تجربتي مع سورة قريش

تجربتي مع سورة قريش من التجارب المؤثرة في النفوس، حيث تدعو هذه السورة إلى عبادة الله تعالى، وتُعدد نعمه تعالى، وتتكون السورة من أربع آيات فقط، وهي السورة السادسة بعد المائة في ترتيب المصحف الشريف.

تجربتي مع سورة قريش

قبل حوالي خمس عشرة سنة كنت أزور أهلي مع أطفالي، وكنت وقتها أخاف بشدة خصوصًا وقت النوم، فما إن يأتي الليل حتى أشعر بخوف شديد، ولا أستطيع أن أنام من شدة الخوف، وإذا نمت كنت أشاهد بعض الكوابيس التي تجعلني أستيقظ وأنا أشعر بالفزع، وكنت أصرخ بشدة، ولذلك كان أهلي يفكرون في أخذ ابني الصغير مني حتى لا يُصاب بسوء، وساءت حالتي النفسي بسبب هذا الأمر حتى علمت بفضل سورة قريش في التخلص من نوبات الخوف، وبالفعل أصبحت أداوم على قراءتها بشكل متكرر، وأقرأها كثيرًا في ساعات الليل وقبل النوم، وبالفعل تحسنت كثيرًا، ولم أعد أرتاع كثيرًا مثل ذي سابق، وأرجو الله أن يُخلصني من هذا الخوف تمامًا.

اقرأ أيضا: تجربتي مع الورد اليومي

أسرار سورة قريش

تعظم أسرار سورة قريش حيث جاء عنِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنّه قال: “لِإيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ” ويحكم يا قريشُ اعبُدوا ربَّكم الذي أطعَمَكُم مِّن جوعٍ وآمَنَكُم مِّن خوفٍ”. (( الراوي : أسماء بنت يزيد أم سلمة الأنصارية | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 7/146 | خلاصة حكم المحدث : فيه عبيد الله بن أبي زياد القداح وشهر بن حوشب وقد وثقا وفيهما ضعف وبقية رجال أحمد ثقات ))

عن أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “فضَّلَ اللهُ قُرَيْشًا بسبْعِ خِصَالٍ، لَمْ يُعْطَها أحدٌ قَبْلَهم، ولَا يُعطَاها أحدٌ بَعْدَهم، فَضَّلَ اللهُ قُرَيْشًا أَنِّي منهم، وأنَّ النبوةَ فيهم، وأنَّ الحِجَابَةَ فيهم، وَأنَّ السقايَةَ فيهم، ونصرهم على الفيلِ، وعبدوا اللهَ عشرَ سنينَ، لا يعبُدُهُ غيرُهم، وأنزَل اللهُ فيهم سورةً مِنَ القرآنِ لم يُذْكَرْ فيها أحدٌ غيرٌهم لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ”. (( الراوي : فاختة بنت أبي طالب أم هانئ | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم: 5860 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

عن المعرور بن سويد قال: “خرجنا مع عمرَ في حجَّةٍ حجَّها، فقرأ بنا في الفجرِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعْلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ولِإيلَافِ قُرَيْشٍ، فلمَّا قضَى حجَّه ورجع والنَّاسُ يبتدِرون، فقال: ما هذا؟ فقال: مسجدٌ صلَّى فيه رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فقال: هكذا هلك أهلُ الكتاب، اتَّخذوا آثارَ أنبيائِهم بِيَعًا! من عرَضتْ له منكم فيها الصَّلاةُ، فليُصَلِّ، ومن لم يعرِضْ له منكم فيه الصَّلاةُ فلا يُصَلِّ”. (( الراوي : معرور بن سويد الأسدي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم: 12/545 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))

ومن الأسرار التي نكشفها حول سورة قريش لتسهيل فهمها وحفظها أنها نزلت الترغيب بعبادة الله الذي ألّف شملهم، وأنعم عليهم بالرزق، ووهبهم الأمان. فالعبادة فيها مصلحة كبيرة للناس، وتدوم بها النعم. ويفهم منه في المقابل أن من يعبد غير الله يتشتت شمله ويجوع ويخاف.

قال الفخر: اللام في: {لإيلاف} متعلقة بقوله: {فَلْيَعْبُدُواْ} وهو قول الخليل وسيبويه والتقدير: فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش، أي: ليجعلوا عبادتهم شكراً لهذه النعمة واعترافاً بها. ولأن نعم الله عليهم لا تحصى، فكأنه قيل: إن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبده لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة.

وقال الزجاج: قال قوم: هذه اللام لام التعجب، كأن المعنى: اعجبوا لإيلاف قريش، وذلك لأنهم كل يوم يزدادون غياً وجهلاً وانغماساً في عبادة الأوثان، والله تعالى يؤلف شملهم ويدفع الآفات عنهم، وينظم أسباب معايشهم، وذلك لا شك أنه في غاية التعجب من عظيم حلم الله وكرمه.

يتضح الهدف من هذه السورة في الآيتين الأخيرتين {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)}، أي اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف. وهي كالمعادلة في الرياضيات: من أراد الطعام والأمان فليعبد الله؛ والعكس صحيح، أي من يعبد الله فحق على الله أن ييسر له الأسباب ويكفيه مشقة البحث عن الطعام والأمان، فلا يجعل همّه في الرزق بل في العبادة.

قال الإمام برهان الدين البقاعي: مقصود سورة قريش الدلالة على ضد ما دلت عليه الفيل بأن إهلاك الجاحدين المعاندين لإصلاح المقربين العابدين، وهو بشارة عظيمة لقريش خاصة بإظهار شرفهم في الدارين. واسمها قريش ظاهر الدلالة على ذلك، والتعبير بقريش دون قومك أو الحمس مثلاً ونحوه دال على أنهم يغلبون الناس أجمع بقوة كما يدل عليه الاسم، وبغير قوة كما دل عليه ما فعل لأجلهم من قصة الفيل.

اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة قريش

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version