توفّي النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام تاركًا وراءه سيرته النّبويّة العطرة التي تضمّنت جميع ما يتعلّق بالنّبي عليه الصّلاة والسّلام من نسبٍ وولادة ونشأة ومواقف وأحداث وغزوات، كما ترك النّبي الكريم وراءه كثيرًا من الأحاديث النّبويّة الشّريفة، التي اعتبرت أحد مصادر التّشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، ويُوضح لكم موقع معلومات في هذا المقال الفرق بين الحديث والسيرة.
الحديث والسيرة
تعريف الحديث النبوي الشريف
يعرّف العلماء الحديث النّبوي الشّريف بأنّه كلّ ما ورد عن النّبي محّمد عليه الصّلاة والسّلام من فعلٍ أو قولٍ أو تقرير أو صفة.
والحديث النّبوي الشّريف له خصائص مميّزة له عن بقية أحاديث البشر من ناحية أنّ مصدره الوحي، قال تعالى: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلاّ وحي يوحي)، وبالتّالي فإنّ الخطأ والنّسيان والهوى لا يكون في أحاديث النّبي عليه الصّلاة والسّلام، كما يكون في كلام البشر؛ لأنّ مصدره الله سبحانه وتعالى.
كما أنّ كلام النّبوة من خصائصه أنّه يشتمل على جوامع الكلم أي العبارات البليغة الفصيحة التي تختزل في عباراتها كنور المعاني والعبر والأحكام، وقد اهتم علماء الإسلام بالحديث النّبوي الشّريف.
تعود أوّل محاولةٍ جادّة لجمع الأحاديث وتصنيفها في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، وتحديدًا على يد الإمام محمّد بن شهاب الزّهري، وقد تطوّر علم الحديث بعدها وانبرى كثيرٌ من العلماء لجمع الأحاديث وتصنيفها ما بين حديثٍ صحيح وحديثٍ حسن وحديث ضعيف وغير ذلك، وقد برز في هذا العلم أئمة كبار مثل الإمام البخاري والإمام مسلم والتّرمذي والنّسائي وابن ماجه وابن داوود.
أهمية الحديث الشريف
- تفسير ما جاء في القرآن الكريم من أوامر وتشريعاتٍ، فمثلاً الصَّلاة أمر الله تعالى بالالتزام بها وتأديتها ولكن لم يفصِّل عدد ركعاتها، وشروطها، وأحكامها، ومواعيدها، وطريقة الوضوء، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم فسّر للمسلمين كل ما يدور حولها وعلّمهم الطَّريقة الصَّحيحة.
- كسْب الأجر والثواب، وعبادة الله تعالى كما أمر وكما يحب، فالذي يقرأ الأحاديث النبويّة الشَّريفة يجد كيفية عبادة الله وطرق كسب رضاه والأجر والثواب.
أنواع الحديث الشريف
تم تصنيف الأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلّم إلى أنواع تبعاً للراوي وطرق روايته، حيث وصل عدد هذه الأنوع إلى خمسة وستين نوعاً، ومن أشهر هذه الأنواع:
- الحديث الصحيح: وهو الحديث الُمسنَد الذي نقل في جميع من رواه عن العدل الضابط من بدايته حتى منتهاه، ولا يكون شاذاً ولا معللاً، ويُعتبر البخاري ومسلم أول من جمع الأحاديث الصحيحة.
- الحديث الحسن: وهو من لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ويكون الحديث ليس شاذاً، وهذا هو تعريف الترمذي للحديث الحسن.
- الحديث الضعيف: هو كل حديث افتقر إلى صفاتِ الحديث الصحيح والحديث الحسن.
تعريف السيرة النبوية
هو علم يُعنى بجمع أحداث وتفاصيل حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما ورد في حياته قبل البعثة للإسلام وما بعدها، وكما يتطرق للصفات الخُلقية والخلقية للرسول صلى الله عليه وسلم، ويُسرد في سيرته النبوية جميع الغزوات التي قادها والمعاهدات وأمور حياته الشخصية، وهجرته النبوية وغيرها من أدق التفاصيل في حياته الشريفة.
وقد كان رائد علوم السيرة النبوية الإمام محمد ابن اسحق الذي جاء بعده ابن هشام ونقل عنه الكثير، والسيرة النبوية تختلف عن كتب الحديث في أنّها قد تشتمل على كثير من الأحاديث التي لم تصحّ عن النّبي الكريم، كما وردت فيها بعض الإسرائيليّات.
أهمية السيرة النبوية
- تقدّم السيرة النبوية الوسيلة للتعرف على رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قرب، واستيعاب أبعاد شخصيته من خلال التفاصيل الواردة فيها.
- تعتبر السيرة النبوية قدوة حسنة للمسلم ليمشي على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقتبس منه محاسن الأخلاق والعيش بحياة فضلى.
- تساعد المسلم على استيعاب القرآن الكريم وفهمه، وذلك من خلال ارتباط معظم الآيات الكريمة بأحداث مرت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- تعّد السيرة النبوية أنموذجاً فعالاً لتنشئة المسلم تنشئة سليمة وتعليمه على أحكام الإسلام، فيتخذ المسلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مربٍّ ومعلم.
- التعرّف على من عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم.
- تمتاز السيرة النبوية بأنها كاملة متكاملة لم تترك أي جزء من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد أوردته تفصيلاً، وهذا ما تفتقر إليه أية سيرة أخرى.
- تمنح المسلم القدرة على فهم العقيدة الإسلامية.
- الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
- استيعاب القرآن الكريم وفهم أحداثه.
مصادر السيرة النبوية
يعتمد المسلمون على مجموعة من المصادر للحصول على السيرة النبوية الشريفة، ومنها:
- القرآن الكريم، ويعد أكثر المصادر صحة ومصداقية لأنه كلام الله تعالى المنزل.
- كتب الحديث وشروحها، ومنها كتب الحديث الستة، وأكثرها دقة صحيح مسلم، وصحيح بخاري.
- كتب التفاسير وأسباب النزول، كجامع البيان في تأويل آيات القرآن للطبري، وتفسير ابن كثير.
- كتب النسخ والمنسوخ، ومنها: ناسخ القرآن ومنسوخه للبارزي.
- كتب الرجال والتراجم والطبقات، ومنها الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر.
- كتب التاريخ، ومن بينها تاريخ الإسلام للذهبي، وتاريخ الأمم والملوك للإمام الطبري.
اقرأ أيضًا:
أهمية الحديث النبوي الشريف في الإسلام
المصادر: