تجربتي مع الاستغفار من أكثر التجارب والمواضيع الملهمة التي تدفع الناس إلى الرجوع إلى الله تعالى، حيث يستحب للمسلم أن يكثر من استغفار الله -تعالى- وسؤاله المغفرة والتجاوز عن المعاصي والهفوات التي بدرت منه، وعن الأوقات التي قصّر فيها عن عبادته لله -تعالى- والتقرّب إليه.
تجربتي مع الاستغفار
يقول أحد الشباب كانت تجربتي مع الاستغفار عندما دخلت المسجد في غير وقت الصلاة وكان يبدو على وجهي الهم والحزن الشديد، فإذا برجل متقدم في السن جالس في المسجد، يقول لي: تعالى يا بني اقترب مني، مالي أراك حزيناً هكذا، هل أنت بخير؟ فقلت له: والله يا والدي أنا متزوج من فترة طويلة ولم أرزق بالأولاد، ولم أترك طبيباً واحداً إلا وزرته بحثاً عن العلاج.
قال لي الرجل علاجك عندي يا بني، وأوصني أن أقوم أنا وزوجتي كل يوم قبل الفجر بساعة، وأن نقسم هذه الساعة إلى نصفين، نصف لقيام الليل والنصف الآخر للاستغفار، ولم يكن بيدي حيلة سوى أن أُصدقه بعد أن أعيتني الحيل، وبالفعل ذهبت إلى زوجتي وقلت لها ما قاله لي هذا الشيخ، ووافقتني زوجتي وشجعتني على هذا الأمر؛ لأنها كانت تعلم ما بنفسي من الحزن، وواظبنا سوياً على القيام والاستغفار، وإذا بعلامات الحمل تظهر على زوجتي بعد أسبوعين فقط ببركة تجربتي مع الاستغفار.
ومن أعظم القصص التي تُروى عن الاستغفار أن رجلاً جاء إلى الحسن البصري، رحمه الله، فشكى إليه قلة المطر فقال له : “استغفر الله”، وجاء آخر فشكى إليه الفقر فقال له: “استغفر الله”، وجاء الثالث فاشتكى إليه من عدم الانجاب فقال له : “استغفر الله”، ثم جاء الرابع فاشتكى له ضعف إنتاج وخراج بستانه فقال له : “استغفر الله”.
فقيل للحسن البصري: أو لا تملك إلا الاستغفار لعلاج كل هذا؟ فتلى قوله تعالى: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً”.
اقرأ أيضا: دعاء التحصين من كورونا دعاء رفع البلاء
الاستغفار في القرآن والسنة النبوية
تؤكد العديد من الآيات القرآنية على الاستغفار وأهميته، ومنها:
- قال تعالى: (وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا).
- قال تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا رَّحِيمًا).
- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّـهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
- قال تعالى: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّـهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).
وردت الكثير من الأدعية في السنة النبوية عن الاستغفار، ومنها:
- (سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ). (( الراوي : شداد بن أوس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6323 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- (رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرَافِي في أمْرِي كُلِّهِ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطَايَايَ، وعَمْدِي وجَهْلِي وهَزْلِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ). (( الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6398 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- (أستغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إلهَ إلَّا هو الحيَّ القيومَ وأتوبُ إليه). (( الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : الألباني | المصدر : الكلم الطيب، الصفحة أو الرقم: 39 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
- (اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ). (( الراوي : أبو بكر الصديق | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6326 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- (اللَّهمَّ اغفِر لي وارحَمني وارزُقني وعافِني). (( الراوي : عبدالله بن أبي أوفى | المحدث : أبو حاتم الرازي | المصدر : البدر المنير، الصفحة أو الرقم: 3/575 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- (اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وأَسْرَرْتُ وأَعْلَنْتُ، أنْتَ إلَهِي لا إلَهَ لي غَيْرُكَ). (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7385 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
اقرأ أيضا: أحاديث عن الاستغفار
فوائد الاستغفار
يعود استغفار العبد عمّا ارتكب من أخطاءٍ في حياته بفوائد جليلة وآثارٍ عظيمةٍ تنفعه وتقوّيه في نفسه وحياته، ومن فوائد الاستغفار ما يأتي:
- نيل القرب من الله -تعالى- وكثرة التّعلق به، فكلّما انشغل المسلم بذكر الله زاد قُربه منه.
- تفريج الكرب وانشراح الصدور، وذهاب الهموم والغموم.
- سببٌ في دخول جنّات النعيم والتمتع بما أعدّ الله -تعالى- لأهلها.
- سببٌ في صفاء القلب ونقائه، والشعور بالراحة والطمأنينة.
- مكفّرٌ للذنوب؛ فالإكثار من الاستغفار والمداومة عليه من أسباب مغفرة صغائر الذنوب وكبائرها إن تحقّقت شروط التوبة أيضاً.
- دفع البلاء الّذي قد يصيب العبد، وطريق لحلّ المشكلات التي تواجهه، والتّغلب على الصعوبات التي تعترضه في حياته.
- نوعٌ من أنواع الدعاء، وحكمه في ذلك حكم الدعاء؛ فالمسلم وهو يستغفر يطلب من ربه -عز وجل- مغفرة ذنوبه، وكلما رافق ذلك الشعورَ بالانكسار والافتقار والتّذلل بين يدي الله تعالى كلمّا كان أرجى لإجابة دعائه، لا سيما إذا تحرّى مواطن الإجابة وأوقاتها.
اقرأ أيضا: أسرار سبحان الله وبحمدِه