هل يسقط الحج عن المرأة بدون محرم من الأسئلة التي تهمُّ المرأة، ومن المعلوم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- أوجب على كلِّ مكلفٍ ومكلفةٍ أداء مناسك الحجِّ، وجعل ذلك ركنًا من أركان الإسلام الخمسة.
هل يسقط الحج عن المرأة بدون محرم
قبل الإجابة عن سؤال هل يسقط الحج عن المرأة بدون محرم أم لا، تجدر الإشارة إلى أن دار الإفتاء المصرية أكدت على أنه يجوز للمرأة أن تسافر بدون مَحرَم بشرط اطمئنانها على الأمان في سفرها وإقامتها وعودتها، وعدم تعرضها لمضايقات في شخصها أو دِينها؛ فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري وغيره عن عَدِيِّ بن حاتم رضي الله عنه أنه قال له: “فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ -أي المسافرة- تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حَتَّى تَطُوفَ بالْكَعْبَةِ لَا تَخافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ” (( الراوي : عدي بن حاتم الطائي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3595 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
أجاز جمهورُ الفقهاء للمرأة في حجِّ الفريضة أن تسافر بدون محرم إذا كانت مع نساء ثقات أو رفقة مأمونة؛ واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحج في عهد عمر رضي الله عنه، وقد أرسل معهنَّ عثمان بن عفان؛ ليحافظ عليهنَّ رضي الله عنه.
ولذلك فإنه لا يسقط الحج عن المرأة بدون محرم؛ لأن الذي عليه الفتوى في هذا الزمان أن سفر المرأة وحدها عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة -من موانئَ ومطاراتٍ ووسائل مواصلات عامة- جائزٌ شرعًا، ولا حرجَ عليها فيه؛ سواء أكان سفرًا واجبًا أم مندوبًا أم مباحًا، وأن الأحاديث التي تنهى المرأة عن السفر من غير محرم محمولةٌ على حالة انعدام الأمن التي كانت ملازمةً لسفر المرأة وحدها في السابق، فإذا توفر الأمن لم يشملها النهي عن السفر أصلًا.
اقرأ أيضا: من هو المحرم في الحج
حج المرأة بدون محرم في المذهب المالكي
أشار الإمام الاكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب إلى أن المذهب المالكي، ومنذُ العصر الأوَّلِ للإسلامِ أباحَ للمرأة الخروجَ إلى الحج -بدون مَحرَمٍ- إذا كان معها رفقةٌ مأمونة، وقد انتهى رأيُ العلماء في هذه القضيَّةِ إلى تَبنِّي فقهِ الإمام مالكٍ -رضي الله عنه- في جوازِ سفرِ المرأةِ -اليوم- بدون محرمٍ متى كان سفَرُها آمِنًا، بصُحبةٍ تُرافِقُها، أو وسيلةٍ من وسائلِ السفر تمنعُ تَعرُّضَها لما تكرَهُ.
وقال الإمام الطيب إنه معلومٌ أنَّ سفَرَها في تُراثِنا الفقهيِّ كان مشروطًا -عندَ أغلبِ الفقهاءِ- بمُرافقةِ الزوجِ، أو أي مَحرَمٍ من مَحارِمها؛ لأنَّ سَفَرَ المرأةِ بمُفردِها في تلك العُصورِ-بدون مَحرَمٍ- كان أمرًا صادمًا للمُروءةِ والشرفِ، بل كان طعنًا في رُجولةِ أفرادِ الأسرةِ؛ نظرًا لما تتعرَّضُ له المرأةُ -آنذاك- من سَبْيٍ واختطافٍ واغتصابٍ، في الصحاري والفَيافي المُظلِمةِ ليلًا، وقد كان من عادةِ العربِ السَّفَرُ ليلًا، والكُمُون نهارًا.
تابع شيخ الأزهر إنّه في ظل تغيُّر نظامُ الأسفارِ في عصرِنا الحديثِ، وتبدّل المخاطرُ التي كانت تُصاحبُه إلى ما يُشبِهُ الأمانَ، وتوفُّر الرفقةِ المأمونةِ من الرجالِ والنساءِ، ولم يَعُد السفر يَستَغرِقُ لياليَ وأيامًا، فإنَّ الاجتهادَ الشرعيَّ في هذه المسألة لا مَفَرَّ له من تطويرِ الحكمِ من منعِ السَّفرِ إلى الجوازِ، بشرطِ الرفقةِ المأمونةِ كما هو الحالُ في الحج والعمرة والرحلات وغيرِها.
اقرأ أيضا: ما هي شروط الحج للمرأة في الإسلام
رأي مَن منع سفر المرأة مطلقاً دون محرم
ذهب عدد من العلماء إلى القول بتحريم سفر المرأة دون محرم مطلقاً، سواءً كان سفرها لعبادة كالحجّ والعمرة، وغير ذلك، أم كان سفرها لأمر مباح، وقد استدلّ العلماء على هذا الرأي بقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تسافِرُ المرأةُ ثلاثًا إلا مع ذِي مَحْرَمٍ). (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1087 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
وعليه قال الإمام ابن باز: إن ماتت المرأة قبل أن تجدَ محرمًا أو رفقةً مأمونة فلا شيء عليه ولا إثم يلحقها؛ إذ أنَّها تعدُّ معذورةً في هذه الحالة.
اقرأ أيضا: هل يجوز الحج للمرأة مع مجموعة نساء
الحكمة من اشتراط المحرم في الحج
إنَّ كلَّ ما شرعه الله -عزَّ وجلَّ- للمسلمين إنَّما شرعه من باب التعبِّد أولًا، وليكون اختبارًا من الله لعباده ليعلم من يطيعه فيما أمر ومن يعصيه، وبعد أن يدرك المسلم هذا الأمر، يُمكن له البحث في الحِكم الذي شرعت لها الأحكام، وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ ذكر الحكمة من اشتراط المحرم في الحجِّ للمرأة، وفيما يأتي ذلك:
- حفظ المرأة وصيانتها من الفساد والشر.
- رعايةً للمرأة والقيام على شؤونها.
اقرأ أيضا: أين يحرم اهل جدة للحج او العمرة
الحالات التي يجوز للمرأة أن تسافر فيها
أجمع علماءُ الأمة على إباحة سفر المرأة المسلمة وحدها في حالات معينة، ومن هذه الحالات أن تسافرَ من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو أن تكونَ أسيرةً، ثمّ تتمكن من الهرب، أو أن تكونَ ناشزاً، ثمّ ترجع عن نشوزها، أو في حالة الخوف على نفسها، أو أن تريدَ ردَّ وديعة، أو قضاء دين.
وقد قيّد العلماءُ سفرَ المرأة دون محرم لأمر مشروع بشروط، منها أن يكونَ سفرُها مع رفقة مأمونة من النساء المسلمات اللاتي يُعرَفن بالتقوى والصلاح، وكذلك أن تأمنَ الفتنة على نفسها في السفر، وأن تأمنَ الطرق، وأخيراً أن تكونَ ملتزمةً بالحجاب الشرعي في سفرها.
اقرأ أيضا: كم عدد حجاج 1442 من خارج المملكة