فضل آل عمران
سورة آل عمران سورة مدنية من سور الطول، عدد آياتها 200 آية، وهي السورة الثالثة من حيث الترتيب في المصحف، نزلت بعد سورة الأنفال، وتكثر الأدلة على فضل آل عمران كما أنها عالجت العديد من القضايا وقدمت الكثير من الفوائد للمسلمين.
فضل آل عمران
بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فضل آل عمران فقال: “اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما”. (( الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1165 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
قال الإمام النووّي -رحمه الله-: “سميَتا بذلك؛ لنورهما، وهدايتهما، وعظيم أمرهما”، و”غَيايَتانِ” مفرد غياية؛ أي كلّ ما يُظِلّ، ويحجز حرّ الشمس، ولفظ “فِرْقانِ”؛ أي قطعتان، ويُقصَد بذلك: أنّ ثواب سورتَي البقرة وآل عمران يُظِلّ العبد يوم القيامة.
يُؤْتَى بالقُرْآنِ يَومَ القِيامَةِ وأَهْلِهِ الَّذِينَ كانُوا يَعْمَلُونَ به تَقْدُمُهُ سُورَةُ البَقَرَةِ، وآلُ عِمْرانَ. (( الراوي : النواس بن سمعان الأنصاري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 805 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
كان الصحابة -رضي الله عنهم- يُعظّمون سورة آل عمران، يروي في ذلك الصحابيّ أنس بن مالك -رضي الله عنه-: “كان رجُلٌ يكتُبُ بين يدَيْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قد قرَأَ البقرةَ وآلَ عِمرانَ، وكان الرجُلُ إذا قرَأَ البقرةَ وآلَ عِمرانَ يُعَدُّ فينا عظيمًا”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 12216 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين ))
مما يدل على فضل آل عمران ووقايتها وحفظها للإنسان من الشيطان ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما مِن مَوْلُودٍ يُولَدُ إلَّا والشَّيْطانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صارِخًا مِن مَسِّ الشَّيْطانِ إيَّاهُ، إلَّا مَرْيَمَ وابْنَها، ثُمَّ يقولُ أبو هُرَيْرَةَ: واقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {وَإنِّي أُعِيذُها بكَ وذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ}”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4548 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
وهناك فضائل لخواتيم سورة آل عمران بدليل ما ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نام حتَّى إذا انتصف اللَّيلُ أو قبْلَه أو بعدَه بقليلٍ استيقَظ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمسَحُ النَّومَ عن وجهِه بيديه ثمَّ قرَأ العشْرَ الآياتِ الخواتمَ مِن سورةِ آلِ عِمرانَ ثمَّ قام إلى شَنٍّ ملعقة فتوضَّأ منها. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 2579 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين ))
ذكر الإمام القرطبي في تفسيره عن عثمان بن عفان ر-ضي الله عنه حديث: من قرأ آخرَ آلِ عمرانَ في كلِّ ليلةٍ كتب اللهُ له قيامَ ليلةٍ. (( الراوي : عثمان بن عفان | المحدث : القرطبي المفسر | المصدر : تفسير القرطبيالصفحة أو الرقم: 5/8 | خلاصة حكم المحدث : في طريقه ابن لهيعة )) وأشار إلى أنَّ هذا الحديث في إسناده ابن لهيعة، وابن لهيعة كان إمام الديار المصرية ومحدِّثها ولكنَّه لم يكُن على درجة من الإتقان في الحديث وقد تهاون في رواية المناكير أي الأحاديث المنكرة والضعيفة كما أشار الإمام الذهبي رحمه الله، لذلك لم يعُد المحدِّثون يحتجون بما يرويه وصاروا يتركون حديثَه إلا في الملاحم والزهد والاعتبارات وغيرها.
ثبت عن السيدة عائشة أم المؤمنين حديث نبوي يدل على فضل سورة آل عمران والسبع الأُوّل من القرآن الكريم وهو حديث: من أخذ السبعَ الأُوَّلَ من القرآنِ فهو حَبْرٌ. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2305 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
فضائل من سورة آل عمران
من فضائل سورة آل عمران من حيث مضمونها أنها ركزت سورة آل عمران على ذكر ركنين أساسيين؛ الأول: العقيدة، مع ذكر وتفصيل الأدلة والبراهين على وحدانية الله -تعالى-، والثاني: التشريع، والحديث عن الغزوات، والقتال، والجهاد في سبيل الله.
ومن أبرز الفضائل والفوائد التي أبرزتها السورة: تقرير توحيد الله بأنواعه؛ توحيد الألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات، بالإضافة إلى بيان أن مصدر الديانات كلها واحد؛ فهي من عند الله، وبينت أنواع الناس بالنظر إلى مواقفهم، وتعاملهم مع المحكم والمتشابه من آيات القرآن، مع الإشارة إلى أحداث غزوة بدر الكبرى، وتفاصيل غزوة أحد، وبيان ما أعده الله من جنات الخلد والمفضل على أحب شهوات للإنسان، والحديث عن أهمية دين الإسلام، وبيان مظاهر محبة الله -تعالى-، وما يترتب على ذلك من ثمرات، والحديث عن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وذكر منزلتهم، بالإضافة إلى ذكر مجموعة من الآداب التربوية، كالتقوى، والتمسك بدين الله، والحث على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
كما أبطلت سورة آل عمران ادعاء الذين اتخذوا آلهة من دون الله، والذين ادعوا أن له أبناء، وأثنت السورة على عيسى -عليه السلام-، وأهله، وتحدثت عن معجزته، وإبطال ألوهيته، وحث الله في السورة المسلمين على وحدة الصف، والاعتزاز بأنفسهم، ودينهم، والتحلي بالصبر عند المصائب والبلاء، والوعد بالنصر والتمكين، والأمر بالأعمال الحسنة، كإنفاق المال، والإحسان، واختتمت السورة بالتأكيد على التفكر بما خلق الله.
سميت سورة آل عمران بهذا الاسم؛ لأن الله -تعالى- ذكر فيها عمران وأهله، والتسمية توقيفية؛ أي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أشار على الصحابة -رضي الله عنهم- بتسميتها، وتجدر الإشارة إلى أن تسمية بعض سور القرآن كانت بالنظر إلى ما ورد فيها من قصص وأحداث، كتسمية سورة البقرة؛ إذ سميت بذلك لورود قصة البقرة فيها، أما عمران فهو والد مريم أم عيسى -عليهما السلام-، وقد ذكر الله في سورة آل عمران قدرة الله -سبحانه- في ولادة مريم، وابنها عيسى، ومن الأسماء التي سميت بها سورة آل عمران الزهراء، كما نقل عن الإمام القرطبي أنها تسمى بتاج القرآن.
اقرأ أيضًا: فضل سورة النصر
فضل آل عمران في قضاء الحاجات
لم يصح هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسم- وقد ذكر هذا الحديث ابن السني في عمل اليوم والليلة، وقد ضعَّفه الألباني رحمه الله، وأورده في السلسلة الضعيفة، وذكر أكثر من حديث وردَ على هذا السياق وجميعها ضعيفة مظلمة الإسناد كما أشار، فهو حديث موضوع لا يجوز الأخذ به.
اقرأ أيضًا: أحاديث عن سور القرآن