جعل الإسلام للأبواب الواسعة من الأخلاق والخصال مفتاحًا ومقياسًا يبيّن جميلها وقبيحها، وهو خلق الحياء فهو حسن الخلق بعينه ويكون بالحياء من الله، ومن الناس، ومن النفس، ويُعدّ علامة الإيمان فلا غرابة في أن يكون الحياء هو خلق الإسلام، لذلك تعظم ثمرة الحياء في الدنيا والآخرة.
ثمرة الحياء في الدنيا
الحياء من صفات النفس المحمودة، وهو من خلق الكرام، وسمة أهل المروءة والفضل، وللحياء ثمرات وفضائل كبيرة تعود على صاحبها بالنفع حيث تتمثل ثمرة الحياء في الدنيا فيما يأتي:
لا يرافق الحياء إلّا كل خير، فذهاب الحياء يعني ذهاب الخير فهو مفتاح الخير، وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: (الحياءُ خيرٌ كلُّهُ، أو قال: الحياءُ كلُّهُ خيرٌ). (( الراوي : عمران بن الحصين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 37 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
يزيد الحياء من الإيمان، فالإيمان والحياء مترافقان لا يفترقا أبدًا، وإذا رفع أحدهما من المرء يرفع معه الآخر، فالإيمان يزداد بالحياء، فكليهما يحثان على أعمال الخير والبعد عن الشر وكل ما هو قبيح، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: (الحَيَاءُ وَالإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ). (( الراوي : أبو بكرة وأبو سلمة وأبو هريرة | المحدث : الذهبي | المصدر : الكبائر، الصفحة أو الرقم: 472 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
ينال من يتصف بالحياء محبة الله سبحانه ويتقرّب إليه، فالحياء خلقٌ يحبه الله سبحانه، قال عليه الصلاة والسلام:(إِنَّ فيكَ لَخُلُقَيْنِ يحبُّهُما اللهُ قُلْتُ: وما هُما يا رسولَ اللهِ؟ قال: الحِلْمُ والحَياءُ). (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم: 3395 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
يدعو الحياء العبد لترك المعاصي والآثام، والالتزام بمكارم الأخلاق، فهو الحاجز والحجاب بين فعل المعاصي وتجنبها، وهو الرادع عن كل قبيح وفاحش، وبغيابه تتدمر الأخلاق ولا يُرى بأسًا بالمعاصي فيعظم البلاء والشر، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ، فَاصْنَع مَا شِئْتَ). (( الراوي : أبو مسعود عقبة بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3483 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
يُعتبر الحياء أجمل وأبهى زينة للعبد، فالحياء يُجمّل ويُحسن وجه العبد المصون، ويجعله كاللؤلؤ المكنون، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَالَ: (مَا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا كَانَ الفُحْشُ فِي شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ). (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 551 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح )) كما أن الحياء يصون العرض والشرف. الحياء يُساعد في انتشار الاحترام والتسامح بين الناس، ونيل محبتهم.
اقرأ أيضا: مقال عن الحياء
أنواع الحياء
- الحياء من الله عز وجل، وذلك باتباع دينه وطاعته وفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، عن ابن مسعود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (استَحيوا منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ، قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله، قالَ : ليسَ ذاكَ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ، وما وَعى، وتحفَظَ البَطنَ، وما حوَى، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني: منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ). (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 5/246 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
- الحياء من الناس، ويكون ذلك بعدم التعدي عليهم وأذيتهم، والابتعاد عن السوء والمجاهرة بالمعاصي.
- الحياء من النفس، وذلك بتقديرها وصونها عن المحرّمات وحفظها من كل سوء، والزامها بالعفة خاصةً عند الاختلاء.
اقرأ أيضا: هل تعلم عن الحياء
الحياء من صفات الرسل عليهم السلام
الحياء من صفات الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومما ورد في ذلك في وصف سيدنا موسى عليه السلام أنه كان حييًّاّ ستٍّيراّ فعن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:” إنَّ موسى كان رجلًا حييًّا ستِّيرًا، لا يُرَى مِن جلده شيء استحياءً منه، فآذاه مَن آذاه مِن بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التَّستُّر إلَّا مِن عيب بجلده، إمَّا برص وإمَّا أُدْرَة وإمَّا آفة.
وإنَّ الله أراد أن يبرِّئه ممَّا قالوا لموسى فخلا يومًا وحده، فوضع ثيابه على الحجر ثمَّ اغتسل، فلمَّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإنَّ الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى انتهى إلى ملإٍ مِن بني إسرائيل، فرأوه عريانًا أحسن ما خلق الله، وأبرأه ممَّا يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربًا بعصاه، فو الله إنَّ بالحجر لندبًا مِن أثر ضربه ثلاثًا، أو أربعًا، أو خمسًا”، فذلك قوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3404 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
اقرأ أيضا: أحاديث عن الحياء