موضوعات ومضامين سورة الرعد

سورة الرعد واحدة من السور المدنية، وتدور موضوعات ومضامين سورة الرعد حول وحدانية الله تعالى والإقرار بالرسالة والبعث والجزاء، وسُميت بسورة الرعد لأن هذه الظاهرة الكونية العجيبة تتجلى فيها مقدرة الله ويترسخ فيها سلطانه، على اعتبار أن الرعد قد جمع بين نقيضين اثنين، فهو من جهة ظاهرة مخيفة، ومن جهة أخرى يحمل الخير من خلال الماء النازل من السحاب، وهذا السحاب يحمل ماء وصواعق، وفيه إحياء وفي الوقت نفسه فإن حمله للصواعق يعني حمله الهلاك والإفناء أيضاً.

موضوعات ومضامين سورة الرعد

موضوعات ومضامين سورة الرعد

يتمحور الغرض من سورة الرعد حول تقرير الوحدانية والبعث والجزاء، ودفع الشبه التي يثيرها المشركون حول رسالة الله تعالى، بينما تتمثل موضوعات ومضامين سورة الرعد في:

أدلة على قدرة الله وعظيم سلطانه

ابتدأت السورة بقضية كبرى ألا وهي الإيمان بوجود الله ووحدانيته للرد على الجاحدين والمنكرين لذلك، فجاءت الآيات لتقرر أن القرآن الكريم وهو الكتاب المنزل من الله تعالى بالحق عميق التأثير في النفس البشرية ومع ذلك فإن الكثير من الناس لا يؤمنون، ومن ثم انتقلت الآيات للتدليل على كمال قدرته تعالى وعجيب خلقه للسماوات والأرض والشمس والقمر والليل والنهار والزروع والثمار وسائر ما خلق، من قوله تعالى : { المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ {1}) إلى قوله تعالى : (…وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {4})

إنكار المشركين للبعث وإحاطة علم الله تعالى

تحدثت الآيات بعد ذلك عن المشركين وإنكارهم البعث والنشور، فقد تعجبوا من الرجوع مرة أخرى إحياءً بعدما يتحولوا إلى تراب، أولئك هم الكافرون الذين أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والذين حذرهم الله تعالى من العقاب في الآخرة ويتمثل هذا العقاب في وضع أعناقهم في الأغلال وتعذيبهم في النار وخلودهم فيها، وفي هذا السايق ذكرت الآيات الدلائل على وجود الله تعالى وعظيم قدرته في الأكوان، وردت ردّت على الجاحدين المكذبين بوجود الله بالحجج والأدلة القاطعة من قوله تعالى : ( وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً …. {5}‏) إلى قوله تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ {17})

ضرب الأمثال للتفريق بين الفريقين

ذكرت الآيات مثلين ضربهما للحق وأهله والباطل وأهله، ليتضح الفرق بين الهدى والضلال، فالذين آمنوا واستجابوا لربهم وصبروا على الشدائد وأقاموا الصلاة وأنفقوا في السر والعلانية مما رزقهم الله تعالى لهم الحسنى في الآخرة، وهذه الحسنى هي جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريارتهم، بينما من رفض الاستجابة للدعوة ونقض عهد الله من بعد ميثاقه وقطع ما أمر الله به أن يُوصل وأفسد في الأرضن فلا شك أن مثله مثل الأعمى الذي لم يعتبر بالآيات الظاهرة الجلية وأنه عليه اللعنة ومصيره وانقلابه إلى سوء الدار في الآخرة، ويتجلى هذا الموضوع من قوله تعالى : ( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى.. {18}‏) إلى قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ {29}).

الرد على الكفار وبيان جزائهم

ردت الآيات على الكافرين وفندت ما يتشدقون به من حجج وذلك من خلال التذكير ببعثة الرسل الكرام وتكذيب أقوامهم لهم، وعقاب الله الشديد لكل مستهزئ بآيات الله تعالى، وذلك من قوله تعالى : (كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا … {30}) إلى قوله تعالى : ( لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ {34}).

نعيم المتقين وتثبيت فؤاد النبي

عرضت الآيات مظاهر سعادة المؤمنين المتقين في دار النعيم حيث جنات تجري من تحتها الأنهار أكلها وظلها دائمين، وفي وصف الجنة تشجيع للمؤمنين لكي يتزودا بالعمل الصالح ولا يغتروا بالدنيا الفانية وتصبير لهم على ما يلاقونه في الحياة الدنيا من مصاعب ومعاناة وذلك من قوله تعالى: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ…{35}) وخُتمت السورة الكريمة ببيان رسالته عليه الصلاة والسلام بشهادة الله تعالى وشهادة المؤمنين من أهل الكتاب، إلى قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ {43}‏).

اقرأ أيضاً: موضوعات ومضامين سورة الأنعام

لطائف سورة الرعد

بين يدي هذه السورة الكريمة وبين طيات اياتها الشريفة توجد أسرار بيانية تستحق الوقوف والبحث فيها، والتفكر في الإعجاز البياني لكتاب الله -جل وعلا- والذي جاء بلسان العرب متحديا لهم ومظهرا عجزهم أمامه، وفيما يأتي سيتم تناول جانب من اللطائف في سورة الرعد وتخير بعض دقائق الأمور فيها: ففي قوله -تعالى- بعد بسم الله الرحمن الرحيم: {كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى}، وقوله -تعالى- في سورة لقمان: {إِلَى أَجَلٍ}، حيث يلاحظ هنا أنه لا ثاني له، لأنه يقال في الزمان: جرى ليوم كذا، وإلى يوم كذا، والأكثر استخدامه مع اللام كما في هذه السورة، وسورة الملائكة لأنه في هذا الموضع بمنزلة التاريخ.

أما في آية سورة لقمان فقد وافق ما قبلها، وهو قوله -تعالى-: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ}، والقياس يكون كما يأتي: لله كما في قوله: {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ}، لكنه حمل على المعنى، أي القصد من طاعته إلى الله، كذلك القول: يجري إلى أجل مسمى، أي يجري إلى وقته الذي سمي له، وفي قوله -تعالى-: {لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}، إن الله -تعالى- قد قدم النفع هنا وذلك لأن النفس تميل له وترتاح إليه ولا تسأمه، فقدمه لقوله: {لِأَنْفُسِهِمْ}، وذلك لأنه عند قوله -تعالى-: {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}.

أراد الله -تعالى في الاية السابقة أن الولي أريد به دأبه نفع وليه مطلقا في حال أصابه ضراء أو لم يصبه، وسواء استطاع دفع الضر أم لم يستطع، فناسب ذلك تقديم النفع على الضر وهذا خلاف للحال في اية سورة الفرقان، أما في قوله -تعالى-: {مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ} في موضعين ضمن سورة الرعد فهو ليس بتكرار؛ لأنه في الموضع الأول قال: {يَصِلُون} وهو متصل به، ثم عطف عليه: {وَيَخْشَونَ}، والموضع الثاني متصل بقوله: {يَقْطَعُونَ} وعطف عليه: {يُفْسِدُونَ}.

تجلى الجمال البياني في الآيات القرآنية في التصوير البديع الذي يكشف عن نعيم المؤمنين، ووصف عذاب الكافرين، وفيما يتعلق بوصف الجنة والنار، وأحوال السعداء والأشقياء وعلم الله بالغيب، وإحاطته بالكون ومَن عليه، مثل قوله -عز وجل-: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}، والأسلوب القرآني، كما هو معهود عنه، يمتاز على غيره بالتعبير عن المشاهد الحسية واستثارة العقول، والاحتكام إلى العواطف، وهنا يقف الإنسان أمام هذا المشهد الهائل ويدرك أنه ما من أحد يقدر على رفع السماء بلا عمد إلا الله، وقصارى ما يرفعه الناس بعمد أو بغير عمد تلك البنيان الصغيرة.

اقرأ أيضاً: أسباب نزول سورة الرعد

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version