تجربتي مع سورة هود من التجارب التي تدعو الإنسان إلى الالتزام بعبادة الله تعالى، فقد أحكمت آيات الكتاب ثم فصلت لأجل عبادة الله وحده لا شريك له، والاستغفار والتوبة إليه، كما أنها من السور القرآنية التي من شأنها أن تزيد من قوة النفس.
تجربتي مع سورة هود
يقول أحد الإخوة: تجربتي مع سورة هود من أعظم التجارب الفارقة في حياتي؛ حيث أنني كنت أعاني من مشاكل عديدة خاصة بضعف شخصيتي وعدم قدرتي على مواجهة أعدائي، كما أن هناك مشكلة أخرى كانت تؤثر على شكلي أمام الناس وهي مشكلة التلعثم، وقد حاولت كثيرًا أن أواجه الرهاب الاجتماعي بشجاعة، لكنني دائمًا ما كنت أعجز عن ذلك، حتى علمت بتأثير سورة هود الكبير في التخلص من هذه المشاكل، وبالفعل بدأت في قراءة سورة هود لقوة الشخصية والشجاعة، وكانت طريقتي تتمثل في قراءة السورة ومن ثم كتابتها على ورقات بيضاء وبعد الانتهاء من القراءة والكتابة أقول يا قهار لمدة مائة مرة، وقد ساعدتني هذه الطريقة كثيرًا في حياتي الاجتماعي والعملي، فقد تغلبت على الخجل وضعف الشخصية، وأصبحت قادرًا على مواجهة أعدائي والتغلب عليهم، وتخلصت من جميع مخاوفي.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة المائدة
خواص سورة هود
اشتملت سورة هود على العديد من الأهوال فكانت سبب في إسراع الشيب في رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يدل على ذلك حديث: قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ”. (( الراوي : أبو بكر الصديق | المحدث :الألباني| المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3297| خلاصة حكم المحدث : صحيح
دعا النبي صلى الله عليه إلى قراءة سورة هود يوم الجمعة حيث قال: اقرَءوا سورةَ هودٍ يومَ الجمُعةِ. (( الراوي : كعب الأحبار | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 2115 | خلاصة حكم المحدث : مرسل )) ولعل السبب في تأثير سورة هود في قوة الشخصية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَن سرَّهُ أن ينظرَ إلىَّ يومِ القيامةِ كأنَّه رَأْىَ العَيْنِ فليقرأْ { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } و{ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ } و{ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } وسورة هودٍ. وإن كان الإنسان يستطيع أن يُنظر إلى مشاهد يوم القيامة؛ فلا شك أن ذلك يؤثر على شخصيته بالإيجاب ويُصبح أكثر قوة. (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 7/20 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
وتقرأ سورة هود للغلبة على الأعداء وذلك لما رواه عمرو بن دينار عن ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: كان الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ رَجُلًا حُلْوَ الْكَلَامِ حُلْوَ الْمَنْطِقِ، يَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ بِمَا يَجِبُ، وَيَنْطَوِي لَهُ بِقَلْبِهِ عَلَى مَا يَسُوءُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: “يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ” شَكًّا وَامْتِرَاءً. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَثْنُونَهَا عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْكُفْرِ. وَقِيلَ: أنّ بَعْض الْمُنَافِقِينَ، كَانَ إِذَا مَرَّ بِالنَّبِيِّ ثَنَى صَدْرَهُ وَظَهْرَهُ، وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ وَغَطَّى وَجْهَهُ، لِكَيْلَا يَرَاهُ النَّبِيُّ فَيَدْعُوهُ إِلَى الْإِيمَانِ، وَقِيلَ: قَالَ الْمُنَافِقُونَ إِذَا غَلَّقْنَا أَبْوَابَنَا، وَاسْتَغْشَيْنَا ثِيَابَنَا، وَثَنَيْنَا صُدُورَنَا عَلَى عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ فَمَنْ يَعْلَمُ بِنَا؟ فَنَزَلَتِ هذه الْآيَةُ من سورة هود: “أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ”. (( الراوي : عمرو بن دينار | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4683 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
ومن خواص سورة هود أنها من السور التي يقرأها المظلوم لكي يسترد حقه من الظالم حيث قال النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّ اللهَ يُمهِلُ الظَّالمَ حتَّى إذا أخَذه لم ينفلِتْ ) ثمَّ تلا من سورة هود: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}. (( الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 5175 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم ))
تتكون السورة من ثلاثة أجزاء، وهي: مقدمة ثم قصص ثم خاتمة، تتطابق فيها وتتكرر نفس المعاني، حول موضوع واحد وهو ابتلاء الله تعالى الناس بالعبادة له وحده لا شريك له، وأنه أمهل الناس ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وأنه يمتعهم بحسب أعمالهم في الدنيا، ثم جعل الدار الآخرة ليجزيهم فيها ويوفيهم جزاء أعمالهم غير منقوص.
احتوت مقدمة السورة على المقصد الرئيسي للسورة وهو العبادة والاستغفار من الذنوب ثم التوبة إلى الله، وهو نفس مقصد القرآن الذي ينصّ على الاستقامة على أمر الله بالعبادة واتباع الدين، وهو كذلك نفس المقصد من خلق الإنسان ووجوده على هذه الأرض، للعبادة التي فيها نجاته وفلاحه. وكل ما في المقدمة من موضوعات فهي تخدم هذا المقصد.
اشتمل الجزء الثاني من سورة هود على قصص سبعة من الرسل أرسلوا إلى أقوامهم وأمروهم بالعبادة لله وحده، مالهم من إله غيره، ثم كيف أن الغالبية العظمى من هؤلاء الأمم لم يؤمنوا بل استكبروا، وأصروا على اتباع الهوى وتقليد عبادة الآباء، إلى أن أهلكهم الله، واستبدل بهم قوماً غيرهم، وهم القلة القليلة من الذين أمنوا مع رسلهم، واتبعوا دين ربهم؛ فجاءت هذه القصص متناسبة مع الفترة العصيبة التي نزلت فيها، من أجل تثبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين معه على الحق.
تبين خاتمة السورة أن دوام النعمة على القرى لا يتمّ إلا بالتزامهم بدين الله واتباع شرعه، وأن العبادة ودوام التوبة والاستغفار من الذنوب نعمة جعلّها الله للناس، وقد خلقهم لأجلها.
اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة هود