تجربتي مع سورة التوبة
تقول إحدى السيدات: هذه قصتي عن تجربتي مع سورة التوبة أحببت أن أرويها كما عشت تفاصيلها بالضبط، مضى على هذه الواقعة أكثر من عشر سنوات، كنت وقتها مازلت عزباء، وكنت قد بدأت الاهتمام بالاستماع إلى محاضرات الفقهاء والمشايخ إضافةً إلى قراءة كتب الفتاوى الشرعية، وفي أحد أيام فصل الربيع، كنت أستمع إلة محاضرة لأحد المشايخ عن التوبة، وكنت مشدودة إلى حديثه الممتع، واقترح شيخنا الفاضل تجربة وأكد مفعولها الكبير لكل من له الرغبة الشديدة في التوبة والوقوف بين يدي الله والاقبال عليه بقلب خاشع، وما كان إلا أن قررت أن أخوض التجربة وأقدم عليها بقلب كله ضعف وخوف.
تتابع: انفردت في ليلة بنفسي في حجرتي وقد ساد سكون غريب على كل أرجائها، أحضرت مذكرتي وسحبت ورقتين منها وأخذت القلم وكتبت في رأس الورقة الأولى: قائمة بنعم الله عز وجل عليّ، وكتبت في رأس الورقة الثانية: قائمة بما ارتكبت من معاصي وذنوب، وبعد أن كتبت كل ما أستطيع تذكره من نعم الله التي لا تُحصى، بدأت في كتابة المعاصي والذنوب التي ارتكبتها، وضاق صدري واختنقت انفاسي وسالت عيني بدمع ساخن حرق خذي وتجاوبت له روحي، وتذكرت قوله تعالى من سورة التوبة: “عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ“.
وفي لحظة شعرت برغبة قوية في التغيير، رفعت رأسي بثبات، وبجهد كبير استطعت أن افتح عيني وأنظر إلى الأعلى، شيء كالطيف مر بسرعة البرق أما ناظري، خفق له قلبي، إنه بصيص الأمل، وسمعت روحي تخاطبني في حنية بالغة:
علام تبكين؟؟ كوني متفائلة، ما زال الوقت أمامك، توبي إلى الله، الله عظيم وعفوه كبير ورحمته وسعت كل شيء، وبالفعل، أعلنت توبتي أمام ربي وتوسلت إليه جلت قدرته بان يباعد بيني وبين خطاياي كما باعد بين السماء والأرض وبأن ينقيني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ويغسلني منها بالماء والثلج والبرد، ومسحت دموعي وعدت الى فراشي وكلي تقة بنفسي ورضى على حالي ونمت نومًا هادئًا ومريحًا جدًا، أقسم لم أتذوق مثله من قبل، وكانت ليلة من أجمل ليالي عمري.
اقرأ أيضا: أحاديث عن التوبة إلى الله
خواص سورة التوبة
من أبرز خواص سورة التوبة ما ثبت عَنْ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قَالَ: مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2305 | خلاصة حكم المحدث : حسن )) السبعُ الأُوَل هي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة، وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.
عن عدي بن حاتم الطائي قال: أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وفي عنقي صليبٌ من ذَهبٍ. فقالَ يا عديُّ اطرح عنْكَ هذا الوثَنَ وسمعتُهُ يقرأُ في سورةِ براءةٌ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ أما إنَّهم لم يَكونوا يعبدونَهم ولَكنَّهم كانوا إذا أحلُّوا لَهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليْهم شيئًا حرَّموه. (( الراوي : عدي بن حاتم الطائي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3095 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
عن زيد بن ثابت قال: أَرْسَلَ إلَيَّ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قَالَ: إنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاتَّبِعِ القُرْآنَ، فَتَتَبَّعْتُ حتَّى وجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مع أبِي خُزَيْمَةَ الأنْصَارِيِّ، لَمْ أجِدْهُما مع أحَدٍ غيرِهِ، {لقَدْ جَاءَكُمْ رَسولٌ مِن أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه ما عَنِتُّمْ} إلى آخِرِهِ. (( الراوي : زيد بن ثابت | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4989 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
عن سعيد بن جبير: قُلتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ التَّوْبَةِ، قالَ: آلتَّوْبَةِ؟ قالَ: بَلْ هي الفَاضِحَةُ ما زَالَتْ تَنْزِلُ، وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ حتَّى ظَنُّوا أَنْ لا يَبْقَى مِنَّا أَحَدٌ، إلَّا ذُكِرَ فِيهَا، قالَ: قُلتُ: سُورَةُ الأنْفَالِ؟ قالَ: تِلكَ سُورَةُ بَدْرٍ قالَ: قُلتُ: فَالْحَشْرُ؟ قالَ: نَزَلَتْ في بَنِي النَّضِيرِ. (( الراوي : سعيد بن جبير | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 3031 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
ومن أبرز ما تضمنته آيات سورة التوبة: الأمر الصريح والمباشر من الله لرسوله صلى الله عليه وسلّم وللمؤمنين بالبراءة من المشركين والمنافقين، وجهادهم، وقتالهم حيث ما وجدوا بالأموال والأنفس، والقعود لهم كلّ مرصد، لعلّهم ينتهون أو يتوبون. وأنّ المنافقين هم كالمشركين، مشتركون جميعاً في عبادة واتباع وإرضاء المخلوق من دون الله الخالق.
تُشير الآيات إلى أن الله سبحانه ابتلى عباده بالقتال، ويريد أن يعلم الذين جاهدوا ولم يتخذوا من دونه ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة. وأنه سبحانه اشترى من المؤمنين أموالهم وأنفسهم بأن لهم الجنة. وأن في الجهاد الخير والفلاح والبشارة بالفوز العظيم. وأن به يريد سبحانه أن يتوب على من يشاء.
اقرأ أيضا: موضوعات ومضامين سورة التوبة