سورة الفلق هي إحدى سور القرآن الكريم، وهي السورة العشرين في تعداد النزول، نزلت قبلها سورة الفيل، ونزلت بعدها سورة الناس، وعدد آياتها خمسة آيات، وتعظم مقاصد سورة الفلق لأنها تدعو إلى الاستعاذة بالله تعالى، واللجوء إليه في دفع كلّ الشرور المحيطة بالإنسان، ومن شرّ الليل شديد الظّلمة، ومن شر الحسد والحاسدين وما فيهم
مقاصد سورة الفلق
تتمثل مقاصد سورة الفلق الإجمالية في أمر المؤمنين بالاعتصام بالله، رب الفلق من شرّ مخلوقاته: وبالأخص الليل إِذا أظلم، والسواحر بالنفث في العقد، والحاسد الذي يتمنى زوال النعمة عن الناس.
جاءت المقاصد التفصيلية لسورة الفلق على النحو التالي:
- التأكيد على أنّ الله -تعالى- هو خالق الظواهر الكونية، فقد قال -سبحانه وتعالى- ويظهر ذلك في مطلع سورة الفلق: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، والفلق هو بزوغ الفجر فقد أمر الله عباده بالاستعاذة بالله خالق الفلق وربّ كلّ ما في الكون.
- الإقرار بأنّ الله -تعالى- هو خالق الخير والشر، فالشيطان وكلّ من كفر من الجنّ هم من خلق الله وكانوا كلّهم مسلمين له قبل تمرّدهم وعصيانه، ولأنّ الله -تعالى- يعلم شرّ ما يمكن أن يصيبوا المرء به أمر النبيّ الكريم والمسلمين بالتعوذ بالله من شرّ ما خلق، حيث تابع قوله بأنّ يستعيذ برب الفلق من كل الشرور التي خلقها فقد قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ}.
- لفت انتباه المسلمين إلى أنّ الليل إذا سكن فهو يحوي من الشر والمخاطر ما يستوجب الاستعاذة بالله منه وذلك بقوله: {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}، فالغاسق هو الليل وإذا وقب أي إذا هدأ، فعند هدوء الليل تخرج شياطين الإنس والجن لتعيث فسادًا في المجتمع الإسلاميّ ولهذا أمر الله المسلمين بالاستعاذة من هدوء الليل.
- الأمر بالاستعاذة من النفاثات في العقد وذلك بقوله: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}، فالنفاثات في العقد هنّ الساحرات اللواتي يعقدن العقد وينفثن فيها حتى ينعقد السحر، فكان من مقاصد سورة الفلق الإقرار بكفر هؤلاء الساحرات مع الأمر بالاستعاذة بالله منهن للوقاية من شرّهن.
- ختام سورة الفلق بالمقصد الأخير وهو أنّ الله -سبحانه وتعالى- أمر بالاستعاذة من شر الحاسد وبغضه وذلك بقوله: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}، وفي هذا إشارة على أنّ الحسد النابع من نفس المرء قد يحوي شرًا كثيرًا وقد تكون من تبعاته تمني زوال الخير عن من تحسده النفس الشريرة الأمارة بالسوء -والعياذ بالله-، لهذا كان أمر الله بالاستعاذة من شر هذه النفوس وما تضمره في صدورها من مشاعر سلبية مثل الحسد.
اقرأ أيضا: فضل سورة الفلق
هدايات سورة الفلق
تحتوي سورة الفلق على الكثير من الهدايات ومن ذلك:
- تعليم الناس كيفية الاستعاذة من كل شر؛ في الدنيا أو في الآخرة، من الإنس أو الجن، ومن النار أو الذنوب.
- بيان أنه ليس هناك مانع يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من الاستعاذة بهذه السورة.
- ورود الإرشاد إلى الاستعاذة من ثلاثة أصناف في الآيات الكريمة وهي: الليل إذا أظلم وانتشر الفساد، ومن الساحرات اللواتي ينفخن في عقد الخيط، ومن الحاسد الذي يحسد غيره ويتمنى زوال النعم عنه.
- إجازة كثير من أهل العلم الاستعانة بالرقية، وذلك استناداً إلى رقية جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم.
اقرأ أيضا: أحاديث عن العين والحسد
لطائف سورة الفلق
تتناسب سورة الفلق مع السورة التي تسبقها في ترتيب المصحف (سورة الإخلاص)، حيث أمر الله سبحانه وتعالى في سورة الإخلاص بتوحيد الألوهية وتنزيهه عما لا يليق به، وتتناسب سورة الفلق أيضاً والسورة التي بعدها (سورة الناس) بين ما يُستعاذ بالله سبحانه وتعالى منه من الشر، وبين مراتب ودرجات المخلوقات الذين يصدون ويمتنعون عن توحيد الله كالمشركين والشياطين، وغيرهم.
تأتي سورة الفلق في ترتيب المصحف الشريف قبل سورة الناس بسبب عموم الأولى وخصوص الثانية، ألا ترى عموم قوله {من شر ما خلق} وإبهام {ما} وتنكير {غاسق} و {حاسد} والعهد فيها استعيذ من شره في سورة الناس وتعريفه ونعته، فبدأ بالعموم ثم أتبع بالخصوص ليكون أبلغ في تحصيل ما قصدت الاستعاذة منه، وأوفى بالمقصود، ونظير هذا في تقديم المعنى الأعم ثم إتباعه بالأخص بتناول الدقائق والجلائل قوله سبحانه وتعالى {بسم الله الرحمن الرحيم} في معنى الرحمن ومعنى الرحيم واحد لا في عموم الصفة الأولى وكونها للمبالغة، وقد تعرض لبيان ذلك المفسرون ولذلك نظائر، والله أعلى وأعلم.
اقرأ أيضا: أذكار الصباح والمساء مكتوبة وكاملة