تعمّقت الشريعة الإسلامية بأحكام الصيام لتذهب إلى ضوابط الصيام وما قد يُفطر وما قد لا يُفطر؛ حيث يعتقد بعض الصائمين أنّ بلع البلغم يؤثر في صحة الصيام؛ لذلك من المهم أن يتعرف المسلم على رأي الفقهاء في مسألة: هل البلغم يفطر الصائم أم لا؟
هل البلغم يفطر
اختلف الفقهاء في حكم البلغم هل هو مفطر أم لا على عدة أقوال:
- ذهب فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة في رواية عندهم إلى أنّ البلغم أو النخامة سواء كان مخاطاً قادماً من الرأس أو بلغماً صاعداً من الباطن عن طريق السعال أو التنحنح -ما لم يكن كثيراً كثرة فاحشة- لا يُفطر مطلقاً، وفي نصوص فقهاء المالكية قالوا: حتى وإن وصل البلغم إلى طرف اللسان فإنّه لا يُفطر.
- ذهب فقهاء الشافعية إلى التفصيل في مسألة بلع البلغم، فقالوا: إذا اقتلع الشخص البلغم أو النخامة من الباطن وبلعها فلا بأس بذلك في قول عندهم، وفي قول آخر يُفطر، وإذا خرج البلغم لوحده أو عن طريق السعال وبلعه الشخص فلا يُفطر، وإذا بلعه الشخص بعد وصوله إلى ظاهر الفم فإنّه يُفطر.
- ذهب فقهاء الحنابلة إلى حرمة بلع البلغم أو النخامة إذا كانت في فم الشخص، ويُفطر إذا بلعها بعد وصولها إلى الفم؛ لأنها أشبه بالقيء. (( مصدر الفتوى ))
اقرأ أيضا: بحث عن يسر الإسلام في العبادات
تعريف البلغم
- البلغم لغةً: اللُّعاب الذي يختلط بالمخاط الذي يخرج من المسالك التنفُّسية، وجمعه بلاغم، والنخاعة هي النخامة كما قال المطرزي.
- أما البلغم أو النخامة في الاصطلاح فقد عرّفها القليوبي بأنها: الفضلة الغليظة تنزل من الدماغ أو تصعد من الباطن.
اقرأ أيضا: تنظيف البلغم من الرئتين
هل البلغم طاهر أم نجس؟
بعدما أجبنا عن سؤال هل البلغم يفطر أم لا، تجدر الإشارة إلى بيان حكم البلغم من حيث الطهارة والنجاسة، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ البلغم أو النخامة طاهرة إذا نزلت من الرأس أو خرجت من الصدر أو خرجت من أقصى الحلق، واختلف الفقهاء في حكم ما يصعد من المعدة، فذهب فقهاء الشافعية والإمام أبو يوسف من فقهاء الحنفية إلى أنّها نجسة وغير طاهرة.
ذهب فقهاء المالكية وفقهاء الحنابلة وفقهاء الحنفية إلى أنّها طاهرة؛ وذلك لأنّها تُصنَع في البدن كما هو الحال في نخامة الصدر والرأس، ولأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ النخامة وهو في الصلاة، ولذلك لا ينقض الوضوء بصعودها وإن خرجت من المعدة. (( مصدر الفتوى ))
اقرأ أيضا: ما هو علاج البلغم
مبطلات الصيام
تنقسم مبطلات الصوم بحسب ما يترتب عليها من كفّارة إلى قسمين:
ما تجب فيه الكفارة والقضاء معاً
- الجماع ويُقصد به؛ أن يجامع المسلم زوجته أثناء صيامه، بشرط أن يكون الجماع أثناء الصيام في النهار، وأن يكون الشخص ذاكراً لصيامه، وقاصداً فعل الجماع غير مكرهٍ ولا ناسٍ، فإن فعل ذلك يؤدي هذا إلى بطلان صيامه، ويتوجّب عليه الكفارة مع إمساكه عن الطعام والشراب حتى نهاية النهار.
- الأكل أو الشرب عامداً غير ناسٍ ولا مُكره؛ فإنَّ من مُبطلات الصيام الأكل والشُّرب في نهار رمضان عامداً قاصداً غير مُكره.
وقد اختلف الفقهاء في من أكل أو شرب في نهار رمضان فيما إن كان يجب عليه القضاء أو الكفَّارة أو كلاهما؛ فذهب الحنفية والمالكية إلى أنَّه من أكل أو شرب في نهار رمضان عامداً لهذا الفعل غير مُكرهٍ عليه، ولا ناسٍ له ولا معذور لفعله؛ فإنّه يجب عليه القضاء والكفارة، وذهب الشافعية إلى أنّه من أكل أو شرب في نهار رمضان عامداً لذلك غير ناسٍ ولا مكرهٍ ولا معذورٍ على فعله، فإنّ عليه القضاء دون الكفَّارة، وهو آثمٌ وعاصٍ لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ما يجب به القضاء دون الكفارة
- الحيض أو النَّفاس؛ فالحيض والنفاس مُبطِل لصيام المرأة، وفي هذه الحالة يتوجّب عليها القضاء دون الكفارة.
- الأدوية التي يتمّ تناولها عن طريق الفم؛ سواء أكان ذلك على هيئة شرابٍ أو عن طريق الإبر المغذية والتي تؤدي إلى إبطال الصيام، ويتوجَّب فيها على الصائم القضاء دون الكفارة.
- إبطال نيَّة الصائم؛ فإن من مبطلات الصيام أن ينوي الصائم الإفطار في نهار رمضان حتى لو لم يُفطر في الحقيقة.
- التقيّؤ عمداً؛ فإذا تعمَّد الصائم التقيؤ في نهار رمضان بطُل صيامه ووجب عليه القضاء.
- الاستمناء؛ ويُقصد به أن يقوم الصائم البالغ ذكراً كان أو أنثى بتحفيز أعضائه التناسليّة من خلال العبث فيها بهدف استجلاب الشّهوة؛ وطلباً للوصول إلى اللذة الجنسية، فإن فعل الصائم هذا الأمر حتى وصل إلى الشهوة فإن صيامه يُعتبر باطلاً، ويُؤثم على فعله، ويجب عليه القضاء.
- تناوُل ما لا يُتغذّى به عادةً؛ كالتراب والحجارة والحصى.
اقرأ أيضا: أحاديث عن الصيام فى رمضان