تجربتي مع سورة البلد من التجارب الفارقة في حياة الإنسان المسلم حيث أنها تدعونا إلى مكابدة هوى النفس والصعاب والشدائد، والتخلص من حب المال ومغريات الدنيا، والأمر بالمبادرة باقتحام العقبات التي تقف في طريق الخير.
تجربتي مع سورة البلد
تقول إحدى السيدات: تجربتي مع سورة البلد التي جعلتني أعشق هذه السورة وأداوم على قرائتها أنني سمعتها مرة بصوت الشيخ أحمد بن علي العجمي، وتعلقت بها بشدة، وأصبحت أداوم على سمعها والتمعن في آياتها كل يوم قبل أن أخلد إلى النوم، ومن تأثير آياتها كنت أبكي حيث أنها تصف حال الإنسان وتستنكر غروره، فقد كنت أتأثر بقوله تعالى: “لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ” وأحرص على قراءة الآية في أوقات الأزمات والشدائد وأدعو الله أن ينقذني منها بفضل هذه الآيات وبركة القرآن الكريم، وبالفعل كنت أتخلص من همومي ومشاكلي.
تتابع: في فترة من الفترات، انقطعت تمامًا عن قراءة السورة وسماعها، حتى رأيت في المنام أنني أمسك بهاتفي وأبحث عن السورة ولكن لا أجد لها أي أثر، حيث لم أجدها في المصحف، وبحثت عنها على الإنترنت، فلم أجد أي نتائج عنها، فاستيقظت في أذان الفجر وأنا مذعورة، وقمت لأقراها، فكانت هذه رسالة لي بأن أعاود إلى قراءة السورة وسماعها مرة أخرى، والمواظبة على ذلك لسنوات طويلة، أسال الله الثبات على ذلك.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الطارق
أسرار سورة البلد
تعظم أسرار سورة البلد حيث ورد بعض الأدلة والآثار التي تُشير إلى مدى عظمة وفضائل هذه السورة ومن ذلك ما جاء عن أبي بن كعب رضي الله عنه: “من قرأ هذه السورة أعطاه الله تعالى الأمان من غضبه يوم القيامة”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن القيسراني | المصدر : ذخيرة الحفاظ، الصفحة أو الرقم: 4/2370 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
قال الإمام الصادق عليه السّلام : «إذا علّقت على الطفل أمن من النقص ، وإذا سعط من مائها أيضا برأ ممّا يؤلم الخياشيم ، ونشأ نشوءا صالحا».
من الأسرار التي نكشفها عن سورة البلد حتى يسهل فهمها وحفظها أنها تنقسم إلى نصفين فيهما موضوعين رئيسيين: الأول فيه بيان حقيقة الإنسان، وأنه خلق لمكابدة المشاق والشدائد، وصفاته الظالمة، وغروره بالمال، وتحذيره من قدرة الله عليه ومراقبته لكل أعماله، وأن الله بين له طريق الخير وطريق الشر، وزوده بأدوات ووسائل المعرفة ليحكم ويرى ويتبع أحد الطريقين، وحسابه عليها في الآخرة.
القسم الثاني من السورة يحتوي على شرح الوظيفة الحقيقية للإنسان وهي اقتحام العقبات في رفع الظلم بتحرير الرقاب، وإعمار الكون وإدامة الحياة بإطعام الفقراء والمساكين، وبالإيمان والتواصي بالصبر والمرحمة، وقد جاءت آيات السورة على النحو التالي:
- الآيات (1-4) ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بالبلد الحرام، بأن الله خلق الإنسان في كبد. البلد الذي هو سكن النبي صلى الله عليه وسلم، تعظيما لشأنه وتكريما لمقامه الرفيع عند ربه، ولفتا لأنظار الكفار إلى أن إيذاء الرسول في البلد الأمين، من أكبر الكبائر عند الله تعالى.
- الآيات (5-7) وصف جهل الإنسان وظلمه حين قام بتعظيم نفسه وافتخر بها مع مكابدته وضعفه، وظنه بأنه كل شيء في هذا العالم وأنه لن يقدر عليه أحد، أي لا توجد قوة عليا تراقب أعماله وتحاسبه. هذا الشخص الذي ينفق ما ينفق من الأموال الكثيرة رئاء الناس وافتخاراً بينهم. أيظن أن الله سبحانه لم يره ولا يسأله عن ماله من أين اكتسبه وأين أنفقه ولماذا أنفقه.
- الآيات (8-10) تذكير بنعم الله، وما تفضل به عليهم من فجعل لهم عينين يبصرون بهما، ولساناً وشفتين ينطقون بها، وهداهم إلى طريقي الخير والشر. لكي يرتقوا بأنفسهم فيزكوها إلى طريق الخير والكمال. السؤال هنا من أجل التقرير والتأكيد بأن الذي وهب الإنسان هذه النعم، مع ما جعل له من العقل والهدى، لا يمكن أن يخفى عليه شيء أو يفلت أحد من قدرته.
- الآيات (11-20) الأمر باختيار واتباع طريق الفلاح والسعادة: باقتحام العقبة، وتكرر بالاستفهام {مَا الْعَقَبَةُ} زيادة في التأكيد والتقرير. إنه عتق رقبة من أسر الرِّق، أو إطعام في يوم ذي مجاعة شديدة، يتيماً من ذوي القرابة، أو فقيراً معدماً لا شيء عنده، ثم كان من الذين آمنوا بالله، وأوصى بعضهم بعضاً بالصبر على طاعة الله وعن معاصيه، وتواصوا بالرحمة بالخلق. أولئك الذين فعلوا هذه الأفعال، هم أصحاب اليمين، الذين يؤخذ بهم يوم القيامة ذات اليمين إلى الجنة، والذين كفروا بالقرآن هم الذين يؤخذ بهم يوم القيامة ذات الشمال إلى النار. جزاؤهم جهنم مطبَقةٌ مغلقة عليهم.
اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة البلد