تجربتي مع سورة يونس من التجارب شديدة الأهمية حيث جاءت آيات هذه السورة لوصف الكتاب بأنه من عند الله، لما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه لأن غيره لا يقدر على شيء منه، وذلك دال بلا ريب على أنه واحد في ملكه، لا شريك له في شيء من أمره.
تجربتي مع سورة يونس
تقول إحدى الفتيات: تجربتي مع سورة يونس أنني كنت أعاني من الاكتئاب وعدم الشعور بالراحة النفسية، ولم أكن أعرف السر وراء ذلك، فحياتي ليس فيها شيء مؤرّق، بل على العكس، أحوالي المادية ميسورة، وعلاقتي بأسرتي جيدة، ولكنني لم أكن أعرف السبب في مزاجي السيء طول الوقت وشعور بعدم الجدوى مما أقوم به؛ لدرجة أنني فكرت بشكل جدي في التحويل من الكلية التي أدرس بها رغم أنني في السنة الثالثة، أي أن المتبقي لي على التخرج هو السنة القادمة فقط، وكانت نفسيتي تسوء يومًا بعد يوم، وجسمي يضعف، ويزداد شحوبي، وبالتبعية أشعر بعدم الرضا عن نفسي وعن شكلي.
تتابع: عندما علمت إحدى صديقاتي بذلك، نصحتني بالرقية الشرعية، استخففت في البداية بكلامها، وقلت لها أنني لست بحاجة إلى الرقى، ولكنني عندما انفردت بنفسي، وجدت أنه لا مانع من تجربة الرقية الشرعية، لعل وعسى أحوالي تتغير إلى الأحسن، وكانت من ضمن أبرز آيات الرقية الشرعية التي استوقفتني: قوله تعالى في سورة يونس: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ”، وكان لهذه الآية أثر هائل علي، حيث أنها ساهمت في شعوري بالسكينة، وتغيرت نفسيتي بعد قرائتها كثيرًا، فأصبحت أداوم على قرائتها، وأدعو بهذا الدعاء: “اللهم بحق ماتلوته من قرآنك العظيم، اصرف عني وعمن تحوط به شفقة قلبي كل سوء وأذى، إنك ولي ذلك والقادر عليه”.
اقرأ أيضا: موضوعات ومضامين سورة يونس
خواص سورة يونس
تكثر خواص سورة يونس حيث أنها من السور التي تبدأ بقوله تعالى: آلر والتي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قراءتها: أتى رجلٌ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ أقرئني يا رسولَ اللَّهِ فقالَ اقرأ ثلاثًا من ذواتِ (الر) فقالَ كبُرت سنِّي واشتدَّ قلبي وغلظَ لساني قالَ فاقرأ ثلاثًا من ذواتِ (حم) فقالَ مثلَ مقالتِهِ فقالَ اقرأ ثلاثًا منَ المسبِّحات فقالَ مثلَ مقالتِهِ فقالَ الرَّجلُ يا رسولَ اللَّهِ أقرئني سورةً جامعةً فأقرأهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا زلزلتِ الأرضُ حتَّى فرغَ منها فقالَ الرَّجلُ والَّذي بعثَكَ بالحقِّ لا أزيدُ عليها أبدًا ثمَّ أدبرَ الرَّجلُ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أفلحَ الرُّويجل مرَّتين. (( الراوي: عبدالله بن عمرو، المحدث: أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 1399، خلاصة حكم المحدث: سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح ))
ومن الأدلة على اختصاص بعض آيات سورة يونس بالفضل قوله تعالى:” أَكانَ لِلنّاسِ عَجَبًا أَن أَوحَينا إِلى رَجُلٍ مِنهُم أَن أَنذِرِ النّاسَ وَبَشِّرِ الَّذينَ آمَنوا أَنَّ لَهُم قَدَمَ صِدقٍ عِندَ رَبِّهِم قالَ الكافِرونَ إِنَّ هـذا لَساحِرٌ مُبينٌ”. وقد نزلتْ في كفار قريشٍ حين قالوا لما بعث الله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- رسولًا: إنّ الله أعظم من أن يكون رسوله المرسل إلى الناس من البشر كمحمدٍ، فنزلت الآية الكريمة. (( الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر، الصفحة أو الرقم: 8/196 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
ومن خواص سورة يونس أيضًا ما ثبت عن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ. (( الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1059 | خلاصة حكم المحدث : صحيح )) وسورة يونس من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما مِن يومٍ تَطلعُ شَمسُهُ إلَّا وبِجَنبتِها ملَكانِ يُناديانِ يَسمعُهُ الخلقُ كلُّهم يا أيُّها النَّاسُ هلمُّوا إلى ربِّكم فإنَّ ما قلَّ وَكَفى خيرٌ ممَّا كثُرَ وألهى ولا آبتِ الشَّمسُ إلَّا وبِجنبتِها ملَكانِ يُناديانِ نداءً يسمعُهُ الخلقُ كلُّهم غيرُ الثَّقلينِ اللَّهمَّ أعطِ مُنفِقًا خلَفًا وأعطِ مُمسِكًا تلَفًا وزادَ عبَّادُ بنُ راشدٍ في روايتِهِ قالَ وأنزلَ اللَّهُ في ذلِكَ قُرآنًا في قولِ الملَكَينِ يا أيُّها النَّاسُ هَلمُّوا إلى ربِّكم في سورةِ يونسَ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وفي قولِهما اللَّهمَّ أعطِ مُنفقًا خلفًا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى إلى قولِهِ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. (( الراوي : أبو الدرداء | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الأمالي المطلقة، الصفحة أو الرقم: 155 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح ))
تضمنت آيات سورة يونس التأكيد على أن ما جاء به الوحي في الكتاب: هو دعوة الحق إلى الصراط المستقيم، وهو الحق والهدى إلى دين الله الحنيف، بشقيه الإيمان والإسلام. فأمرت باتباعه، والصبر على ذلك حتى يحكم الله، وهو خير الحاكمين. أي أن القرآن حق، وأن من اتبعه هدي إلى صراط مستقيم، فلا بد من الصبر على اتباع تكاليفه.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الأنعام