تُعد سورة الجمعة إحدى سور المُفصّل التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، وهي السورة العاشرة بعد المائة من حيث ترتيب النزول، فقد نزلت بعد سورة الصف، ونظرًا لما تمتاز به هذه السورة المباركة من خواص عديدة، فيتساءل الكثيرون عن تجربتي مع سورة الجمعة وتدبر آياتها.
تجربتي مع سورة الجمعة
يقول أحد المشايخ: تجربتي مع سورة الجمعة وتدبرها من التجارب الهامة التي أدركت من خلالها أن مقصد هذه السورة في الآيات الأربعة الأولى وهو أن معرفة الإنسان الله العزيز الحكيم وآياته، وعبادته وتسبيحه كما يسبح لله ما في السماوات والأرض هو نعمة عظيمة وفضل عظيم من الله وزكاة وخروج من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والمعرفة. ولعلها اختيرت صلاة الجمعة لأن في أداءها الخير العظيم: من اجتماع المؤمنين في مكان واحد وفي وقت محدد وفي جماعة من الناس، يلتزمون بشروط وآداب لا يصح أداؤها الا بها، وفي التجرد عن غيرها، والانقطاع عن مشاغل الدنيا من تجارة أو لهو، يسمعون آيات الله ويتعلمون الحكمة، ومشاعر الأخوّة والألفة والأمان، والانتماء للجماعة، ووحدة الدين والهدف والمصير، والإله الواحد، ويحصل لهم بذلك من الخير الكثير، ما لا يعلمه إلا الله.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الأعلى
أسرار سورة الجمعة
تعظم أسرار وخواص سورة الجمعة، فقد ورد في فضلها العديد من الأحاديث مثل ما قاله رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لعليٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن هذه السورة المباركة: “يا علىّ مَنْ قرأَها فكأَنَّما فُتح له أَلف مدينة، وعُصِم من إِبليس وجنوده، وله بكلّ آية قرأَها ثوابُ المنفِق على عياله”. (( الراوي : علي بن أبي طالب| المحدث : الفيروز آبادي | المصدر : بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، الصفحة أو الرقم: 464| خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
جاء عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “مَنْ قَرَأ سُورَةَ الجُمُعَةِ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَناتٍ بعددِ مَنْ ذَهبَ إلى الجُمعةِ من مِصْرٍ مِنْ أمْصَارِ المُسْلمينَ ومَنْ لَمْ يَذْهَبْ”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 293 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
عن عبد الله بن عباس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقْرَأُ في صَلَاةِ الفَجْرِ، يَومَ الجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، وَهلْ أَتَى علَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ، وَأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقْرَأُ في صَلَاةِ الجُمُعَةِ سُورَةَ الجُمُعَةِ، وَالْمُنَافِقِينَ. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 879 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قولُهُ: “بينما نحن نصلِّي مع النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلّم-، إذ أقبلتْ عيرٌ تحملُ طعامًا، فالتفتوا إليها، حتَّى ما بقيَ مع النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلا اثنا عشرَ رجلًا، فنزل في سورة الجمعة: “وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوكَ قائمًا”. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 2064 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
كما تُعتبر سورة الجمعة واحدة من سور المسبحات التي ورد في فضلها بعض الأحاديث الصحيحة مثل: كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يقرَأُ المسبِّحاتِ قبْلَ أن يرقُدَ، وقال: إنَّ فيهنَّ آيةً أفضَلَ مِن ألفِ آيةٍ. (( الراوي : العرباض بن سارية | المحدث : أبو داود | المصدر : سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 5057 | خلاصة حكم المحدث : صالح ))
أتى رجلٌ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقال يا رسولَ اللَّهِ أقرِئني قال أقرَأْ من ذواتِ {الر} قال يا رسولَ اللَّهِ ثقُلَ لساني وغلظ جسمي قال أقرأ من الحواميمِ فقال مِثلَ قولِه الأوَّل قال أقرئكَ من المسبِّحاتِ فقال مثلَ قولِه الأوَّلِ قال عليكَ بالسُّورةِ الجامعةِ الفاذَّةِ { إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ٍ} قال فقال الأعرابيُّ حسْبي. (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : نتائج الأفكار، الصفحة أو الرقم: 3/271 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
ثبت عن أبي عبد الله أنه قال في خواص سورة الجمعة: من الواجب على كلّ مؤمن أن يقرأ في ليلة الجُمُعَة ب ( الجمعة ) و ( سبّح اسم ربّك الأعلى ) وفي صلاة الظهر ب ( الجُمُعَة والمنافقين ) ، فإذا فعل ذلك فكأنما يعمل كعمل رسول الله، وكان جزاؤه وثوابه على الله الجنّة. (( ثواب الأعمال : ١٤٦ / ١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٢٠ / ٧٥٠٤ ))
كما جاء عن أبي جعفر أنه قال: إنّ الله أكرم بـ ( الجمعة ) المؤمنين ، فسنّها رسول الله بِشارة لهم ، و ( المنافقين ) توبيخاً للمنافقين ، ولا ينبغي تركهما ، ومن تركهما متعمّداً فلا صلاة له. (( الكافي ٣ : ٤٢٥ / ٤ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٥٤ / ٧٦٠٢ ، وورد أيضاً في عوالي اللئالي ٣ : ٨٥ / ٧٥ ))
قال الإمام برهان الدين البقاعي في كشفه لأسرار سورة الجمعة: جاءت هذه السورة لبيان مسمى الصف بدليل هو أوضح شرائع الدين وأوثق عرى الإسلام، وهو الجمعة التي اسمها مبين للمراد منها من فرضية الاجتماع فيها وإيجاب الإقبال عليها وهو التجرد عن غيرها والانقطاع لما وقع من التفرق حال الخطبة عمن بعث للتزكية بالاجتماع عليه في الجهاد وغيره في العسر واليسر والمنشط والمكره، واسمها الجمعة أنسب شيء فيها لهذا المقصد بتدبر آياته وتأمل أوائله وغاياته، الحاثة على قوة التواصل والاجتماع، والحاملة على دوام الإقبال على المزكي والحب له والاتباع.
اقرأ أيضا: لماذا سميت سورة الجمعة بهذا الاسم