فضل سورة الفيل

في الربع الثامن من الحزب الستين والجزء الثلاثين والأخير من القرآن الكريم، تقع سورة الفيل التي تُعدّ من السور المكية التي نزلتْ على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قبل الهجرة إلى المدينة، وهي سورة من سور المفصَّل، يبلغ عدد آياتِ هذه السورة الكريمة خمس آيات فقط، وترتيبها الخامس بعد المئة في المصحف الشريف. يستعرض موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة الفيل ومضامينها بالإضافة إلى عرض بعض التأملات في هذه السورة المباركة.

فضل سورة الفيل

فضل سورة الفيل

إنَّ القرآن الكريم كلُّه خير وفي تلاوته ثواب وأجر وجاء في فضل تلاوة سور القرآن الكريم كلِّها بما فيها سورة الفيل ما رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقول ألم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حَرفٌ، وميمٌ حَرفٌ”. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : عبد الحق الإشبيلي | المصدر : الأحكام الصغرى، الصفحة أو الرقم: 901 | خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة أنه صحيح الإسناد] ))

لم يرد في فضل سورة الفيل حديثٌ صحيحٌ عن رسول الله وأي أحاديث عن فضل سورة الفيل في أغلب الحالات موضوعٌ أو مُنكرٌ أو لا أصل له في الدِّين لذا لا بُد من التأكد من إسناد الحديث قبل الأخذ به ونقله للآخرين فقد جاء في فضلها حديث ضعيف لا يصح الاستشهاد به، وإنَّما ذكره للاستئناس طالما أن معناه لا يخالف المنطق والعقل، عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- إن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “مَن قرأَ سورةَ الفيلِ أعفاهُ اللَّهُ من المسخِ والخسفِ”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 324 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))

ومن لطائف القول الإشارة إلى قراءة الرسول لها في الصلاة كإضاءةٍ على فضل سورة الفيل واتباع الصحابة له في ذلك بدليل ما رواه المعرور بن سويد : “خرجنا مع عمرَ في حجَّةٍ حجَّها، فقرأ بنا في الفجرِ “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعْلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ”. (( الراوي : المعرور بن سويد | المحدث : الألباني | المصدر : تحذير الساجد، الصفحة أو الرقم: 124 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين ))

وقد أسهب ابن كثيرٍ حول سورة الفيل وعَدَّها من النِّعم التي امتنّ بها الله على قريشٍ بأن صدّ عدوهم وأبادهم عن بُكرة أبيهم وفي هذا العام وُلد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد ربط ابن كثيرٍ بين الحادثتيْن بقوله: “لم ننصركم “يا معشر قريش” على الحبشة لخيريتكم عليهم، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد -صلى اللهُ عليه وسلم- خاتم الأنبياء.

مضامين سورة الفيل

سورة الفيل

تمحورت سورة الفيل على الرغم من قِصر آياتها على واحدةٍ من أبرز القصص التي مرت على بيت الله الحرام ألا وهي قصة هدم الكعبة التي قادها أبرهة الحبشي والتي عُرفت في كتب التفسير بقصة أصحاب الفيل لقدوم فيلٍ معهم وهو حيوانٌ غير معروفٍ للعرب آنذاك لهدم الكعبة، كما تضمنت السورة ما يلي:

  • الإشارة إلى حُرمة بيت الله الحرام وأنّ الله هو من يدافع عنه.
  • إنزال العذاب الأليم بكلّ من حاول الاعتداء على بيت الله الحرام كما عُذِّب أصحاب الفيل.
  • تثبيت الرسول الكريم على دعوته من خلال الإيماءة إلى أنّ من دافع عن البيت الحرام ضد كيد الكائدين سيدافع عن الرسول والمؤمنين.
  • التذكير بقدرة الله وأنّه غالبٌ على أمر.

تأملات في سورة الفيل

تأملات في سورة الفيل

في الحديث عمَّا ذَكر أهل العلم من تأملات في سورة الفيل، إنَّ مما لا شكَّ فيه أنَّ آيات القرآن الكريم قِيلت بحكمة إلهية وبلاغة سماوية لا يمكن لابن آدم أن يحيط بها كلَّها، حتَّى أنَّ ترتيب الجملة وتناسق الكلمات في الآيات القرآنية فيه حكمة وإعجاز عظيم، وإنَّما تفكّر الإنسان فيه سبب من أسباب زيادة اليقين والقناعة التامة بألوهية قائل هذا الكلام.

ثمَّة لمسة بيانية يذكرها الدكتور فاضل السامرائي في الآية الأولى من سورة الفيل، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}، إنَّ أسلوب الاستفهام القائم على كلمة “ألم ترَ” له معنيان، الأول السؤال عن الرؤية البصرية أو القلبية، ومثالها: “ألم ترَ الأمر كما أراه”، وهذا المعنى الأول.

أمَّا المعنى الثاني وهو المعنى المقصود في الآية الكريمة هو التعجيب، ويكون هذا المعنى للتعجيب بالسؤال عن أمر تمَّتْ رؤيته أم لم تتمَّ، ومثلها قول الله تعالى في سورة النحل: {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ}، ففي الآية الكريمة في سورة الفيل جاء معنى “ألم تر” تعجبيًّا، القصد منه التعجيب وفي هذه الحالة لم تتحقق الرؤية العينيَّة.

يخاطب الله تعالى رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ويسأله عن أصحاب الفيل وأصحاب الفيل هم جيش أبرهة الذي غزوا مكة قبل ولادة رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- بفترة قصيرة، ولهذا كان المقصود من السؤال التعجب من قدرة الله تعالى دون رؤية عينية، والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضًا:

فضل سورة البروج

فضل سورة نوح

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *