موضوعات ومضامين سورة طه

سورة طه هي السورة العشرون في ترتيب المصحف العثماني، وهي سورة مكية بالإجماع، وآياتها خمس وثلاثون ومائة آية، نزلت بعد سورة مريم، وقد نزلت سورة مريم فيما بين الهجرة إلى الحبشة وحادثة الإسراء، ويتمحور الهدف من موضوعات ومضامين سورة طه حول تثبيت وتركيز أصول الدين مثل التوحيد والرسالة وحقيقة البعث والنشور.

موضوعات ومضامين سورة طه

موضوعات ومضامين سورة طه

تُوضح سورة طه طريق السعادة في اتباع منهج الله تعالى ورعاية الله للمختارين من رسله، وقد جاءت موضوعات ومضامين سورة طه كالتالي:

ملاطفة النبي

افتتحت السورة بملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله لم يُرِد من إرساله وإنزال القرآن عليه أن يشقى بذلك، أي تصيبه المشقة، ويُضنيه التعب، ولكن أراد أن يُذِّكر بالقرآن من يخاف وعيده. وفي هذا تنويه أيضاً بشأن المؤمنين الذين آمنوا بأنهم كانوا من أهل الخشية، ولولا ذلك لما ادكروا بالقرآن. وفي هذه الافتتاحية تمهيد لما يَرِد من أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بالاضطلاع بأمر التبليغ، وبكونه من أولي العزم من الرسل، مثل موسى عليه السلام، وأن لا يكون مفرطًا في العزم، كما كان آدم عليه السلام قبل نزوله إلى الأرض، وتُعتبر سورة طه من السور القرآنية التي تُظهر شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، وتمثل آيات السورة تسلية لقلب النبي وتشديدًا لأزره وتقوية لروحه حتى لا يتأثر سلبًا بما يلقاه من المشركين من عناد وتكذيب واستهزاء. وذلك من قوله تعالى: (طه {1} مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى {2})، إلى قوله تعالى : (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى {8}).

قصة موسى عليه السلام

جاءت قصة موسى عليه السلام في سياق التأكيد على أن طريق الله ومنهجه يفضي إلى السعادة بينما الإعراض عنه هو الشقاء، ورغم انقسام قصة موسى إلى أجزاء متعددة داخل السورة، إلا أنها كلها مرتبطة بالهدف العام الذي تتمحور حوله السورة، وقد انقسمت القصة إلى:

مناجاة موسى لربه في الوادي المقدس

يُوضح هذا الجزء من قصة موسى بداية رسالته عليه السلام عندما رأى نارًا فقال لأهله امكثوا لعله يأتي منه بقبس أو يهتدي بنورها، ولكنها فُوجئ بهاتف يناديه أن يخلع نعليه إنه بالواد المقدس وأن الله تعالى قد اختاره لأداء الرسالة، وقد بيّن الله المنهج القويم للعبادة بتوحيد الله تعالى وإقامة الصلاة مع الإيمان الكامل بأن الساعة آتية لا ريب فيها، وعلى العبد ألا يضل عن طريق ربه مهما كثرت من حوله الأهواء حتى ينال السعادة في الدار الآخرة وإلا سيكون مصيره إلى الهلاك في العذاب المقيم. وذلك من قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى {9}) إلى قوله تعالى: (فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى {16}).

معجزات موسى عليه السلام

يتضمن الجزء الثاني من قصة موسى استعراض معجزات نبي الله موسى التي أيده الله بها مثل معجزة العصا التي تنقلب حية تأكل جميع ما يأفك السحرة بأمر الله تعالى، ومعجزة اليد التي تخرج بيضاء من غير سوء بمجرد وضعها في جيبه، وقد حرص الله تعالى على تذكيره بالنعم التي أنعم عليه بها قبل النبوة عندما ألقته أمه في اليم ليتربى في كنف فرعون ومن ثم ينتقل إلى أرض مدين عندما بلغ أشده ليتلقى هناك الأمر الإلهي بالرسالة والذهاب مع أخيه هارون إلى فرعون. من قوله تعالى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى {17}) إلى قوله تعالى: (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى {48}).

مواجهة موسى عليه السلام وفرعون

انتقلت الآيات بعد ذلك لتوضيح الحوار الذي دار بين موسى عليه السلام وفرعون حول الله تعالى، ورغم ما رآه فرعون من الآيات الدالة على ألوهية الله تعالى ووحدانيته إلا أنه استكبر ورمى ما جاء به موسى من معجزات بالسحر، ولذلك جمع السحرة لمبارزة موسى عليه السلام في يوم الزينة، وبالفعل كتب الله النصر لموسى عليه السلام وخر السحرة ساجدين، فما كان من فرعون إلا أن استمر في غيه وأصدر أوامره بتعذيب السحرة أشد العذاب، ورغم ما تلقاه السحرة من عذاب فرعون لهم إلا أنهم آمنوا بأن السعادة الحقيقية في اتباع طريق الله. من قوله تعالى (قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى {49}) إلى قوله تعالى: (…وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى {76}).

غرق فرعون وجنوده

تُبين الآيات بعد ذلك ما تعرض له فرعون وجنوده من الغرق لإعراضهم عن اتباع منهج الله تعالى وذلك من قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي..{77}) إلى قوله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {82}).

إضلال السامري لبني إسرائيل وعاقبته

تحدثت الآيات بعد ذلك عن إضلال السامري لبني إسرائيل بعدما أنقذهم الله من فرعون بإغراقه، وتسبب هذا الأمر في الغضب الشديد لنبي الله موسى، وكانت عاقبة السامري أن يعيش منبوذًا بحيث لا يقترب من أحد ولا أحد يقترب منه كما أن له موعدًا من العذاب في الآخرة، وذلك بسبب أنه أعرض عن منهج الله تعالى وقد ذُكرت كل هذه القصص المتعلقة بالنبي موسى للاعتباره وأخذ العبرة والتأسي بمن اتبعوا منهج الله والاتعاظ ممن مال عن طريق الله وما نالهم من العقوبة. وذلك من قوله تعالى: (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى {83}) إلى قوله تعالى: (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا {99}).

اقرأ أيضًا: أسباب نزول سورة طه

جزاء المعرضين عن القرآن الكريم

بعد الحديث في مطلع السورة الكريمة عن مهمة القرآن الكريم وشرفه ثم تناول قصة موسى عليه، عاد الحديث من جديد عن القرآن الكريم وذلك من خلال عرض جزاء المعرضين عنه وما يحملونه يوم القيامة من الوزر والعذاب الخالد. وذلك من قوله تعالى: (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا {100}) إلى قوله تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْمًا {104}).

مشاهد يوم القيامة

استعرضت الآيات بعضًا من مشاهد يوم القيامة حيث تُنسف الجبال نسفًا كما يتبعون الداعي وتخشع الأصوات للرحمن فلا يُسمع إلا الهمس وعندها لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن حيث أنه وحده من يعلم كل شيء عن مخلوقاته وأعمالهم؛ لذلك فإنه يُعاقب من حمل الظلم، بينما يجازي من عمل الصالحات وهو مؤمن خير الجزاء. وذلك من قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا {105}) إلى قوله تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا {112}).

معجزة القرآن الكريم

تناولت الآيات معجزة القرآن الكريم، منبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم بألاَّ يعجل ويشق على نفسه في حفظه من قبل انقضاء الوحي من قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً {113}) إلى قوله تعالى: (… وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا {114}).

آدم وعداوة إبليس له و لذريته

تذكر الآيات قصة سجود الملائكة لآدم عليه السلام وإغواء إبليس له وهبوطه للأرض وفي ذلك تذكير لذرية آدم بالعداوة التاريخية الأبدية بين إبليس وبين آدم وذريته؛ لذلك يجب إدراك أن سعادتنا تكمن في اتباع منهج الله تعالى وعدم الانصياع لوساوس إبليس. وذلك من قوله تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا {115}) إلى قوله تعالى: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى { 123}).

إنذار للمشركين وإرشاد للنبي

حذّرت الآيات المعرضين عن ذكر الله بعذاب أليم يوم القيامة، ثمّ أتت الآيات تصبّر رسول الله وتأمره بالتسبيح لله في كل حين، وأن يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها، وخُتمت السورة ببيان عاقبة الأمم السابقة، وذلك من قوله تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {124}) إلى قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى {135}‏).

اقرأ أيضًا: فضل سورة طه

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version