تعتبر سورة هود من سور القرآن الكريم العظيمة المليئة باللطائف التي تستدعي التأمل والتدبر، ويعظم فضل سورة هود لذكر الله فيها من أخبار الأمم السابقة، وقصص الرسل السابقين ما يكون فيه تثبيت لفؤاد المؤمنين، وترهيب للمعاندين الطغاة، كما تطرقت هذه السورة الكريمة إلى أهوال يوم القيامة وأحوالها.
فضل سورة هود
ذكر الله -تعالى- في سورة هود أخبارًا عن يوم القيامة وأهواله، ومن هنا كانت سورة هود وأخواتها، أيّ؛ سورة الواقعة، وسورة المرسلات، وسورة عمّ، وسورة الشمس، سبباً في إسراع الشيب في رأس النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد جاء في السنة النبوية من حديث الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنّه قال: قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ”. (( الراوي : عبدالله بن عباس| المحدث :الألباني| المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3297| خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
مَن سرَّهُ أن ينظرَ إلىَّ يومِ القيامةِ كأنَّه رَأْىَ العَيْنِ فليقرأْ { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } و{ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ } و{ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } وأحْسِبُه أنه قال : سورةُ هودٍ. (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 7/20 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
اقرَءوا سورةَ هودٍ يومَ الجمُعةِ. (( الراوي : كعب الأحبار | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 2115 | خلاصة حكم المحدث : مرسل ))
ومما يدل على فضل سورة هود أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقول إنَّ اللهَ يُمهِلُ الظَّالمَ حتَّى إذا أخَذه لم ينفلِتْ ) ثمَّ تلا من سورة هود: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}. (( الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 5175 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم ))
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كان الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ رَجُلًا حُلْوَ الْكَلَامِ حُلْوَ الْمَنْطِقِ، يَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ بِمَا يَجِبُ، وَيَنْطَوِي لَهُ بِقَلْبِهِ عَلَى مَا يَسُوءُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: “يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ” شَكًّا وَامْتِرَاءً. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَثْنُونَهَا عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْكُفْرِ. وَقِيلَ: أنّ بَعْض الْمُنَافِقِينَ، كَانَ إِذَا مَرَّ بِالنَّبِيِّ ثَنَى صَدْرَهُ وَظَهْرَهُ، وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ وَغَطَّى وَجْهَهُ، لِكَيْلَا يَرَاهُ النَّبِيُّ فَيَدْعُوهُ إِلَى الْإِيمَانِ، وَقِيلَ: قَالَ الْمُنَافِقُونَ إِذَا غَلَّقْنَا أَبْوَابَنَا، وَاسْتَغْشَيْنَا ثِيَابَنَا، وَثَنَيْنَا صُدُورَنَا عَلَى عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ فَمَنْ يَعْلَمُ بِنَا؟ فَنَزَلَتِ هذه الْآيَةُ من سورة هود: “أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ”. (( الراوي : عمرو بن دينار | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4683 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
كان عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنهُ يُغلِّسُ ويُنوِّرُ ويُصلِّي بين ذلكَ ويقرأُ سورةَ هودٍ وسورةَ يوسفَ ومِن قصار المثاني مِن المفَصَّلِ. (( الراوي : سويد بن غفلة | المحدث : ابن كثير | المصدر : مسند الفاروق، الصفحة أو الرقم: 1/142 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد ))
عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطّوالَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ ، و فُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ. (( الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1059 | خلاصة حكم المحدث : صحيح )) وسورة هود من المئين التي أوتيها النبي ﷺ مكان الزبور.
ومن الآثار الواردة في فضل سورة هود ما ثبت عن كعب الأحبار أنه قال: فَاتِحَةُ التَّوْرَاةِ الْأَنْعَامُ، وَخَاتِمَتُهَا هُودٌ. (( الراوي : عبد الله بن رباح | المحدث : الدارمي | المصدر : سنن الدرامي، الصفحة أو الرقم: 453/2 | خلاصة حكم المحدث : ثابت ))
تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الأحاديث التي يكثر تداولها بين الناس عن فضائل السور ولكنها تكون أحاديث لا أصل لها ومن أشهر هذه الأحاديث الموضوعة عن فضل سورة هود حديث: مَن قرأ سورةَ هودٍ كان يَومَ القيامةِ مِن السُّعداءِ، ومن قرأ هذه السورة أعطي من الأجر والثواب بعدد من صدّق هودًا والأنبياء عليهم السّلام ومن كذب بهم، وكان يوم القيامة في درجة الشهداء، وحوسب حسابًا يسيرًا. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 150 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
اقرأ أيضًا: فضل سورة المرسلات
فضائل سورة هود وخواصها
تشتمل سورة هود على عدة فضائل تُستخلص من موضوعات ومحاور السورة:
- التنويه بشأن القرآن، وإقامة الأدلة على أنه من عند الله.
- بيان أن الله سبحانه مطلع على سرائر الخلق وضمائرهم، وأنه ضمن الأرزاق للمخلوقات.
- إثبات البعث والجزاء.
- استعراض أحوال الناس في الشدة والرخاء.
- تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم، وتسليته عما يقوله المشركون وما يقترحونه من آيات، حيث أن الفائدة من القصص، وذكر أنباء الرسل تتمثل في تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم.
- توضيح حال فريق الكافرين، وفريق المؤمنين، وضرب المثل لهما.
- ذكر بعض قصص الأنبياء، وتفصيل بعض أحداثها، وما جرى لهم مع أقوامهم، ومن ذلك قصة نوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وشعيب، وموسى- عليهم صلوات الله وسلامه.
- الإرشاد إلى ما يوجب السعادة؛ كالاستقامة على الدين، وعدم الركون إلى الظالمين، وإقامة الصلاة.
- ختام السورة بالأمر بالتوكل على الله في كل حال.
هناك بعض الخواص التي تمتاز بها سورة هود عن غيرها من السور وهي كالآتي:
- لعل أبرز الخواص التي اشتهرت بها سورة هود هي أنها من السور التي شيبت النبي صلّى الله عليه وسلَّم.
- احتوت سورة هود على أطول قصة لنوح في القرآن الكريم، وبسطت فيها ما لم تبسط في غيرها من السور، ولا سورة الأعراف على طولها، ولا سورة نوح التي أفردت لقصته.
- تشبه سورة هود سورة الأعراف من حيث الموضوع؛ فكلتاهما تتناولان قصة التوحيد في مواجهة الجاهلية على مدار التاريخ من خلال قصص الأنبياء، ولكن تبقى لكل سورة أسلوبها الخاص؛ فمثلًا نجد سورة الأعراف ركزت وفصلت كثيرًا في قصة موسى خاصة مع بني إسرائيل في ما يقارب من 70 آية من السورة، بينما قصة موسى ذكرت في 4 آيات من سورة هود، ونجد سورة هود فصلت أكثر في قصة نوح من سورة الأعراف.
- تعتبر سورة هود وسورة النحل من أطول سور المئين، فهما من أطول سور القرآن الكريم بعد سور السبع الطِّوَال.
اقرأ أيضًا: فوائد من سورة هود