فضل سورة العلق
سورة العلق هي السورة الأولى التي أنزلها الله -سبحانه وتعالى- على رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مكة المكرمة، وهي من سور المفصَّل، يبلغ عدد آيات سورة العلق 19 آية، وهي السورة السادسة والتسعون من سور المصحف الشريف حيث تقع في الجزء الثلاثين، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة العلق ومقاصدها.
فضل سورة العلق
فضل سورة العلق الذي لا يُضاهيه فضلٌ بين سائر سُور القرآن الكريم أنّها أول سورةٍ نزلت على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وهو معتكفٌ في غار حراء في شهر رمضان كعادته كلّ سنةٍ؛ فكانت بداية نزول الوحي كما جاء في الحديث الطويل الذي يُخبر عن بداية الوحي.
“كان يأتِي حِرَاءً فيَتَحَنَّثُ فيه، وهو التَّعَبُّدُ، الليالِيَ ذواتِ العَدَدِ، ويَتَزَوَّدُ لذلك، ثم يَرْجِعُ إلى خديجَةَ فتُزَوِّدُهُ لمِثْلِها، حتى فَجِئَهُ الحقُّ وهو في غارِ حِرَاءٍ، فجاءه المَلَكُ فيه، فقال: اقْرَأْ، فقال له النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: فقُلْتُ: ما أنا بِقَارِئٍ، فأخَذَني فَغَطَّني حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثم أَرْسَلَني فقال: اقْرَأْ، فقُلْتُ: ما أنا بِقَارِئٍ، فأَخَذَني فغَطَّني الثانيةَ حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثم أَرْسَلَني فقال: اقْرَأْ، فقُلْتُ: ما أنا بِقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثالثةَ حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثم أَرْسَلَنِي فقال:”اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ” -حتى بَلَغَ- “عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 33 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
مما يدل على فضل سورة العلق ما ورد عن ابنِ عمرَ حيث قال : لما أنزل اللهُ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لمعاذٍ : اكتبها يا معاذُ، فلما بلغ {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } سجد اللوحُ وسجد القلمُ وسجد النونُ قال معاذٌ : سمعتُ اللوحَ والقلمَ والنونَ وهم يقولون : اللهم ارفع له ذكرًا، اللهم أحطُط به وزرًا، اللهم اغفر له ذنبًا، قال معاذٌ : وسجدتُ وأخبرتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فسجد، وبه عن ابنِ عمرَ قال : خرج إلينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : أيها الناسُ سلوا ربَّكم العفوَ والعافيةَ . قال ابنُ عمرَ : قلتُ : يا رسولَ اللهِ زِدْني ؟ قال : إن أعطيتَها فقد أفلحتَ. (( الراوي : عبد الله بن عمر | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم: 4678 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
قال ابن كثيرٍ في فضل سورة العلق: “فأول شيء نزل من القرآن الآيات الكريمات المباركات، وهن أول رحمة رحم الله بها العباد، وأول نعمة أنعم الله بها عليهم”.
وقال الصادق عليه السّلام: «من قرأها وهو متوجّه في سفره كفي شرّه ، ومن قرأها وهو راكب البحر سلم من ألمه بقدرة اللّه تعالى».
عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «من قرأ في يومه أو ليلته : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق : 1] ثم مات في يومه أو في ليلته ، مات شهيدا ، وبعثه اللّه شهيدا ، وأحياه شهيدا ، وكان كمن ضرب بسيفه في سبيل اللّه تعالى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم».
مقاصد سورة العلق
تنوّعت مقاصد سورة العلق أول سور القرآن الكريم نزولًا على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقد نزلتْ هذه السورة بواسطة جبريل في غار حراء، ولقَّنها جبريل -عليه السَّلام- رسولَ الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-.
يقول تعالى في مطلع هذه السورة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، وفي هذه الآية يظهر الله تعالى كيفية خلق الإنسان، فقد خلق الله تعالى الإنسان من علق والعلق هو الدم الجامد، ثمَّ بين صفة من صفات الله تعالى وهي صفة الكرم، الله الكريم الذي علَّم الإنسان ما لم يكن ليعلم لولا فضل الله تعالى.
أمَّا مقاصد سورة العلق في الآيات التالية، فيقول الله تعالى فيها: {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى}، هذه الآيات المباركات تحدَّثت عن طغيان ابن آدم في هذه الحياة، فالإنسان إذا أصبح ذا غنى وثراء تمرَّد وجحد نعمة الله تعالى، وهذا طبع متأصل به، وفي هذه الآيات دعوة من الله تعالى إلى ضرورة شكر النعم وحمد المُنعم -جلَّ وعلا-.
ثمَّ تتناول آيات سورة العلق قصة أبي جهل مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، حيث نهى أبو جهل رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- عن الصلاة وتكبَّر وتحدَّى الله تعالى بكفره وجحده وطغيانه، فأنزل الله تعالى قوله في سورة العلق: {رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}.
تابع الوعيد لأبي جهل الكافر الجبار، في قوله تعالى: {كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَه * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
ختم الله تعالى آيات هذه السورة المباركة بالصلاة والعبادة فكان البدء والختام في ذكر عبادة الله تعالى، وفي الآية الأخيرة سجدة من آية السجدات في القرآن الكريم، حيث يقول تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩}، والله تعالى أعلى وأعلم.
تسمية سورة العلق
إنَّ العلق في اللغة هو الدم الجامد وهذا الدم إذا جرى أصبح مسفوحًا، والآية التي تقول: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ}، يبيِّن الله تعالى فيها قدرته على خلق الإنسان من شيء لا يكاد يُذكر حتَّى يصبح الإنسان من هذا الشيء بشرًا شديد البأس ذا عقل وقلب وأحاسيس، ومن هنا جاءت تسمية هذه السورة بسورة العلق، إضافة إلى أنَّ كلمة العلق جاءت في بداية هذه السورة المباركة، أي أنَّها هذه السورة سُمِّيت بكلمة من مطلعها شأنها في هذا شأنُ أغلب سور الكتاب.
اقرأ أيضًا:
المصادر: