الشيب له أسباب عديدة أشهرها كبر السن، ولكن يمكن أيضًا أن يكون مبكرًا للخوف من الله عز وجل، أو لبعض العوامل الوراثية أو لشدة الإجهاد، ويبحث الكثير من الناس عن حكم نتف الشيب أو تغييره بالسواد.
حكم نتف الشيب
يختلف حكم نتف الشيب بحسب ما إذا كان من اللحية وشعر الوجه أم من شعر الرأس، فإن كان من اللحية وشعر الوجه، فهو حرام؛ حيث يُعتبر من النمص الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، بينما إن كان النتف من شعر الرأس، فإنه لا يحرم حيث لا يُعتبر نمصًا، ولكن هذا لا يتنافى مع كراهية نتف شيب الرأس.
هناك العديد من الأحاديث التي تدل على نهي الرسول عن نتف الشيب، ومن ذلك حديث: الشيبُ نورٌ فى وجهِ المسلمِ ، فمن شاءَ فلينتفِ نورهُ. (( الراوي : فضالة بن عبيد | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 1244 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنتفوا الشيب، فإنه ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام، إلا كانت له نورا يوم القيامة. (( الراوي : [جد عمرو بن شعيب] | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 3/152 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] ))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنتفوا الشيب، فإنه نور يوم القيامة، ومن شاب شيبة في الإسلام، كتب له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 2985 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
اقرأ أيضًا: مقال عن الشيب
حكم تغيير الشيب
أعظم من نتف الشيب هو التغيير بالسواد، فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وحذّر منه، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: أُتِيَ بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيِّروا هذا بشيء واجتنبوا السواد. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : أبو داود | المصدر : سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4204 | خلاصة حكم المحدث : سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] ))
ففي هذا دليل على أن الأفضل أن الإنسان يغير الشيب، يصبغه لكن بغير الأسود، إما بالأصفر كالحناء، أو بالأصفر الممزوج بالكتم، والكتم أسود فإذا مزج الأصفر بالأسود ظهر لون بني، فيصبغ الإنسان بالبني أو بالأصفر كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولولا المشقة والمؤونة على بعض الناس لكان يفعل ذلك لكن في مراعاة ومراقبة، ويخرج أسفل شعر أبيض وأعلاه مصبوغا.
وفي قوله: (اجتنبوا السواد) دليل على أنه يمنع اللون الأسود، لأن السواد يعني أنه يعيد الإنسان شاباً، فكان ذلك مضادة لفطرة الله عز وجل وسنته في خلقه، وأما بقية الأصباغ فلا بأس بها، إلا السواد لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه.
اقرأ أيضًا: خواطر عن الشيب
فضل الشيب في الإسلام
إذا شاب الإنسان فقد أعذره ربُه بإمداده في فسحة من عمره، وقد اشتد عتاب الله عز وجل على أقوام عاشوا طويلا، وامتدت حياتهم، لكنهم لم ينتفعوا بأعمارهم، قال الله تعالى: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} (فاطر: 37)، قال ابن كثير في تفسيره: “وقوله: {وجاءكم النذير}: روي عن ابن عباس، وعكرمة، وأبي جعفر الباقر، وقتادة، وسفيان بن عيينة أنهم قالوا: يعني: الشيب.
والمشيب وإن كان ظاهره الضعف والكبر، إلا أنه يحمل أبوابا عظيمة من الأجر، فقد جاءت الأحاديث النبوية الكثيرة في فضل الشيب، وحكم تغييره عن أكثر من عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة). (( الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 2983 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشيب نور المؤمن، لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة، ورفع بها درجة). (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 3748 | خلاصة حكم المحدث : حسن )) قال الشوكاني: “والتصريح بكتب الحسنة ورفع الدرجة وحط الخطيئة نداء بشرف الشيب وأهله، وأنه من أسباب كثرة الأجور، وإيماء إلى أن الرغوب عنه بنتفه رغوب عن المثوبة العظيمة”.
تبين هذه الأحاديث السابقة فضل الشيب في السنة النبوية، وأنه لا ينتف، لأنه نور ووقار للمسلم، والوقار يمنع الشخص عن الغرور والتسويف، ويذهب به إلى الطاعة والتوبة.
اقرأ أيضًا: فضل سورة هود