يتساءل الكثير من المسلمين عن معنى آية الكرسي حيث تُعتبر هذه الآية المباركة هي أعظم آي القرآن الكريم، وقد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة ليلًا؛ فأمر رسول الله زيدًا بن ثابت بكتابتها، كما ذكر محمد بن الحنفية أنه عندما نزلت هذه الآية سقطت الأصنام، وخرّ الملوك، وتساقطت التيجان عن رؤوسهم، وفرّت الشياطين يضرب بعضها بعضًا حتى أخبروا إبليس بالأمر؛ فأمرهم أن يتحققوا من ذلك، فجاءوا إلى المدينة المنورة، فوجدوا الآية قد نزلت بالفعل.
معنى آية الكرسي
اشتملت آية الكرسي المباركة على أجل المعاني التي يدعو إليها الإسلام، وهو توحيد الله تعالى وإقرار صفاته العُلا، وقد قال عنها الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: آية الكرسي هي أشرف آية في القرآن الكريم، وفيما يأتي بيان معنى آية الكرسي بالتفصيل:
قال الله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ)؛ سمى الله تعالى نفسه بالحي، والمراد بالحي أي الباقي الذي لا يموت، وقيل أن الله حيٌ أي يُصرّف الأمور مصاريفها، ويُقدّر الأشياء مقاديرها، أما معنى القيوم أي الذي لا يحول ولا يزول، بينما عرّف الحسن معنى اسم الله القيوم بأنه القائم على كل نفسٍ بما كسبت؛ لكي يجازيها عملها، فهو الأعلم بشئون خلقه، فلا يخفى عليه شيء.
قيل عن الحي القيوم بأنه الاسم الأعظم الذي إذا دُعي الله به أجاب، وقد كان نبي الله عيسى عليه السلام يقول عند إحياءه للموتى بإذن الله: (يا حيّ يا قيّوم)، كما ورد أن نبي الله سليمان عند أراد عرش بلقيس ملكة سبأ قال: (يا حيّ يا قيّوم)، ودعاء أهل البحر إذا ما خافوا الغرق: (يا حيّ يا قيّوم).
قال الله تعالى: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ)؛ تتضمن الآية الكريمة نفيًا للسِنة، وهي النعاس في العين، أما النوم، فهو الذي يزول معه الذهن، وذلك عند البشر، والمراد بالآية أن الله تعالى لا يُصيبه خلل، ولا يُلحقه ملل بأي حال من الأحوال.
قال الله تعالى: (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ)؛ والمقصود من ذلك إثبات صفة الملك لله تعالى، فهو رب كل شيءٍ ومليكه، أما قوله تعالى: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ)؛ ففيه إشارة إلى أن الله تعالى أذن لأنبيائه وملائكته والمجاهدين في سبيله بالشفاعة لمن ارتضى لهم أن يكونوا شفعاء، فيشفعون لمن أُدخلوا النار.
قال الله تعالى: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ )؛ أي أنه يعلم ما في الدنيا وما في الآخرة، (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ): أي أنه لا يستطيع أحدٌ أن يعلم شيئًا إلا ما أراد الله له أن يعلمه، وفي ذلك يقول الخضر عليه السلام لنبي الله موسى عندما نقر عصفورٌ في البحر: (ما علمي ولا علمك من علم الله، إلا كما نقص هذا العصفور من البحر).
قال الله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ)؛ وهناك اختلاف كبير بين العلماء في المقصود بالكرسي، فيُقال أن الكرسي هو العلم، وهذا الرأي لابن عباس والطبري، أما ابن مسعود فقد قال: أن الكرسي حقيقيٌ، وبين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام أيضًا، وبين الكرسي والعرش خمسمائية عام، بينما يرى آخرون أن الكرسي أي قدرة الله تعالى التي يمسك بها السماوات أن تقع على الأرض.
قال الله تعالى في آخر آية الكرسي: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)؛ والمقصود بلا يئوده أي لا يُثقله، يُقال آدني الشيءُ أي أثقلني وتسبب لي في المشقة، أما معنى اسم الله العلي أي القاهر الغالب للأشياء، وقالت العرب علا فلانٌ فلانًا أي قهره وغلبه، والعلو هنا للمنزلة لا علو المكان، فالله تعالى مُنزهٌ عن الاتصاف بالتحيّز، والمقصود بالعظيم أي عظيم القدر والشرف.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة البقرة
فضل آية الكرسي
تتعدد فضائل آية الكرسي، ومنها ما يأتي:
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية الكرسي عقب كل صلاة، وقد قال في حديث نبوي صحيح: (مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ، إلَّا الموتُ). (( الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : ابن حبان | المصدر : بلوغ المرام، الصفحة أو الرقم: 97 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
- جعل الله آية الكرسي حرزًا من الشياطين، والجن، والسحرة، فهي حافظةٌ لقارئها من العين، والسحر، والمس، فإذا قرأها المسلم في الصباح، حفظه الله تعالى ببركتها حتى المساء، وإذا قُرأت في المساء، حفظ الله قارئها حتى يصبح.
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية الكرسي عند النوم؛ دفعًا للشياطين.
- احتوت آية الكرسي على أسماء الله الحسني، وقيل أنها تضمنت اسم الله الأعظم، الذي إذا دُعي به أجاب.
اقرأ أيضا: سورة البقرة مكية أم مدنية