إن الحرص على التثبت من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، والعناية بالتحقق من صحتها، هو الطريق الذي ينبغي أن يسلكه كل مسلم -بقدر وسعه-، وليس ذلك شكا مذموما، كما قد يوسوس به الشيطان لبعض الناس، لذلك معرفة مدى صحة الحديث من الأمور بالغة الأهمية، وسنتناول في هذا المقال الطرق التي تساعد على معرفة درجة الحديث.
معرفة درجة صحة الحديث
إنّ علم تخريج الحديث هو أحد العلوم التي نشأت نتيجة العناية التي تلقّاها الحديث النبوي الشريف من العلماء والمحقّقين على مرّ العصور من أجل معرفة درجة صحة الحديث.
والتخريج في اللغة من الخروج وهو ضد الدخول، وللتخريج في الاصطلاح أكثر من تعريف ودلالة؛ فعند الأقدمين يُراد بالتخريج ما ينتقيه الراوي لنفسه من الأحاديث التي سمعها من شيوخه، وقد عرّفه الإمام السخاوي فقال: “التخريج: إخراج المحدّث الأحاديث من بطون الأجزاء والمشيخات والكتب ونحوها وسياقها من مرويات نفسه، أو بعض شيوخه أو أقرانه، أو نحو ذلك، والكلام عليها وعزوها لمن رواها من أصحاب الكتب والدواوين مع بيان البدل والموافقة ونحوهما.
وقد يُتوسع في إطلاقه على مجرد الإخراج والتصنيف والعزو وجعل كل صنف على حده”، كما عرّفه المعاصرون بتعاريف قريبة من تعريف السخاوي إلّا أنّهم لم يشترطوا أن يكون الراوي هو نفسه من يقوم بعزو الأحاديث وتخريجها كما أضاف بعضهم أنّ بيان درجة الحديث ممّا يتضمنّه مصطلح التخريج، وسيّتحدث هذا المقال عن علم تخريج الحديث.
هناك مجموعة من الطرق التي تساعد على معرفة درجة الحديث:
معرفة الصحابي
وضع المحدّثون كتب في الحديث ورتبّوها على أسماء الصحابة ويُسمّى هذا النوع من الكتب بالمسانيد أمثال مسند الحُميدي ومسند البزّار ومسند الطيالسي ومسند الإمام أحمد وهو أهم وأشهر كتب المسانيد، كما أنّ الكتب الحديثية المسمّاة بالمعاجم قد تكون فيها الأحايث مرتبّة على أسماء الصحابة كالمعجم الكبير للطبراني، فعندما يعرف الباحث اسم الصحابي يعود إلى أحاديثه في هذه الكتب ويبحث عن الحديث المراد تخريجه.
معرفة أول لفظ من الحديث
يُطلق العلماء على أول لفظة من ألفاظ الحديث مصطلح “طرف الحديث” فعند معرفة طرف الحديث يُراجع الباحث المؤلفات المصنّفة في الأطراف، كالفهارس العلمية الموضوعة في هذا المجال مثل “موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف”، والكتب المؤلفة في بيان الأحاديث المشهورة بين الناس كالمقاصد الحسنة للإمام السخاوي، والمصنفات المرتبة على الأطراف مثل كتاب كشف الخفاء للعجلوني.
معرفة لفظ من ألفاظ الحديث
من أهم الكتب التي يُرجع إليها عند معرفة لفظ من ألفاظ الحديث كتاب “المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي” فهو أحد المصنفات المهمّة التي تقوم بإرشاد الباحث إلى موضع الحديث في الكتب التسعة مع ذكر عنوان الباب ورقم الكتاب والصفحة، كما يُرجع أيضًا إلى كتاب مفتاح كنوز السنة.
معرفة موضوع الحديث
إنّ تخريج الحديث بناءً على معرفة موضوعه يتطلب أن يكون الباحث صاحب خبرة واطلاع واسع على الكتب الحديثية وقدرة على استنباط الموضوع الرئيس للحديث ومن ثمّ يرجع إلى الأبواب التي تتحدّث عن موضوع الحديث المراد تخريجه من المصادر الأصلية في كتب التخريج مثل كتاب نصب الراية وإرواء الغليل وغير ذلك من كتب التخريج.
مراتب الحديث الصحيح
يُقَسَّم الحديث الصحيح سَبْعَ مراتب، وهي:
1- ما اتَّفق عليه البُخاري ومسلم (أعلى مرتبة في الصحة).
تنبيه: رواه البخاري ومسلم يعني متفق عليه إلاَّ عند مجد الدين ابن تيميَّة (جد شيخ الإسلام)، فمعناها عنده: (أحمد بن حنبل + البخاري ومسلم)، ولو قال: أخرجاه فمن دون الإمام أحمد).
2- ثم ما انفرد به البخاري.
3- ثم ما انفرد به مسلم.
4- ثم ما كان على شرطهما ولم يخرجاه.
5- ثم ما كان على شرط البخاري ولم يخرجه.
6- ثم ما كان على شرط مُسلم ولم يخرجه.
7- ثم ما صح عند غيرهما من الأئمة مما لم يكن على شرطهما، كابن خُزيمة، وابن حِبَّان.
مصنفات تخريج الأحاديث الصحيحة
إنّ كتب التخاريج كثيرة جدًا ومنها ما استوفى جميع الشروط والقواعد المقررة في هذا العلم فخرجت بأكمل صورة وأتم بنيان وأصبحت مصدرًا عظيمًا لمعرفة مواضع الأحاديث ودرجاتها التي لا يذكر المصنفون عند إيرادها هذه التفاصيل، وفيما يأتي جملة من أشهر كتب التخاريج:
- نصب الراية لأحاديث الهداية: خرّج الإمام الزيلعي في هذا الكتاب أحاديث كتاب الهداية للمرغيناني.
- المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار: خرّج الحافظ العراقي في هذا الكتاب أحاديث إحياء علوم الدين للغزالي.
- التخليص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: خرّج الإمام ابن حجر في هذا الكتاب أحاديث الشرح الكبير للرافعي.
- تحفة المحتاج إلى أحاديث المنهاج: خرّج الإمام ابن الملقّن في هذا الكتاب أحاديث منهاج الأصول للبيضاوي.
- هداية الرواة إلى تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة: خرّج الحافظ ابن حجر في هذا الكتاب أحاديث كتاب المصابيح للبغوي والمشكاة للتبريزي.
اقرأ أيضًا:
المصادر: