تجربتي مع سورة الصف

سورة الصف هي إحدى سور القرآن المدني، ويبلغ عدد آياتها أربع عشرة آيةً؛ لذلك تُعد من سور المُفصّل، وتتعدد أسماء هذه السورة المباركة حيث تُسمّى بسورة الصف، وسورة عيسى، وسورة الحواريين. ويكثر البحث بين المسلمين عن معرفة تجربتي مع سورة الصف وأسرارها وفضائلها.

تجربتي مع سورة الصف

تجربتي مع سورة الصف

يقول أحد المشايخ: تجربتي مع سورة الصف وتدبرها كانت من التجارب القرآنية العظيمة، فعندما تدبرت آيات هذه السورة وجد أن مقصدها في آياتها الافتتاحية، ويتمثل هذا المقصد في أن الله يحب أن يكون المؤمنين صفّاً واحداً كأنهم بنيان مرصوص، فمن صفات المؤمنين وعلاماتهم أنهم جماعة واحدة غير مختلفين وغير متفرقين، ولا متخاذلين ولا مخذَّلين، إلههم واحد وكتابهم واحد ورسولهم واحد ودينهم واحد، يقولون ما يفعلون، تجارتهم رابحة، أموالهم وأنفسهم يبيعونها في سبيل الله، ينصرون دينه فينصرهم في الدنيا وينجيهم من عذاب أليم، ويدخلهم جنات عدن ذلك الفوز العظيم. وعلى النقيض من هذا غير المؤمنين نقضوا عهدهم الأزلي مع الله ويقولون مالا يفعلون ويريدون ليطفئوا نور الله، والله متمّ نوره.

يتابع الشيخ: ولأن الله جعل الإنسان في الأرض خليفة، فالخليفة مكلّف ومسئول عن اتمام نور الله على هذه الأرض، وهذا هو مقصد السورة الذي تلخصه الآية الثامنة: فالكافرون يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون. ونور الله هو معرفته والإيمان به، وبكتابه، وباتباع هديه، وتطبيق شرعه، والتزام فطرته، التي تدوم وتسعد بها الحياة؛ على عكس الجهل واتباع الهوى والأماني وطاعة الشيطان التي هي الظلمات التي تدمر وتنشر الظلم والفساد في الأرض.

اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة آل عمران

أسرار سورة الصف

 

تتسم سورة الصف بالعديد من الأسرار والفضائل ومن ذلك ما رواه الصحابي الجليل أبي بن كعب عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: “مَنْ قرأَ سورة عيسى كان عيسى مصلِّياً مستغفراً له ما دام فى الدّنيا، وهو يوم القيامة رفيقه”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن القيسراني | المصدر : ذخيرة الحفاظ، الصفحة أو الرقم: 4/2370 | خلاصة حكم المحدث :  موضوع ))

كشف الإمام الصادق سرًا عظيمًا عن هذه السورة فقال: “من قرأها وأدمن قراءتها في سفره أمِن من طوارقه ، وكان محفوظاً إلى أن يرجع إلى أهله بإذن الله تعالى”. (( تفسير البرهان ٥ : ٣٦١ / ١٠٦٨١ )) وعن أبي جعفر قال: “من قرأ سورة ( الصّفّ ) وأدمن قراءتها في فرائضه ونوافله ، صفّه الله مع ملائكته وأنبيائه المرسلين إن شاء الله تعالى”. (( ثواب الأعمال : ١٤٥ / ١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٤٢ / ٧٥٦١ ))

وهناك العديد من الأحاديث الصحيحة المتصلة بآيات سورة الصف الكريمة ومن ذلك ما جاء عن عبد الله بن سلام قال: تَذاكَرْنا بينَنا، فقُلْنا : أيُّكم يأتي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فيَسأَلُه أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ، فهِبْنا أن يقومَ مِنا أحَدٌ ، فأرسَل إلينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلًا حتى جمعَنا ، فجِئْنا نشيرُ بعضًا إلى بعضٍ يقرأُ علينا سورةَ : سَبَّحَ للهِ ما في السماواتِ وما في الأرضِ وهُوَ العزيزُ الحكيمُ يأيُّها الذينَ آمَنوا لِمَ تَقولُونَ ما لا تَفعَلُونَ ، فتَلاها مِن أولِها إلى آخِرِها. قال : فتَلاها علينا عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ مِن أولِها إلى آخِرِها. قال هلالٌ : فتَلاها علينا عطاءٌ مِن أولِها إلى آخِرِها. قال الأوزاعِيُّ : فتَلاها علينا يَحيى مِن أولِها إلى آخِرِها. (( الراوي : عبدالله بن سلام | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة، الصفحة أو الرقم: 6/287 | خلاصة حكم المحدث : إسناده رواته ثقات ))

جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال إنَّ أخي وَجِعٌ قال ما وَجَعُ أخيك قال به لَمَمٌ قال فابعثْ إلي به قال فجاءه فجلس بينَ يدَيه قال فقرأ عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاتحةَ الكتابِ وأربعَ آياتٍ من أولِ سورةِ البقرةِ وآيةً من وسطِها وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حتى فرغ من الآيةِ فذكر الحديثَ بنحوِه وقال عشرَ آياتٍ من سورةِ الصفِّ ولم يقلْ من أولِها وقال وثلاثَ آياتٍ من آخرِ سورةِ الحشرِ. (( الراوي : والد رجل | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 5/118 | خلاصة حكم المحدث : صححه ابن حبان ))

ومن أسرار سورة الصف ما قاله العلماء عن الهدف الذي ترمي إليه وهو الإنكار على المؤمنين الذين يقولون مالا يفعلون، لأن الإيمان هو قول يصدّقه الفعل وجهاد بالأموال والأنفس، وهو التزام بالهدى ودين الحق. والأمر بالإخلاص في العمل لأجل نصرة الدّين بالأفعال لا بالأقوال، وبالعمل الجماعي الذي يحبّه الله، باذلين أموالهم وأرواحهم في سبيل نشر الدّين الواحد الذي أراد الله أن يتمّه ويظهره على الدين كلّه.

اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الفرقان

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version