يُعرف الصيام في اللغة بأنه الإمساك عن الشيء، بينما يُقصد به في الاصطلاح الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من آذان الفجر الثاني وحتى غروب الشمس، وبالتالي لا يجوز الإفطار في نهار رمضان باستثناء الرخص التي شرعها الله لعباده، وتكثر الأحكام الفقهية المتعلقة بشهر رمضان المعظم والرخص التي تتيح للمسلم الإفطار، ومن هذه الأحكام الفقهية المهمة هل بخاخ الانف يفطر أم لا.
هل بخاخ الانف يفطر
إنّ حكم استنشاق الدواء عن طريق الأنف للصائم أو إدخال المادة بصورة رذاذ في النهار ينقسم إلى عدة أقسام، والذي عليه جمهور الفقهاء هو أن ما وصل إلى الجوف عن طريق الأنف يعد من المفطرات كتناول الطعام، سواء كان ماء أم دواء، حتى وإن كان على صورة بخار متحلل، كبخاخ الربو فإنه أيضًا يعدّ من المفطرات.
وأيد ذلك بعض العلماء كابن باز رحمه الله تعالى فقال: أما القطرة فلا تجوز، لأن الأنف منفذ يدخل فيه أي مادة وتصل إلى الجوف، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ـ وعلى من فعل ذلك القضاء لهذا الحديث وما جاء في معناه إن وجد طعمها في حلقه”.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: القطرة الأنفية إذا استخدمها الصائم ووصلت إلى المعدة، فإنها تفطره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث لقيط بن صبرة: “بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً”، مما يعني أنه لا يجوز للصائم أن يقطر في أنفه ما يدخل في جوفه ووصولًا إلى معدته، وأما ما لا يصل إلى ذلك من قطرة الأنف، فإنها لا تفطر، ويستطيع الصائم أن يميز ذلك باستطعام السائل أو الرذاذ.
إن الذي عليه جمهور الفقهاء أن التقطير بواسطة البخاخ في الأنف في نهار رمضان فإنه مفطر، كما أن استخدام البخاخات لعلاج الأذن أيضًا من المفطرات، وعلى ذلك على الصائم أن يجتنب استعمال القطرات الموصلة إلى الجوف ثم المعدة في نهار رمضان بناء على القول بفساد الصيام بكل ما يصل إلى الجوف من أي منفذ.
ولهذا لا بد للعبد أن يؤخر استعمال هذه العلاجات خلال النهار إن لم يترتب على تأخيرها إلى الليل ضرر كمرض جديد أو زيادة المرض القديم أو تأخر برء، وإلا جاز استعمالها استثناءًا في نهار رمضان ويكون مفطرا بسبب المرض مما يعني عليه قضاء هذا اليوم بعد الانتهاء من الشهر الفضيل، وقد ورد في المذهب الشافعي وفي أغلب كتبهم: والتقطير في باطن الأذن مفطر.
بخاخ الأنف يفطر الصيام لأنه يصل إلى آخر منافذ الأنف والتجويف، قال صلى الله عليه وسلم: “بالغوا في الاستنشاق إلا وأنتم صائمون”، بمعنى آخر: إذا صمت فلا تفرط فيه خوفًا، فالصوم بخلاف ما يصل إلى الجوف من غير فتحة مثل العين لا يفطر على القول الراجح، على عكس فقهاء المالكية؛ فعندهم يفطر.
من أخذ القطرة حتى وصلت إلى حلقه فعليه أن يقضي هذا اليوم، لأن كثيرًا من أهل العلم يرون أن صومه يبطل بهذا، وإذا وصل الطعم إلى حلقه، فالأولى والأسلم له أن يقضي وذلك في خلاف بين العلماء، والأحوط أن يؤجل الصائم المواد العلاجية بواسطة الأنف أو الأذن حتى الليل إذا أمكن تأجيل ذلك فهو أفضل وأحذر، وإذا استعمله نهارا لحاجة شديدة فلا حرج فيه، وأما إذا وصل الطعم إلى الحلق فذلك يفطر ووجب القضاء وإلا فلا.
إذا كان هذا الغسول لا يتعدى الخياشيم، وكان ضروريًا عند انسداد الأنف واستحالة التنفس، فيجوز استعماله عند الحاجة؛ لأن الأنف عبارة عن مخرج محسوس يصل إلى الأمعاء والمعدة، ويمكن إطعامه بالطعام أو الشراب من خلال الممر الأنفي، لذلك من وضع شيئاً في أنفه أفطر، حيث يكون قد وصل إلى حلقه، وشعر بطعمه.
في نهاية المقال، نكون قد أجبنا عن سؤال هل بخاخ الانف يفطر أم لا، وتبين أنه يفطر على قول أغلب علماء الفقه، ولكن إذا اضطر الصائم على استخدام البخاخ واستخدمه للحاجة الماسّة؛ فذلك لا حرج بشرط أن يقضي هذا اليوم، وأما إذا كان هذا البخاخ لم يصل من شيئًا إلى المعدة فذلك لا يفطره وليس عليه قضاء هذا اليوم.