينكرون صدق القرآن الكريم، ولم يكتفوا بذلك، بل أنهم حاكوا المكائد؛ لإعراض الناس عن التصديق بكلام الله، ولكن الله قابل مكيدتهم بمكائد أكبر، فأمهلهم وأمر نبيه بتركهم رويدًا وعدم الاستعجال بهلاكهم؛ لأن الله سينتقم منهم شر انتقام.

في نهاية سورة الطارق تصبير للمؤمنين وتأكيد على رعاية الله لهم وتولي أمرهم، كما تشتمل الآيات على تهديد ووعيد للكافرين؛ لأنه مهما بلغ كيدهم، لكنه في نهاية الأمر ضعيف أمام عظمة وجبروت الله تعالى.

اقرأ أيضا: آيات عن الظواهر الكونية

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version