خلق الله تعالى الشمس والقمر، وجعلهما آيتيْن من آياته في هذا الكون العظيم، فالقمر يدور حول الأرض ضمن مسار محدّد، والأرض تدور حول الشمس في مسار محدّد أيضًا لينتج عن هذا الدوران تعاقب الليل والنهار، وجعل الله تعالى القمر من مظاهر الجمال في هذه الدنيا، وقد كتب الشعراء الكثير من قصائد شعر عربي عن القمر وجماله.
شعر عربي عن القمر
يقول الشاعر المصري إبراهيم ناجي في قصيدة استقبال القمر التي تُعد واحدة من أعظم قصائد شعر عربي عن القمر :
أقبل بموكبك الأغَر
ما أظمأَ الأبصارَ لك
العين بعدك يا قمر
عمياءُ والدنيا حلَك
تمضي وراءَ سحابة
تحنو عليك وتلثُمك
وأنا رهين كآبة
بخواطري أتوهَّمك
كن حيث شئت فما أنا
إلا معنَّى بالمحال
أغدو لقدسك بالمنى
وأزور عرشك بالخيالِ
وأقول صبراً كلَّما
عزَّ الفكاك على الأسير
روحي وروحك ربما
طابا عناقاً في الأثير
مهما تسامى موضعُك
وعلا مكانك في الوجود
فأنا خيالك أتبعُك
ظمآن أرشف ما تجود
قمرَ الأماني يا قمر
إني بهمٍّ مسقمِ
أنت الشفاء المدَّخر
فاسكب ضياءك في دمي
أفرغ خلودك في الشباب
واخلع على قلبي الصفاء
أسفاً لعمر كالحباب
والكأس فائضة شقاء
خذني إليك ونجّني
مما أُعاني في الثرى
قدحي ترنَّق فاسقني
قدح الشعاع مطهّر
واهاً لأحلامٍ طوال
وأنا وأنتَ بمعزلِ
نَعلو على قمم الجبال
ونرى العوالم من عَلِ.
يقول الشاعر المصري أمل دنقل في قصيدته مقتل القمر:
وتناقلوا النبأ الأليم على بريد الشمس في كل مدينة
قُتِل القمـــر!
شهدوه مصلوباً تَتَدَلَّى رأسه فوق الشجر !
نهب اللصوص قلادة الماس الثمينة من صدره!
تركوه في الأعواد كالأسطورة السوداء في عيني ضرير
ويقول جاري :كان قديساً، لماذا يقتلونه؟
وتقول جارتنا الصبية :كان يعجبه غنائي في المساء
وكان يهديني قوارير العطور
فبأي ذنب يقتلونه ؟
هل شاهدوه عند نافذتي _قبيل الفجر _ يصغي للغناء؟!
وتدلت الدمعات من كل العيون
كأنها الأيتام – أطفال القمر
وترحموا…
وتفرقوا…..
فكما يموت الناس…..مات !
وجلست،
أسألة عن الأيدي التي غدرت به
لكنه لم يستمع لي،
كان مات!
****
دثرته بعباءته
وسحبت جفنيه على عينيه…
حتى لايرى من فارقوه!
وخرجت من باب المدينة
للريف:
يا أبناء قريتنا أبوكم مات
قد قتلته أبناء المدينة
ذرفوا عليه دموع أخوة يوسف
وتفرَّقوا
تركوه فوق شوارع الإسفلت والدم والضغينة
يا أخوتي : هذا أبوكم مات !
ماذا ؟ لا…….أبونا لا يموت
بالأمس طول الليل كان هنا
يقص لنا حكايته الحزينة !
يا أخوتي بيديّ هاتين احتضنته
أسبلت جفنيه على عينيه حتى تدفنوه !
قالوا : كفاك ، اصمت
فإنك لست تدري ما تقول !
قلت : الحقيقة ما أقول
قالوا : انتظر
لم تبق إلا بضع ساعات…
ويأتي!
***
حط المساء
وأطل من فوقي القمر
متألق البسمات، ماسىّ النظر
يا إخوتي هذا أبوكم ما يزال هنا
فمن هو ذلك المُلْقىَ على أرض المدينة ؟
قالوا: غريب
ظنه الناس القمر
قتلوه ، ثم بكوا عليه
ورددوا (قُتِل القمر)
لكن أبونا لا يموت
أبداً أبونا لايموت!
يقول الشاعر الفسلطيني محمود درويش في قصيدته خائف من القمر:
خبّئيني أتى القمر
ليت مرآتنا حجر
ألف سرّ سري
وصدرك عار
وعيون على الشجر
لا تغطّي كواكبا
ترشح الملح والخدر
خبّئيني.. من القمر
وجه أمسي مسافر
ويدانا على سفر
منزلي كان خندقاً
لا أراجيح للقمر
خبّئيني.. بوحدتي
وخذي المجد.. والسهر
ودعي لي مخدتي
أنت عندي
أم القمر.
اقرأ أيضا: أحاديث عن القمر
أبيات شعر عربي عن القمر
- يقول أبو نواس:
يا قَمَـرَ اللّيْـلِ إذا أظلَمَـا هـل يَـنْـقُصُ التَّـسليـمُ من سلَّمَـا
قد كنتَ ذا وَصْلٍ فمن ذا الَّذي عَـلَّمـكَ الهِـجْرَانَ لا علَّمَـا
إنْ كنتَ لي بينَ الوَرَى ظالِماً رَضيتُ أنْ تَبقى وأنْ تَظلِمَا
- يقول أبو تمام:
قَمَرٌ تَبَسَّمَ عَن جُمانٍ نابِتٍ
فَظَلِلتُ اَرمُقُهُ بِعَينِ الباهِتِ
مازالَ يَقصُرُ كُلُّ حُسنٍ دونَهُ
حَتّى تَفاوَتَ عَن صِفاتِ الناعِتِ
سَجَدَ الجَمالُ لِوَجهِهِ لَمّا رَأى
دَهَشَ العُقولِ لِحُسنِهِ المُتَفاوِتِ
إِنّي لَأَرجو أَن أَنالَ وِصالَهُ
بِالعَطفِ مِنهُ وَرَغمَ أَنفِ الشامِتِ
- يقول ابن زيدون:
ما جالَ بَعدَكِ لَحظي في سَنا القَمَرِ
إِلّا ذَكَرتُكِ ذِكرَ العَينِ بِالأَثَرِ
وَلا اِستَطَلتُ ذَماءَ اللَيلِ مِن أَسَفٍ
إِلّا عَلى لَيلَةٍ سَرَّت مَعَ القِصَرِ
ناهيكِ مِن سَهَرٍ بَرحٍ تَأَلَّفَهُ
شَوقٌ إِلى ما اِنقَضى مِن ذَلِكَ السَمَرِ
فَلَيتَ ذاكَ السَوادَ الجَونَ مُتَّصِلٌ
لَو اِستَعارَ سَوادَ القَلبِ وَالبَصَرِ
- يقول أسامة بن منقذ:
قَمرٌ إذا عاتَبتُه
كانتْ قطيعَتُهُ جَوابي
مُتجرِّمٌ أبداً يُجر
رِعُنِي مَراراتِ العتابِ
كم سهَّلَتْ عيناهُ لي
من وصلِه وعْرَ الطِّلابِ
حتى وقعتُ ولم يَكُن
هذَا التلَّونُ في حِسابي
- يقول بهاء الدين زهير:
حَبيبي عَلى الدُنيا إِذا غِبتَ وَحشَةٌ
فَيا قَمَراً قُل لي مَتى أَنتَ طالِعُ
لَقَد فَنِيَت روحي عَلَيكَ صَبابَةً
فَما أَنتَ يا روحي العَزيزَةَ صانِعُ
سُرورِيَ أَن تَبقى بِخَيرٍ وَنِعمَةٍ
وَإِنّي مِنَ الدُنيا بِذَلِكَ قانِعُ
فَما الحُبُّ إِن ضاعَفتُهُ لَكَ باطِلٌ
وَلا الدَمعُ إِن أَفنَيتُهُ فيكَ ضائِعُ
وَغَيرُكَ إِن وافى فَما أَنا ناظِرٌ
إِلَيهِ وَإِن نادى فَما أَنَ سامِعُ
كَأَنِّيَ موسى حينَ أَلقَتهُ أُمُّهُ
وَقَد حَرِمَت قِدماً عَلَيهِ المَراضِعُ
- يقول الشاعر طالب همّاش:
قمرٌ يسهرُ في البستانِ،
فالديجورُ يجري شمعداناتٍ،
وأنهارَ شموعٍ وكلامْ!
قمرٌ يغرقُ في بحرٍ من الحنّاءِ في ديّارةِ الشهرِ الحرامْ!
فتعلّمْ أيُّها العاشقُ إيقادَ الشموعْ!
وتعلّم أن تسمّي في غروبِ الشمس أحزانَ اليسوعْ!
واسكبِ الخمرَ ولا تسألْ نديماً:
ما الذي يجعلُ أرواحَ السكارى في هيامْ!؟
- يقول بدر شاكر السياب:
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ،
أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر.
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء… كالأقمار في نهَرْ.
اقرأ أيضا: خواطر عن الليل والقمر