يعدّ الدّعاء في الإسلام من أعظم العبادات التي تصلُ العبد بربّه، وبه يستشعر المسلم لذّة القُرب من مولاه، ويُطلَق على الدعاء في صلاة الوتر دعاء القنوت، ومن أهم الأسئلة التي يجب على المسلم معرفة الإجابة عنها سؤال ” يستحب القنوت في الوتر بعد أي جزء من أجزاء الصلاة”.
يستحب القنوت في الوتر بعد
يستحب القنوت في الوتر بعد القيام من الركوع في الركعة الأخيرة على ما صحّ من أقوال العلماء، أمّا بالنسبة إلى صِيَغ دعاء الوتر، فإنّ له عدّة صِيَغ وردت في السنّة، ومنها:
- ما رُوِي عن الحسن بن عليّ -رضي الله عنه- أنّه قال: (علَّمَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كلِماتٍ أقولُهنَّ في الوِترِ في القنوتِ: اللَّهمَّ اهدِني فيمَن هديتَ، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ). (( الراوي : الحسن بن علي بن أبي طالب | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسندن الصفحة أو الرقم: 320 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
- ما ورد عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يقولُ في وترِهِ اللهم إِنَّي أعوذُ برضاكَ من سخَطِكَ وأعوذُ بمعافاتِكَ من عقوبَتِكَ وأعوذُ بك منكَ لا أُحْصي ثناءً عليكَ أنتَ كما أثنيتَ على نفسِكَ). (( الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : نتائج الأفكار، الصفحة أو الرقم: 3/25 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
- ما جاء عن عبدالرحمن بن أبزى -رضي الله عنه- حين قال: (صلَّيتُ خَلفَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنهُ صلاةَ الصُّبحِ فَسَمِعْتُهُ يقولُ بعدَ القِراءةِ قبلَ الرُّكوعِ : اللَّهمَّ إيَّاكَ نَعبُدُ، ولَكَ نصلِّي ونَسجُدُ وإليكَ نَسعَى ونَحفِدُ، نَرجو رَحمتَكَ، ونَخشَى عذابَكَ، إنَّ عذابَكَ بالكافِرينَ مُلحِقٌ، اللَّهمَّ إنَّا نَستعينُكَ ونَستغفِرُكَ، ونُثني عَليكَ الخيرَ، ولا نَكْفرُكَ، ونؤمنُ بِكَ، ونخضَعُ لَكَ، ونَخلَعُ مَن يَكْفرُكَ). (( الراوي : عبدالرحمن بن أبزى | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل، الصفحة أو الرقم: 2/170 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
اقرأ أيضا: من صلى المغرب بعد مغيب الشفق الأحمر فقد اخرها
حكم دعاء القنوت في الوتر
هناك العديد من الأحكام التي ذكرها الفقهاء والتي تتعلق بدعاء القنوت في صلاة الوتر، وقد جاءت هذه الأحكام على النحو التالي:
- المالكيّة: يُكرَه عندهم الإتيان بدعاء القنوت في صلاة الوتر على المشهور في مذهبهم.
- الشافعية: يُسَنّ عندهم في النصف الثاني من شهر رمضان، أمّا في غير ذلك فهو مكروه، وذهب الإمام النوويّ من فقهاء الشافعية إلى أنّه مَسنون طيلة أيّام السنة.
- الحنابلة: يُسَنّ القنوت في الوتر في كلّ ليلة على المشهور في المذهب عندهم.
- الحنفية: يُعَدّ القنوت في صلاة الوتر سُنّة، واستدلّوا على ذلك بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما علّم الحسن بن عليّ -رضي الله عنه- دعاء الوتر.
اقرأ أيضا: كيفية صلاة الوتر والشفع
وقت دعاء القنوت في الوتر
يختصّ دعاء القنوت في الوتر بوقت مُعيَّن يُستحَبّ للمسلم أن يدعو به، وقد وردت عدّة أقوال للعلماء في ذلك، على النحو الآتي:
- الحنفية والحنابلة: يرون أنّ الدعاء مشروع في أيّام السنة جميعها، ودليلهم على ذلك أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- علّم الحسن بن علي -رضي الله عنه- دعاء يدعو به في قنوت الوتر -كما سبق القول-.
- الشافعية: يرون أنّ الدعاء في الوتر مشروع في النصف الأخير من رمضان فقط، كما يرون أنّه لا قنوت في الصلوات إلّا في صلاة الفجر على كلّ حال، أمّا القنوت في غير صلاة الفجر فهو مخصوص بحالة نزول نازلة بالمسلمين، وأدلّتهم على أنّ الوتر مشروع في النصف الأخير من رمضان ما يأتي: ما رُوِي عن أنس -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقنُتُ في النِّصفِ من رَمضانَ إلى آخِرِه) (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 2/568 | خلاصة حكم المحدث : بإسناد صحيح )) وما ورد عن أنّ عمر وعليّاً وأُبَيّ بن كعب كانوا لا يقنتون إلّا في النصف الآخر من رمضان.
- المالكية: يرون أنّه لا قنوت في الوتر مُطلقاً، وهذا على المشهور في مذهبهم.
ويرى الإمام ابن باز أنّ قنوت الوتر مشروع، ومُستحَبّ؛ سواء أكان في أوّل الليل، أم في وسطه، أم آخره؛ لأنّ دعاء الوتر مُتعلِّق بأداء الوتر، ووقت الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بحيث يدعو المُصلّي في وتره ما يشاء في أيّ وقت من الليل، دون تخصيصه بوقت مُعيَّن، وإن ترك دعاء القنوت فلا حرج عليه.
اقرأ أيضا: ما هو الوتر
ترك دعاء القنوت في الوتر
اختلف الفقهاء في حُكم من نَسِي القنوت في صلاة الوتر على آراء، وبيان ذلك على النحو الآتي:
- الحنفية: يرون أنّ القنوت جزء من صلاة الوتر؛ ولذلك يجب على من نَسِيه أن يسجدَ سجود السهو.
- الحنابلة: يرون إباحة سجود السهو لمَن ترك دعاء القنوت، وعدم وجوبه، وإن سجد فلا بأس، ودليلهم أنّ القنوت ليس بفرض، وأنّ تَرك المُصلّي له لا يُبطِل صلاتَه ولو عمداً؛ لأنّ القنوت لا يُعَدّ من أركان الصلاة.
- الشافعية والمالكية: يرون أنّه لا سجود على من نَسِي القنوت، ودليلهم على ذلك أنّ القنوت ليس رُكناً من الصلاة، ولا جزءاً منها، وإنّما هو من الهيئات؛ والمقصود بذلك: أنّها من السُّنَن التي لا تُجبَر بالنقص؛ لعدم ورود جُبرانها به.
اقرأ أيضا: أحاديث عن صلاة الوتر