كثيراً ما يلتقي الإنسان بأناس يتحدّثون بموضوعٍ معيّن فإذا هم يذكرون ما يظنّونه أنّه حديث عن رسول الله عليه الصّلاة والسّلام بقولهم ألم يقل الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كذا وكذا، والحقيقة أنّ هذه المسألة في غاية الحساسيّة ذلك أنّ المسلم مأمورٌ بالاقتداء بنبيّه الكريم، ودائمًا ما يسأل المسلم ” كيف أتأكد من صحة الحديث ؟” ونستعرض في هذا المقال إجابة لذلك السؤال.
كيف أتأكد من صحة الأحاديث
الحديث النبوي الشريف هو كل ما ورد عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فعلاً أو قولاً أو تقريراً، فبعض الناس كانوا ينسبون ما يقوله الصحابة للرسول -عليه الصلاة والسلام- على أنها أحاديث، وهذا خاطىء ويوقعُ الكثير من اللغط.
يتكوّن الحديث الشريف من السند والمتن، والسند هم رواة الحديث أو الطريق الذي يوصل إلى كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو فعله أو تقريره، والسند؛ هو ما حُدّثَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي يوصل إليه السند في كل الحالات.
يكون التأكد من صحة الحديث، والحكم عليه بالصحة أو الضعف من خلال مرحلتين رئيسيتين، وفيما يأتي بيان كلٍّ منهما:
المرحلة الأولى: البحث عن أماكن ورود الحديث الشريف في الكتب المسندة جميعها ما أمكن، ثمّ جمع الأسانيد التي ورد بها، وتمييز أماكن التقائها وافتراقها، والوصول إلى السند الذي دار الحديث حوله، وتمييزه عن غيره للعمل عليه في المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية: دراسة سند الحديث، أو أسانيده المختلفة دراسةً مفصلةً تشمل جميع الجوانب التي تؤثّر في صحّة الحديث، ويكون ذلك بالخطوات الآتية:
-
- البحث في عدالة الرواة، وتدينهم، وصدقهم.
- البحث في ضبط الرواة، ودرجة حفظهم للأحاديث.
- البحث في اتصال سند الحديث.
- البحث في توافق سند الحديث ومتنه مع غيره من الأحاديث.
- التأكد من خلو الحديث من العلل الخفيّة، والتي لا يميزها إلّا العلماء المختصّون.
مراتب الحكم على الحديث
قسّم علماء الحديث الأحاديث من حيث الحكم عليها إلى قسمين رئيسيين، يتفرّع عن كلّ منهما أقسامٌ أخرى، وفيما يأتي بيان ذلك:
- الحديث المقبول؛ وهو الحديث الذي توافرت فيه شروط القبول، وكان صالحاً للعمل والاحتجاج به، ويتفرع عنه قسمين:
- الحديث الصحيح؛ هو الذي توافرت فيه أعلى شروط القَبول.
- الحديث الحسن؛ وهو الذي توافرت فيه أدنى درجات القَبول.
- الحديث المردود؛ وهو الحديث الذي لم تنطبق عليه شروط القَبول، وينقسم إلى قسمين اثنين:
- الحديث الضعيف؛ وهو ما اختل به شرطٌ من شروط القبول.
- الحديث الموضوع؛ وهو ما كان في إسناده كاذبٌ، أو متهمٌ بالكذب.
الحديث الصحيح
الحديث الصحيح حسب تعريف علماء الحديث هو ما اتصل اسناده برواية العدل الضابط من أول السند إلى منتهاه، من غير شذوذٍ أو علة، ومعنى ما اتصل اسناده أي أنّ سنده يكون متصل بسماع كلّ راوي عمن روى الحديث عنه، دون أن يكون هناك انقطاع، والعدل هو الذي توفر فيه صفات معينة تحمله على ملازمة التقوى والعدالة والصدق، والضبط هو الحفظ والاتقان في رواية الحديث بحيث يكون قادراً على روايته عن ظهر قلب كما يقرؤه، ومن غير أن يكون هناك شذوذ أي مخالفة رواية راوي الحديث الثقة لمن هو أوثق منه، والعلة تكون علّة خفية تقدح في صحة الحديث.
معرفة درجة صحة الحديث من الكتب
إنّ أول طريق معرفة درجة صحة الحديث الشريف تكون عن طريق كتب الصحاح، وأشهر هذه الكتب على الإطلاق وأصحها سنداً ورواية صحيح الإمام البخاري والإمام مسلم، وقد كان سبب شهرة صحيح الإمام البخاري ذلك المنهج الذي اعتمده في تصحيح الأحاديث حيث اشترط دون غيره من علماء الحديث شرط الاستماع وهو أن يكون الراوي معاصراً لمن روى عنه، وأن يكون سمع عنه، بمعنى أنّه لم يكتفي بمجرد المعاصرة لقبول الحديث، بل اشترط السماع.
وقد عرف كذلك كثير من علماء الحديث الذين عنوا بجمع الأحاديث الصحيحة منهم ابن حبان، وابن خزيمة، والحاكم في المستدرك، ومن العلماء المتأخرين الإمام الألباني الذي برع في تخريج الأحاديث وله مصنفات في ذلك يمكن الرجوع إليها لمعرفة درجة صحة الأحاديث وهي صحيح الجامع، والسلسلة الصحيحة.
معرفة درجة صحة الحديث من مواقع معينة
قد أفاد التطور التكنولوجي كثيراً في معرفة درجة صحة الأحاديث النبوية الشريفة، فالشبكة العنكبوتية تحوي في طياتها صفحات إسلامية أخذت على عاتقها خدمة طلاب العلم والباحثين والعلماء من خلال تيسير الوصول إلى الأحاديث، ومعرفة درجة صحتها، وتمييز الحسن والضعيف من الأحاديث.
من المواقع التي اشتهرت في ذلك موقع الدرر السنيّة الذي يشرف عليه عدد من العلماء الأجلاء، فبعد الدخول إلى الموقع يمكن كتابة جزء من الحديث في مربع البحث لتبدأ النتائج بالظهور مباشرةً، مع كتابة اسم الراوي والمُحدّث والمصدر مع رقم الصفحة.
اقرأ أيضًا:
المصادر: