فضل سورة الإخلاص

سورة الإخلاص من سور القرآن الكريم المكيّة، وهي من قِصار السور التي لها قدرٌ عظيم وفضلٌ كبير، وعدد آياتها أربع آيات فقط، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة الإخلاص ومقاصدها وما اشتملت عليه من لمسات بيانية.

فضل سورة الإخلاص

سورة_الإخلاص

تدخل سورة الإخلاص في معظم الأذكار التي أوصى الرسول -صلي الله عليه وسلم- المسلين بالمداومة عليها، وهناك العديد من الأحاديث التي تدل على فضل قراءة وحب هذه السورة:

جاء في الحديث: أنَّ رجلًا كانَ يلزَمُ قراءةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في الصَّلاةِ في كلِّ سورةٍ وَهوَ يؤمُّ أصحابَهُ، فَقالَ لَهُ:  رسولُ الله -صلَّى اللَّه عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ-: ما يُلزِمُكَ هذِهِ السُّورةَ؟ قالَ: إنِّي أحبُّها. قالَ: حبُّها أدخلَكَ الجنَّةَ”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 87 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))

لعلّ أعظم ما ورد في فضل هذه السورة أيضًا قوله -عليه الصلاة والسلام-: “أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ في لَيْلَةٍ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالوا: وكيفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالَ: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ”. (( الراوي : أبو الدرداء | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 811 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

وقد خلص أهل التفسير إلى أنّ مقصد الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بأنّ سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن ذلك لأنّ جوهر العقيدة الإسلامية يرتكز على ثلاثة أمور وهي: عقيدة التوحيد والأحكام الشرعية والقصص، وقد كان مجمل هذه السورة يتحدّث عن التوحيد في المعنى والمبنى وبذلك تكون قد حققت ثلث جوهر العقيدة ولهذا فهي تعدل في أجرها ثلث القرآن الكريم.

سورة الإخلاص من السور القليلة التي ورد في فضلها أنها تقي العبد من الشرور والمصائب إذا قُرئت في الصباح والمساء مع المعوذتين ثلاث مرات وذلك بحديث حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه عبد الله بن خبيب: “خرَجنا في ليلةٍ مطيرةٍ وظُلمةٍ شديدةٍ نطلُبُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- يصلِّي لنا قالَ: فأدرَكتُهُ فقالَ: قلْ فلم أقل شيئًا ثمَّ قالَ: قلْ فلم أقُلْ شيئًا قالَ: قلْ فقلتُ: ما أقولُ قالَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوِّذتينِ حينَ تُمسي وتصبحُ ثلاثَ مرَّاتٍ تَكفيكَ من كلِّ شيءٍ”. (( الراوي :  عبدالله بن خبيب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3575 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))

أما بالنسبة إلى فضل قراءة السورة عشر مرات، فقد روى معاذ بن أنس الجهني: قال -صلى الله عليه وسلم-:”مَنْ قرأَ “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ” حتى يَخْتِمَها عشرَ مراتٍ بَنَى اللهُ لهُ قَصْرًا في الجنةِ”. (( الراوي : معاذ بن أنس الجهني | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 589 | خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره ))

تُعدّ سورة الإخلاص من السور التي لا مثيل لها في فضلها وذلك بدليل ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه مع عقبة بن عامر: “يا عقبةُ أَلا أُعَلِّمُكَ سِوَرًا ما أُنْزِلَتْ في التوراةِ و لا في الزَّبُورِ و لا في الإنْجِيلِ و لا في الفرقانِ مثلهُنَّ، لا يأْتِيَنَّ عليكَ إلَّا قرأْتَهُنَّ فيها، قُلْ هُوَ اللهُ أحدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ”. (( الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2861 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))

مما يثبت فضل هذه السورة أن قرائتها توجب محبّة الله -تعالى-، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي روته عائشة -رضي الله عنها- فقالت: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: سَلُوهُ لأيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟، فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بهَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخْبِرُوهُ أنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ”. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 813 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

مقاصد سورة الإخلاص

عند دراسة مقاصد سورة الإخلاص يتبين جليًّا أنّ أعظم مقصد منها هو توحيد الله -جلّ وعلا- الذي افتتح السورة بأنّ أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنّ يقول ويخبر الناس بأنّ الله أحد لا ثاني له وذلك بقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وقد كانت هذه الآية بمثابة إعلان بوحدوية الله -تعالى- ودعوة لنبذ الأصنام وكل ما كان يعبده المشركون فالله واحد والخالق واحد والمعبود واحدٌ لا إله إلّا هو.

ومن مقاصد سورة الإخلاص أيضًا ما جاء في الآية الثانية منها بقوله -تعالى-: {اللَّهُ الصَّمَدُ}، والصمد هو المعبود والإله الذي لا تصلح العبادة إلّا له وفي هذا أيضًا تأكيدٌ على وحدوية الله -جلّ وعلا- وبأنّ هذا الإله الواحد هو الإله المعبود لا غير.

وجاء في معنى آخر لكلمة الصمد بأنّه الذي لا يأكل ولا يشرب وليس بحاجة شيء بل هو كلّ شيء، وبهذا وصفٌ لله -تعالى- بأنّه ليس كسائر الخلق وأنّه متفردٌ بصفاته العلا.

ويظهر واضحًا أنّ من مقاصد سورة الإخلاص في آيتها الثالثة نفي وجود الأب أو الابن لله -تبارك وتعالى- وهو أيضًا تأكيدٌ على وحدويته -عزّ وجل- الذي قال: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}، فهو الله الواحد الذي لا والد له ولا ولد ولا يشبه أحد وليس بحاجة شيء وهو مقصد العبادة لسائر الخلائق فلا إله غيره.

وتأتي الآية الأخيرة مؤكدةً كلّ ما سبق من الصفات فيقول -جلّ وعلا-: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وقد اختلف أهل التفسير ومن درس مقاصد سورة الإخلاص في تفسير قوله “كفوًا”، فمنهم من قال بأنّ الله -تعالى- قصد بقوله هذا أنّ لا شبيه له ولا مثيل ولا يعدله شيء فهو الإله الواحد الفرض الصمد من لا والد له ولا ولد.

ومنهم من قال بأنّ مقصد هذه الآية أنّ الله -جلّ وعلا- ليس له زوجةٌ أو صاحبة، لكنّ الراجح عند أهل التفسير أنّه في قوله “كفوًا” فهو يقصد المثيل والمنازع له في حق العبادة، فلا إله إلا هو.

تأملات في سورة الإخلاص

إنَّ ما سيتم الحديث عنه من تأملات في سورة الإخلاص هو الجانب البياني البلاغي الذي تناوله الدكتور فاضل صالح السامرائي، وفي سورة الإخلاص على وجه التحديد يقول الله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، إنَّ الناظر في تركيب الآيتيَن الكريمَتَين يجدُ أنَّ الآيات تناولت النفي في الزمن الماضي باستخدام الأداة “لم”، ولم: هي أداة تدخل على الفعل المضارع فتغيِّرُ معناه من الإثبات إلى النفي وتقوم بجزمِهِ، كما تحوِّل زمنَهُ من المضارع إلى الماضي.

إنَّ اللمسة البيانية المقصودة هي أنَّ الله تعالى استخدم أداة النفي “لم”، وهي أداة تنفي الماضي ولم يستخدم “لن”، وهي أداة تنفي المستقبل، والسبب هو أنَّ هذه الآيات المباركة نزلتْ ردًّا على قاله أهل الكتاب وغيرهم من الذين نسبوا لله ولدًا وصاحبة وحاشى لله أن يكون له ولدًا أو صاحبة، فأهل الكتاب قالوا: “إنَّ لله ولدًا”، ولم يقولوا سيكون لله ولدٌ في المستقبل، لذلك جاءَ النَّفي للماضي، أيْ لمَا قالَهُ أهلُ الكتاب من افتراءٍ على الله تعالى بأنَّ له ولدًا، ولو ادَّعوا أنَّ الله تعالى سيكون له ولدٌ في المستقبل لكان النَّفي باستخدام أداة النَّفي “لن” والتي هي أداة النَّفي للمستقبل، والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضًا:

فضل سورة البينة

فضل سورة الزلزلة

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

مصدر 4

Exit mobile version