فضل سورة التوبة

سورة التوبة هي سورة مدنية، ما عدا آيتين رقم 128 و 129، فأُنزلتا على الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو في مكة المكرمة، وفضل سورة التوبة عظيم لما تشتمل عليه من تعاليم وأحكام، وهي السورة التاسعة في المصحف الكريم، وعدد آياتها 129 آية.

فضل سورة التوبة

سورة التوبة

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قَالَ: مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ. [1] السبعُ الأُوَل هي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة، وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.

عن زيد بن ثابت قال: أَرْسَلَ إلَيَّ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قَالَ: إنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاتَّبِعِ القُرْآنَ، فَتَتَبَّعْتُ حتَّى وجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مع أبِي خُزَيْمَةَ الأنْصَارِيِّ، لَمْ أجِدْهُما مع أحَدٍ غيرِهِ، {لقَدْ جَاءَكُمْ رَسولٌ مِن أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه ما عَنِتُّمْ} إلى آخِرِهِ. [2]

عن أبي العالية الرياحي قال: في قولِه تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: 190]، هذه أوَّلُ آيةٍ نزَلَتْ في القِتالِ بالمدينةِ، فلمَّا نزَلَتْ كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقاتِلُ مَن قاتَلَه، ويكُفُّ عمَّن كَفَّ عنه حتَّى نزَلَتْ سورةُ بَراءة. [3]

يدل على فضل سورة التوبة ما جاء عن عدي بن حاتم الطائي قال: أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وفي عنقي صليبٌ من ذَهبٍ. فقالَ يا عديُّ اطرح عنْكَ هذا الوثَنَ وسمعتُهُ يقرأُ في سورةِ براءةٌ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ أما إنَّهم لم يَكونوا يعبدونَهم ولَكنَّهم كانوا إذا أحلُّوا لَهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليْهم شيئًا حرَّموه. [4]

عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطّوالَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ ، و فُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ. [5] وسورة التوبة من السبع الطِّوَال التي أوتيها النبي ﷺ مكان التوراة.

عن سعيد بن جبير: قُلتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ التَّوْبَةِ، قالَ: آلتَّوْبَةِ؟ قالَ: بَلْ هي الفَاضِحَةُ ما زَالَتْ تَنْزِلُ، وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ حتَّى ظَنُّوا أَنْ لا يَبْقَى مِنَّا أَحَدٌ، إلَّا ذُكِرَ فِيهَا، قالَ: قُلتُ: سُورَةُ الأنْفَالِ؟ قالَ: تِلكَ سُورَةُ بَدْرٍ قالَ: قُلتُ: فَالْحَشْرُ؟ قالَ: نَزَلَتْ في بَنِي النَّضِيرِ. [6]

إنَّ أبا طَلحةَ قرَأ سورةَ “براءةَ” فأتى على هذه الآيةِ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] فقال : ألا أرى ربِّي يستنفِرُني شابًّا وشيخًا جهِّزوني فقال له بنوه : قد غزَوْتَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى قُبِض وغزَوْتَ مع أبي بكرٍ حتَّى مات وغزَوْتَ مع عُمَرَ فنحنُ نغزو عنكَ فقال : جهِّزوني فجهَّزوه وركِب البحرَ فمات فلَمْ يجِدوا له جزيرةً يدفِنونَه فيها إلَّا بعدَ سبعةِ أيَّامٍ فلَمْ يتغيَّرْ. [7]

عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ، وآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ في الكَلَالَةِ} [النساء: 176]. [8]

عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ علِّموا رجالَكم سورةَ براءة وعلِّموا نساءَكم سورةَ النورِ. [9]

اقرأ أيضًا: أسباب نزول سورة التوبة

فضائل سورة التوبة وخواصها

فضل سورة التوبة

يعظم فضل سورة التوبة حيث أنها تمتاز بالعديد من الخواص التي يمكن توضيحها فيما يأتي:

  • البراءة من المشركين، والأمر بقتالهم، ونبذ عهودهم، ومنعهم من دخول المسجد الحرام، والنهي عن موالاتهم، ولو كانوا ذوي قربى.
  • الإشارة إلى وقعة حرب حنين، وتربية نفوس المؤمنين بصدق التوكل على الله تعالى.
  • إعلان الحرب على أهل الكتاب من العرب؛ حتى يعطوا الجزية، وأنهم ليسوا بعيدا من أهل الشرك، وأن الجميع لا تنفعهم قوتهم ولا أموالهم، وتقبيح قول اليهود والنصارى في حق عزير وعيسى عليهما السلام، وتأكيد رسالة الرسول الصادق المحق، وعيب أحبار اليهود في أكلهم الأموال بالباطل.
  • حرمة الأشهر الحرم، وضبط السنة الشرعية، وإبطال النسيء الذي كان عند الجاهلية.
  • الحث على الجهاد والنفير العام في سبيل الله بالأموال والأنفس، وعدم الركون إلى الدنيا وزينتها.
  • نصرة الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق، وحفظه لهما من أعين الكفار.
  • ذكر أوصاف المنافقين، ودسائسهم الماكرة، وذكر أذاهم للرسول صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل، وأيمانهم الكاذبة، وأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، وكذبهم في عهودهم وسخريتهم بضعفاء المؤمنين، والأمر بجهادهم، والنهي عن الاستعانة بهم، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لأحيائهم، وعن الصلاة على أمواتهم، وعيب المقصرين على اعتذارهم بالأعذار الباطلة.
  • ذم الأعراب في صلابتهم، وتمسكهم بالدين الباطل، ومدح بعضهم بصلابتهم في دين الحق.
    الحديث عن السابقين من المهاجرين والأنصار، وفضلهم، وذكر المعترفين بتقصيرهم، وقبول الصدقات من الفقراء، وقبول توبة التائبين.
  • توضيح أن بناء مسجد الضرار للغرض الفاسد، ومكر المنافقين بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بينما كان بناء مسجد قباء على الطاعة والتقوى، وأنه أولى أن يقوم فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
  • مبايعة الحق تعالى عبيده باشتراء أنفسهم وأموالهم، ومعاوضتهم عن ذلك بالجنة.
  • النهي عن الاستغفار للمشركين.
  • قبول توبة المتخلفين عن غزوة تبوك.
  • النفير لطلب العلم والتفقه في دين الله تعالى، وتبليغ الدين.
  • الامتنان على المسلمين بأن أرسل فيهم رسولا منهم، جبله على صفات فيها كل خير لهم، وأمر الله نبيه بالتوكل عليه في جميع أحواله.

اقرأ أيضًا: فوائد من سورة التوبة

أسماء سورة التوبة

التوبة

لسورة التوبة عشرة أسماء تقريباً تدل بمجموعها ما تضمنته السورة من معانٍ ومبادئ، ومن هذه الأسماء:

  • سورة التوبة: وسُميت بذلك لأنّ فيها توبة على المؤمنين الذين تخلّفوا عن الغزوة مع بقية المسلمين.
  • الفاضحة: لأنّها فضحت المنافقين، ولأنّ من افتضحته كان أهلاً للبراءة منه.
  • البحوث: لأنّها لا تبحث إلا عن أسرار المنافقين.
  • المبعثرة: وهي من البحث والتفتيش، وفضح سرائر المنافقين.
  • المقشقشة: لأنه تُقَشْقِشُ وتتبرّأ من النفاق، والقشقشة تعني التبرئة.
  • المخزية: لأنّها أخزت المنافقين.
  • المثيرة: لكونها تثير الأسرار.
  • الحافرة: لأنّها تحفر عن النفاق.
  • المنكلة: لما فيها من تنكيلٍ للمنافقين وصفة النفاق.
  • المُدَمْدِمَةُ: لأنها تدمدم عليهم.

اقرأ أيضًا: أفكار ومعاني سورة التوبة

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

المراجع
  1. الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2305 | خلاصة حكم المحدث : حسن []
  2. الراوي : زيد بن ثابت | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4989 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] []
  3. الراوي : رفيع بن مهران أبو العالية الرياحي | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم: 1/233 | خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة إلى صحته] []
  4. الراوي : عدي بن حاتم الطائي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3095 | خلاصة حكم المحدث : حسن []
  5. الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1059 | خلاصة حكم المحدث : صحيح []
  6. الراوي : سعيد بن جبير | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 3031 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] []
  7. الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 7184 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه []
  8. الراوي : البراء بن عازب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4364 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] []
  9. الراوي : مجاهد بن جبر المكي | المحدث : ابن عراق الكناني | المصدر : تنزيه الشريعة، الصفحة أو الرقم: 2/209 | خلاصة حكم المحدث : مرسل []

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *