فضل سورة الانفطار
تعدُّ سورة الانفطار من سور القرآن الكريم المكيَّة، وكما سبق فقد نزلت في مكة المكرمة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو نزلت قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، تقعُ سورة الانفطار في الحزب تسعةٍ وخمسين أي الحزب قبل الأخير في القرآن وفي الجزء الأخير وهو الجزء الثلاثون والذي يُسمَّى جزء عمَّ لمفتتح سورة النبأ التي تقع في أوله، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة الانفطار ومقاصدها وسبب نزولها.
فضل سورة الانفطار
سورة الانفطار من السُّور القرآنية التي حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى قراءتها بتمعنٍّ وفهمٍ وتدبرٍ ووقوفٍ على آياتها الكريمة لِما فيه من تجسيدٍ وتقريبٍ للأذهان ليوم القيامة وما فيه من الأهوال والشدائد والتقلبات الطبيعية والكونية الدالة على خضوع كلّ الكون ومن فيه لعظمة الله وجبروته.
قد جاء في الحديث الذي صحّحه الألباني: “من سرَّه أن ينظرَ إلى يومِ القيامةِ كأنه رأيُ العينِ؛ فليقرأْ:”إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ” و”إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ” و “إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ”. (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5/167 | خلاصة حكم المحدث : حسن )) وتجدر الإشارة إلى أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- سمّى السُّور باسم الآية الأولى من كلٍّ منها والمقصود قراءة السورة كاملةً.
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يولي بعضَ السور أهميَّة بذكرها في أحاديث خاصَّة بها تؤكدُ فضلها بالإضافة إلى الفضل الذي يختصُّ به القرآن الكريم بجميع سوره الكريمة، “قامَ معاذٌ فصلَّى العشاءَ الآخرةَ فطوَّلَ فقالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أفتَّانٌ يا معاذُ أفتَّانٌ يا معاذُ أينَ كنتَ عن “سبِّحِ اسمَ ربِّكَ الأعلى” و”الضُّحى” وَ “إذا السَّماءُ انفطرت”. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : ابن كثير | المصدر : الأحكام الكبير، الصفحة أو الرقم: 3/189 | خلاصة حكم المحدث : أصل هذا الحديث في صحيح البخاري ))
وهذا الحديث يدلُّ على فضل سورة الانفطار في قراءتها في الصلاة للتخفيف على الناس في صلاة الجماعة، ويعدُّ الحديث وصيةً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقراءتها أثناء الصلاة للإمام حتَّى لا يثقلَ على من خلفه من المصلِّين فقد يكون منهم المريض والشيخ الكبير وغيرهم.
فضل قراءة سورة الانفطار كفضلِ بقيَّة سورِ القرآن الكريم، ففي قراءتِها كما في قراءةِ القرآن الكريمِ كلِّه للمسلمِ في قراءتِه أجرٌ كبير وفضل عظيم لا يعلمه إلا الله تعالى؛ كما ورد في الحديث الشريفِ المشهورِ الذي قالَ فيه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: “من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ “ألم” حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] ))
قد شاع بين الناس أن من فضل سورة الانفطار هو نزول المطر وغفران الذنوب لمن يقرأها عند نزول المطر، حيث أن الله تعالى يغفر الذنوب للعباد بقدر حبات المطر المتساقطة، لكن هذا التفسير لا أصل له في الشريعة حيث لا يوجد أي حديث صحيح يؤيد ذلك.
مقاصد سورة الانفطار
يعدُّ وصف الأهوال المخيفة ليوم القيامة من أهمِّ مقاصد سورة الانفطار، حيثُ تبدأ السورة بذكر ما سيحدث في السموات والأرض من تقلُّبات وتبدُّلات بإذن الله تعالى، كما تصوِّرُ الأحداث الهائلة التي ستصيبُ ما في الكون من كواكب وما في الأرض من مكوِّنات، كأن تنشقَّ السماء وتتناثرُ كواكبها، وتتفجَّر بحار الأرض وتتبعثرُ قبور العباد، قال تعالى في بداية السورة: {إذَا السمَاءُ انفَطَرَتْ * وإِذَا الكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإذَا البِحَارُ فجِّرَتْ * وإِذَا القُبُورُ بُعثِرَتْ}.
ومن مقاصد سورة الانفطار الإشارة إلى جحود وفجور الإنسان وإصرار على إنكار يوم الحساب، بالإضافة إلى أنَّها تتحدث عن إنكار الإنسان لدين الله تعالى الذي أنزله على رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ * كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ}.
تبيِّنُ الآيات أن الله سيكتبُ على كل شخص أعماله تلك دون نقصان ودون زيادة عن طريق الملائكة الذين كلفهم الله بهذه المهمة، قال تعالى: {وإِنَّ عَليْكُمْ لحَافِظِينَ * كرَامًا كاتِبِينَ * يعْلَمُونَ ما تفْعلُونَ}.
أشارت آيات سورة الانفطار إلى مصير البشر يوم الحساب عندما ينقسمون إلى مؤمنين ينجيهم الله من عذاب أليمٍ وإلى كافرين سيخلدون في جهنَّم إلى الأبد، قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}.
وفي آخر السورة تعظِّمُ الآيات يوم القيامة وتؤكدُ على أنَّ الحكم لله وحده لا شريك له، قال تعالى: {ومَا أدْرَاكَ مَا يومُ الدِّينِ * ثمَّ ما أدْرَاكَ مَا يَومُ الدينِ * يوْمَ لا تَملِكُ نفْسٌ لِنفْسٍ شيْئًا والأَمْرُ يومَئِذٍ للَّهِ}، ويؤكدُ أيضًا في مقاصد سورة الانفطار أنَّ النفعَ والضرَّ بيد الله تعالى أيضًا.
سبب نزول سورة الانفطار
قال علماء التفسير أن السبب وراء نزول سورة الانفطار في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) وهي آية بها استفهام الغرض منه التعجب والإنكار لما دفع الإنسان إلى الإشراك بالله تعالى وهناك خلاف حول الشخص المقصود بذلك فقيل هو أبي بن خلف وقيل الوليد بن المغيرة بينما أكد بعض المفسرين أن المقصود هو الأخنس بن شريف، ولكن بشكل عام أوضحت السورة اختلاف شخصية الإنسان المشرك بالله تعالى، كما بينت السورة الأهوال الخاصة بيوم القيامة.
أراد الله تعالى أن يعرف العباد أن الأرض سوف تنفطر وتنهدم حتى يخرج منها العصاة والمشركين، لكن الله تعالى يمسك الأرض عن الانفطار حتى يؤذن لها رحمة بالناس وإعمار الكون.
اقرأ أيضًا:
المصادر: