إنّ أصعب الأمور في الحياة أن تثق تمام الثقة بمن حولك ويردون إليك تلك الثقة بخذلانٍ كبيرٍ غير متوقع، فيصبح الأمر أشبه بكابوس مظلم لا تفسير له، فالأمر محبط للغاية، ولكن الأصعب من ذلك، أن تخذلك نفسك، أي الشعور بالخذلان من بعد الأمل، أن تكون طموحاً، تسعى، وتسعى ولم تصل لما تريد، فيصبك الخذلان، والانكسار، وقد عبّر العديد من الشعراء في قصائد شعر عربي عن الخذلان والشعور بالخيبة.
شعر عربي عن الخذلان
تُعتبر قصيدة الخذلان من أهم قصائد شعر عربي عن الخذلان، وتعود هذه القصيدة للشاعر عبد الرحيم محمود، وهو ثوري وشاعر فلسطيني، ولد في بلدة عنبتا التابعة لقضاء طولكرم، واستشهد، لقب بالشهيد قبل أن ينال الشهادة، وذلك بسبب قصيدته (الشهيد)، وقال في قصيدته عن الخذلان:
غنني يا طيور نغمة خلد
-
-
-
-
- وأنشدي القلب مسترق الأغاني
-
-
-
سكني قلبي الحزين فإن الصد
-
-
-
-
- ر أودى من شدة الخفقان
-
-
-
إن من شدوك الممض لسرا
-
-
-
-
- ثار في صيب دمعي الهتان
-
-
-
ليتني كنت طائرا يتغنى بلحون
-
-
-
-
- الأسى على الأفنان
-
-
-
أنا طير قد قص مني جناحي
-
-
-
-
- وفؤادي قد هام بالطيران
-
-
-
من يقلني من عثرتي فبنفسي
-
-
-
-
- زفرات يفحمن كل بيان
-
-
-
لهف نفسي وألف لهف على من
-
-
-
-
- ضيع العمر سادرا بالأماني
-
-
-
قل له لا تنتهك قوة منطق
-
-
-
-
- ولا شاعر رقيق المعاني
-
-
-
لو تقطعت الأعجاز في هذه الدنـ
-
-
-
-
- ـيا تبددت ضائعا كالدخان
-
-
-
قد تبدت لي الحياة شقاء
-
-
-
-
- وأنا في شبابي الريان
-
-
-
وعنتني فوادح الدهر حتى
-
-
-
-
- صرت في الدهر كالأسير العاني
-
-
-
يرقب الموت كل مطلع صبح
-
-
-
-
- ويرى النطع فوق كل مكان
-
-
-
عصفت صر صر الحياة بنفسي
-
-
-
-
- فعفتها وهدمت لي كياني
-
-
-
ورمتني بين الورى أتلظى
-
-
-
-
- بسعير الآلام والأحزان
-
-
-
من شفائي إذا السقام توالى
-
-
-
-
- وضيائي إذا الظلام عراني
-
-
-
أنظم الشعر من عذابي فأبكي
-
-
-
-
- و القوافي مذلتي وامتهاني
-
-
-
اقرأ أيضا: شعر عربي عن الذل
ومن القصائد الأخرى التي تُعبر عن الخذلان قصيدة البكاء، وهي قصيدة تعود القصيدة للشاعر محمود درويش، شاعر المقاومة الفلسطينية، وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين، ويقول في قصيدته:
ليس من شوق إلى حضنٍ فقدتُهْ
ليس من لتمثال كسرته
ليس من حزنٍ على طفل دفنته
أنا أبكي!
أنا أدرى أن دمع العين خذلان .. وملحُ
أنا أدري،
وبكاءُ اللحن مازال يلحُّ
لا تَرُشّي من مناديلك عطراً
لستُ أصحو.. لستُ أصحو
ودعي قلبيَ.. يبكي!
شوكة في القلب مازالت تغزُّ
قطرات .. قطراتٍ… لم يزل جرحي ينزُّ
أين زر الورد ؟
هل في الدم ورد ؟
يا عزاء الميتين!
هل لنا مجد وعزُّ!
أتركي قلبيَ يبكي!
خبِّئي عن أذُني هذي الخرافات الرتيبهْ
أنا أدرى منك بالإنسان…بالأرض الغريبهْ
لم أبعْ مهري ولا رايات مأساتي الخضيبهْ
ولأني أحمل الصخَر وداء الحب…
والشمس الغريبهْ
أنا أبكي!
أنا أمضي قبل ميعادي .. مبكرْ
عمرنا أضيق منا،
عمرنا أصغر .. أصغرْ
هل صحيحٌ’ يُثمر الموت حياةً
هل سأثمرْ
في يدِ الجائع خبزاً, في فم الأطفال سكَّرْ؟
أنا أبكي!
اقرأ أيضا: شعر عربي عن الحزن
ومن أشهر القصائد عن الخذلان قصيدة جوائز الخذلان التي تعود القصيدة للشاعر علي محمود خضير، وهو شاعر عراقي من مواليد بغداد، يعد من أهم الشعراء العراقيين حالياً، خاصة الجيل الذي ظهر بعد حرب الخليج الثالثة، والتي انتهت باحتلال العراق، ويقول في قصيدته:
من أجل مزاراتٍ مضرَّجةٍ بالندى،
يُشعِلونَ قاماتِهم.
كأحضانٍ تشتهي الفجيعة
كسنابلَ تُراودُها شهوةُ الاحتراقْ
يتناسلُ في جوفنا عَفَنُ غربةٍ موكَلَةٍ بمُدَاورةِ أباطيلنا الشاهقةِ
وهي تلوحُ بأيامنا كمدينٍ دنيء
يخضَرُّ بدروبِنا وَجَعُ الأمنياتِ إذ تجسُّ جروحَنا ببساطيرها المالحة
لدفاترِنا سخريةُ البياض
لقلوبنا جرمُ السذاجة
لأحذيتنا وفاءُ الثقوب!
أرسمُ على جدرانهم،
نخلةً تحترقُ
وحتى أتّقي هُزْءَ المزنجراتِ وصياحَ بنادقَ ملثَّمَة
أصمُّ أذني بجمرةٍ سافرة.
..
غائمٌ وجهُ الماء
لللافتاتِ السود
تاريخٌ آهِلٌ بالصمت
وللتوابيتِ عطش
على كتفَيَّ غبارٌ
تسفوهُ ريحٌ فقدتْ ذاكرتَها
وهي تلمُّ من النخلِ اعترافَهُ
سنواتُ الأسى تركضُ بعروقِنا
على جلودِنا حفائرُ الغرباء، يجتهدون لينسوها
ونعيش لننسى.
على النوافذ دموعٌ نبيلة
وانتظاراتٌ مُرّة.
ذاكرةٌ تثقبها صورُ الراحلين
تتمرّغُ على ضفافِ خيبةٍ آسنة.
أولئك..
مسرّاتُهُمْ مؤجَّلةٌ وجاحدة
حدائقُهُمْ خربةٌ وماؤها حامض
عيونُ أطفالِهم مطفأةٌ كليلٍ أخير
كلَّ ليلةٍ
يعوون في صدري
كعاصفةٍ نَسيَتْ أنْ تهدأ
صرعى على بابِ الأساطير
لأحلامهم
جوائزُ الخذلان.
اقرأ أيضا: شعر عربي عن الخيانة
أبيات شعر عربي عن الخذلان
- قال ابن الفارض:
إنْ كان مَنزِلَتي في الحبّ عندكُمُ
ما قد رأيتُ فقد ضيّعْتُ أيّامي
أُمْنِيّة ظفِرَتْ روحي بها زَمَناً
واليومَ أحسَبُها أضغاثَ أحلام
وإن يكُنْ فرطُ وجدي في مَحَبّتِكُمُ
إثْماً فقد كَثُرَتْ في الحبّ آثامي
ولو علِمْتُ بأَنّ الحُبّ آخِرُهُ
هذا الحِمَامُ لَمَا خالَفتُ لُوّامي
أَودَعْتُ قلبي إلى مَن ليس يحفظُه
أبصرْتُ خلفي وما طالعتُ قدَّامي
لقد رَمَاني بسهمِ من لواحِظِهِ
أصْمى فؤادي فوا شوقي إلى الرامي.
- قال الصبَّاغ الجذامي:
لا غروَ أنَّ الدَّمعَ يمحو جريه
بالخدِّ سكبًا ما جناه الجاني
للهِ قومٌ أخلصوا فتخَلَّصوا
مِن آفةِ الخسرانِ والخِذْلَان.
- قال طالب بن أبي طالب:
ألا إنّ عيني أنفدتْ دمعَها سكبا
تبكى على كعبٍ وما إنْ ترى كعبا
ألا إنّ كعبًا في الحروبِ تخاذلوا
وأرداهم ذا الدهرِ واجترحوا ذنبا
وعامرٌ تبكى للملماتِ غدوةً
فيا ليت شعري هل أرى لهم قربا.
- قال زيد الخيل:
فلو أنَّ نصرًا أصلحتْ ذاتَ بيننا
لضحَّت رويدًا عن مطالبِها عمرُو
ولكن نصرًا أرتعتْ وتخاذلتْ
وكانت قديمًا مِن خلائقها الغَفْرُ.
- قال زهير بن أبي سلمى:
ألم ترَ للنُّعمانِ كان بنجوةٍ
مِن الشَّرِّ لو أنَّ امرأً كان ناجيا
فلم أرَ مخذولًا له مثلُ ملكِه
أقلَّ صديقًا باذلًا أو مواسيا.
- قال المهلهل عدي بن ربيعة:
وابكينَ للأيتامِ لـمَّا أقحطوا
وابكين عندَ تخاذلِ الجيرانِ
وابكين مصرعَ جيدِه متزمِّلًا
بدمائِه فلذاك ما أبكاني.
- قال ابن الرومي:
وقد كنتُ أرجو منكم خيرَ ناصرٍ
على حينِ خِذْلَانِ اليمينِ شمالها
فإن أنتم لم تحفظوا لمودَّتي
ذمامًا فكونوا لا عليها ولا لها.
اقرأ أيضا: خواطر عن الخذلان