فضل سورة الفلق
سورة الفلق من سور المفصَّل المكيّة، نزلتْ سورة الفلق بعد سورة الفيل مباشرة، ويبلغ عدد آيات هذه السورة الكريمة خمس آيات فقط، ونظرًا لتعدد فضائل سورة الفلق، يستعرض موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة الفلق بالإضافة إلى اللمسات البيانية التي تجمع بينها وبين سورة الناس.
فضل سورة الفلق
جاء في فضل سورة الفلق الكثيرُ من الأحاديث الشريفة الصحيحة التي تدل على عظم مكانة هذه السورة المباركة التي وصفها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنها أبلغ عند الله من كل شيء سواها، بدليل حديث عقبة بن عامر: تبِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا وهو راكِبٌ فوضَعْتُ يدي على يدِه فقُلْتُ : يا رسولَ اللهِ أقرِئْني مِن سورةِ هودٍ ومِن سورةِ يوسُفَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( إنَّكَ لنْ تقرَأَ شيئًا أبلَغَ عندَ اللهِ مِن {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}. (( الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 795 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
ومما يدل على فضل سورة الفلق أيضًا ما جاء في حديث آخر عن عقبة بن عامر: بَيْنا أقودُ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّمَ في نَقْبٍ مِن تلكَ النِّقابِ؛ إذ قال: ألَا تركَبُ يا عُقْبةُ، فأجلَلتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْه وسلَّمَ أنْ أركَبَ مَركَبَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّمَ. ثمَّ قال: ألَا تركَبُ يا عُقبَةُ. فأشفَقتُ أنْ يكونَ معصيةً، فنزَلَ، وركِبتُ هُنَيْهةً، ونزَلتُ، وركِبَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ قال: ألَا أُعلِّمُكَ سورتَينِ مِن خَيرِ سورتَينِ قرَأَ بهِما النَّاسُ. فأقرَأَني: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ…} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ…}، فأُقيمَتِ الصَّلاةُ، فتقدَّمَ، فقرَأَ بهما، ثمَّ مرَّ بي، فقالَ: كيفَ رأَيتَ يا عُقْبةُ بنَ عامرٍ؟ اقرَأْ بهما كُلَّما نِمتَ وقُمتَ. (( الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي، الصفحة أو الرقم: 5452 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
قراءة سورة الفلق إحدى الأمور التي أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض الصحابة -رضي الله عنهم- بفعلها بعد كُلّ صلاة، وكما جاء في بعض الأحاديث أنّهنّ من أفضل الآيات وأبلغها؛ كحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ، {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ}، {وَقُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ}). (( الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 814 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
قراءة سورة الفلق مع سورة الناس شفاءٌ لمن أراد أن يستشفي بهما؛ للحديث الذي روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ علَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ، وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عليه، وَأَمْسَحُ عنْه بيَدِهِ، رَجَاءَ بَرَكَتِهَا”. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2192 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
من فضل سورة الفلق أنها تُعتبر هي وسورة الناس أفضل ما تعوذ به المتعوِّذون من كل شر، فعن عبدِ الرحمنِ بنِ عابسٍ قال: قال لي رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: “يا ابن عابسٍ، ألا أُخبرُك بأفضلِ ما تعوذُ به المتعوِّذُون؟ قلتُ: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: قل أعوذُ بربِّ الفلقِ، وقل أعوذُ بربِّ الناسِ”. (( الراوي : عبدالرحمن بن عابس | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : بذل الماعون، الصفحة أو الرقم: 92 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
فضل سورة الفلق لتحصين النفس
قد أوصى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في أكثر من موضع بقراءة سورة الفلق والمعوذات لتحصين النفس من شرور الشياطين والجن والنفس الحاسدة والعين، وكان مما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- ما يأتي:
- قراءة سورة الفلق تكفي قارئهما من كُلّ شيء؛ فقد علّمها النبي -عليه الصلاة والسلام- لبعض الصحابة -رضي الله عنهم- حين سألوه عن ماذا يقولون ليكفوا؛ فأجابهم: “قُل هوَ اللَّهُ أحدٌ والمعوِّذتَينِ ، حينَ تُمْسي وحينَ تصبحُ ثلاثَ مرَّاتٍ تَكْفيكَ من كلِّ شيءٍ”. (( الراوي : عبدالله بن خبيب | المحدث : النووي | المصدر : الأذكار، الصفحة أو الرقم: 107 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ”. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 5017 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
- وعن أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قال: “كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يتعوَّذُ من عينِ الجانِّ ثمَّ أعينِ الإنسِ فلمَّا نزلتِ المعوِّذتانِ أخذَهُما وترَكَ ما سوى ذلِكَ”. (( الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم: 2846 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
تأملات في سورة الفلق
إنَّ المقصود فيما جاء من تأملات في سورة الفلق، هو الحديث عن الجانب البلاغي البياني الذي سلَّط عليه الضوء علماء البلاغة المعاصرون والقدماء، وجدير بالذكر في البداية إنَّ البحث في بيان السورة القرآنية سيفتح للمسلم آفاق جديدة فيها ما فيها من صور الإعجاز البلاغي التي تؤكد أنَّ هذا الكتاب العظيم لا يمكن أن يكون إلَّا من لدنِ حكيم عليم، فالقرآن بكلماتهِ في تناسق إلهي لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله أبدًا.
أمَّا اللمحة البيانية في سورة الفلق فهي مقترنة بين سورة الفلق وسورة الناس، حيث أمر الله -سبحانه وتعالى- في سورة بالاستعاذة من شرِّ ثلاثة أمور، وهي: الغاسق والنفاثات في العقد والحاسد، وتكون الاستعاذة بالله وربوبيته، قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.
أمر الله تعالى في سورة الناس بالاستعاذة من الوسواس الخناس فقط ولكن بثلاث صفات وهي: الربوبية والملك والألوهية، قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}، والسبب هو أنَّ الأشياء المُستعاذ منه في سورة الفلق كلُّها أشياء تأتي تجيء للإنسان من خارج الإنسان ويمكن أن يتجنَّبها الإنسان ويتفادى الوقوع بها، أمَّا سورة الناس فحذَّر من شيء واحد يأتي من نفس الإنسان لذلك كانت الاستعاذة أكبر وبصفات أكثر، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: