سورة الزلزلة واحدةٌ من سور المفصَّل المكيّة، نزلت على الرسول الكريم قبل سورة الحديد وبعد سورة النساء، وعُدت السورة الرابعة والتسعين في ترتيب النزول والسورة التاسعة والتسعين في ترتيب سُور المصحف العثماني، وفي هذا المقال يُقدم لكم موقع معلومات فضل سورة الزلزلة ومضامينها بالإضافة إلى ما تشتمل عليه من لمسات بيانية.
فضل سورة الزلزلة
تتعدد الأحاديث الواردة عن النبي -صلّى الله عليه وسلَّم- والتي تثبت فضل سورة الزلزلة، وهذه الأحاديث منها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعيف، وفيما يأتي ذكرٌ لهذه الأحاديث كاملة:
- روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “مَنْ قَرَأَ {إِذَا زُلْزِلَتِ} عُدِلَتْ لَهُ بِنِصْفِ القرآنِ، و مَنْ قَرَأَ قَلْ يَا أَيُّها الْكَافِرُونَ عُدِلَتْ لَهُ بِرُبْعِ القرآنِ، ومَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ عُدِلَتْ لَهُ بِثُلُثِ القرآنِ”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 2893 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
- روى معاذ بن عبد الله الجهني -رضي الله عنه- قال: “إنَّ رجلًا من جُهَينةَ أخبرَهُ أنَّهُ سمعَ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- يقرأُ في الصُّبحِ إذا زُلزِلَتِ الأرضُ في الرَّكعتينِ كلتيْهما، فلا أدري أنسِيَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- أم قرأَ ذلِكَ عمدًا”. (( الراوي : معاذ بن عبدالله الجهني | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 816 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فيها إلَّا هذِه الآيَةَ الفاذَّةَ الجامِعَةَ: {فمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث :البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7356| خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
- روي عن ابن عباس أنَّ رجُلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : يا رسولَ اللهِ أقرِئْني القُرآنَ قال : (اقرَأْ ثلاثًا مِن ذَواتِ الر) قال الرَّجُلُ : كبِر سِنِّي وثقُل لساني وغلُظ قلبي قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( اقرَأْ ثلاثًا مِن ذواتِ حم ) فقال الرَّجُلُ مِثْلَ ذلكَ ولكِنْ أقرِئْني يا رسولَ اللهِ سورةً جامعةً فأقرَأه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] حتَّى بلَغ : {مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8] قال الرَّجُلُ : والَّذي بعَثك بالحقِّ ما أُبالي ألَّا أزيدَ عليها حتَّى ألقى اللهَ ولكِنْ أخبِرْني بما علَيَّ مِن العملِ أعمَلْ ما أطَقْتُ العمَلَ قال: الصَّلواتُ الخَمسُ وصيامُ رمضانَ وحجُّ البيتِ وأدِّ زكاةَ مالِكَ ومُرْ بالمعروفِ وَانْهَ عنِ المُنكَرِ. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 6188 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
- ورد عن أبي أمامة الباهلي أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُوتِرُ بتسعٍ حتَّى إذا بدَن وكثُر لحمُه أوتر بسبعٍ وصلَّى ركعتَيْن يقرأُ وهو جالسٌ فيهما إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا و قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون. (( الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : ابن عدي | المصدر : الكامل في الضعفاء، الصفحة أو الرقم: 6/152 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] عمارة بن زاذان هو عندي لا بأس به ممن يكتب حديثه ))
- كنتُ فيمن أَتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنْ أهلِ الطائفِ فخرجْتُ من أهلي من السَّراةِ غدْوَةً فأتيتُ مِنًي عندَ العصرِ فصاعدتُّ في الجبلِ ثمَّ هبطتُ فأتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأسلَمْتُ وعلَّمَنِي قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وعلَّمَني هؤلاءِ الكلماتِ سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولَا إلَهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبرُ وقال هنَّ الباقياتُ الصالحاتُ. (( الراوي : سعد بن جنادة العوفي | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 7/169 | خلاصة حكم المحدث : فيه الحسين بن الحسن العوفي ))
- مما يدل أيضًا على فضل سورة الزلزلة أنّ عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه صلى بالناس في مكةَ صلاةَ الفجرِ فقرأ في الركعةِ الأولى بيوسفَ حتى بلغ { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } ثم ركع ثم قام فقرأ في الركعةِ الثانيةِ بالنجمِ فسجد ثم قام فقرأ { إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا } ورفع صوتَه بالقراءةِ حتى لو كان في الوادي أحدٌ لأسمعَه. (( الراوي : عبدالرحمن بن أبي ليلى | المحدث : الطحاوي | المصدر : شرح معاني الآثار، الصفحة أو الرقم: 1/181 | خلاصة حكم المحدث : متواتر ))
مضامين سورة الزلزلة
تتناول جميع السور القرآنيّة التي نزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة في مكة وما حولها على أمور العقيدة الإسلامية ووحدانية الله والبعث والحساب والجزاء وأهوال يوم القيامة وغيرها من الأمور العقائدية والغيبية.
وسورة الزلزلة واحدةٌ من هذه السور التي أوجزت في بضع آياتٍ وصف يوم القيامة وما فيه من أهوالٍ تتمثل في زلزلة الأرض وإخراج جميع ما في باطنها من الموتى والكنوز وغيرها مما يدفع بالإنسان إلى التساؤل عما يحدث، كما أوجزت السورة في آيتيْن جزاء كلٍّ من أحسن العمل أو أساء العمل في الدنيا.
تأملات في سورة الزلزلة
هناك عدة لمسات بيانية في سورة الزلزلة ومنها: الفرق بين النّبأ والخبر، حيث ذكر الدكتور فاضل السامرائي ذكر بأنّ النّبأ أعظم من الخبر، مستشهدًا بقول أهل اللغة بأنّ النّبأ: خبر ذو فائدة عظيمة، يحصل به علم أو غلبة ظنٍّ.
ولم يُستعمل الخبر في القرآن الكريم بصيغة الإفراد إلّا في قصّة موسى في سورة النّمل في قوله تعالى: {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ}، وفي سورة القصص في قوله تعالى: {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ}، ولا شكّ بأنّ الخبر الذي أراده موسى لا يرقى إلى أهميّة النّبأ، وقد يقول قائل: بأنّ الله تعالى قد ذكر الأخبار العظيمة في القرآن الكريم، كالآخرة، مثل قوله تعالى في سورة الزلزلة: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.
فالآيات السّابقة تدلّ على عظم ما سيحدث عند قيام السّاعة، فإذا كانت هذه الأخبار فكيف ستكون الأنباء؟! لا بدّ وأنّه ستحدث أمور أعظم وأجسم من الزّلزلة، وكذلك من مثل قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}، فمن مثل هذه الأخبار في القرآن الكريم كثيرة، فإذا كانت هذه هي الأخبار، فكيف الأنباء.
اقرأ أيضًا:
المصادر: