من هي الفرقة الناجية
الفرقة الناجية من المصطلحات الإسلامية التي تم استنباطها من حديث “إنَّ أَهلَ الكتابِ قبلَكم تفرَّقوا علَى اثنتينِ وسبعينَ فرقةً في الأَهواءِ ألا وإنَّ هذِه الأمَّةَ ستفترِقُ علَى ثلاثٍ وسبعينَ فِرقةً في الأَهواءِ كلُّها في النَّارِ إلَّا واحدةً” (( الراوي : معاوية بن أبي سفيان | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج كتاب السنة، الصفحة أو الرقم: 2 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره ))، لذلك يُوضح موقع معلومات في هذا المقال من هي الفرقة الناجية وصفاتها ومصير باقي الفرق الأخرى.
من هي الفرقة الناجية
اختلف العلماء في المراد بها على أقوال، وهي إجمالاً:
- قيل: إنها السواد الأعظم من أهل الإسلام.
- وقيل: هم العلماء المجتهدون الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أمتي لا تجتمع على ضلالة”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن عدي | المصدر : الكامل في الضعفاء، الصفحة أو الرقم: 8/38 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] معان بن رفاعة عامة ما يرويه لا يتابع عليه ))
- القول الثالث إنهم خصوص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية: “ما أنا عليه اليوم وأصحابي” (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الجورقاني | المصدر : الأباطيل والمناكير ، الصفحة أو الرقم: 1/465 | خلاصة حكم المحدث : عزيز حسن مشهور ))
- القول الرابع: إنهم جماعة غير معروف عددهم ولا تحديد بلدانهم، أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بإخبار الله له أنهم على الحق حتى يأتي أمر الله. ولعل هذا هو الراجح من تلك الأقوال ونحن نطمع إن شاء الله أن نكون منهم مادمنا على التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى منهج سلفنا الكرام.
- فيه قول خامس وهو أن الجماعة من المسلمين إذا اجتمعوا على أمير.
إن المنهج الذي يتبعه شيخ الإسلام ابن تيمية في تحديد النطاق العملي للفرقة في الإسلام، يعتمد بالدرجة الأساسية على نظرته الواسعة للأدلة الشرعية، وفهمه الواسع للكتاب والسنة، وهو عندما يبحث في تحديد مفهوم الفرقة لا يبتعد عن هذين الإطارين، فهو ينظر إلى حديث الافتراق باعتباره حديثاً مشهوراً كثر كلام العلماء حوله، ومع ذلك فإن تحديد الفرقة عند ابن تيمية يتعدى تعداد هذه الفرق إلى بيان الفرقة الناجية.
إذ يقول في تعليقه على حديث الافتراق : “ولهذا وصف الفرقة الناجية بأنها أهل السنة وهم الجمهور الأكبر والسواد الأعظم ، وأما الفرق الباقية فإنهم أهل الشذوذ والتفرق والبدع والأهواء ، ولا تبلغ من هؤلاء قريباً من مبلغ الفرقة الناجية، فضلاً عن أن تكون بقدرها”.
ينبه شيخ الإسلام على ضرورة التحري في إطلاق تسمية “الفرقة الناجية” جزافاً وبدون دليل، فيقول: “وأما تعيين هذه الفرق فقد صنف الناس فيهم مصنفات وذكروهم في كتب المقالات ، لكن الجزم بأن هذه الفرقة الموصوفة هي إحدى الثنتين والسبعين لا بد له من دليل ، فإن الله حرم القول بلا علم عموماً ، وحرم القول عليه بلا علم خصوصاً”، وهذا البيان الذي يقدمه شيخ الإسلام يبين نظرة أهل السنة والجماعة إلى الفرق الأخرى، إذ أن الغالب في تعاملهم معها التحري والتدقيق، في حين أن الفرق الأخرى تطلق هذه المصطلحات جزافاً ودون ورع.
صفات الفرقة الناجية
- اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يقدمون عليهما شيئاً، لا الكشف ولا المذهب، ولا الطريقة ولا قول أحد من البشر، أو حكمه وشرعه، ولهذا يهتمون بكتاب الله حفظاً وتلاوةً وتفسيراً، كما يهتمون بمعرفة الحديث الصحيح، وتمييزه عن الضعيف والموضوع، ويبذلون في ذلك جهوداً عظيمة.
- ترك الابتداع في الدين، ومحاربة البدع، واتباع منهج الكتاب والسنة في الرد على الشبهات والضلالات، فلا يردون بدعة ببدعة، ولا يردون بعض الدين من أجل إثبات البعض الآخر.
- الدخول في الدين كله، والإيمان بالكتاب كله: فيؤمنون بنصوص الوعد ونصوص الوعيد، كما يؤمنون بنصوص الإثبات ونصوص التنزيه، ويجمعون بين الإيمان بالقدر، وبين إثبات إرادة العبد ومشيئته، كما دلت على ذلك النصوص… وهكذا. كما يجمعون بين العلم والعبادة، وبين القوة والرحمة، وبين العمل والزهد، فمنهجهم هو المنهج الوحيد، الذي يتحقق فيه تكامل الإسلام، وشموله وتوازنه.
- الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق، وتوحيد صفوفهم على التوحيد والاتباع ولهذا، لم يتميزوا عن الأمة باسم سوى السنة والجماعة، ولا يوالون ولا يعادون على رابطة سوى السنة والجماعة.
- إحياء السنة والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، والعمل لإقامة شرعه وحكمه في كل صغيرة وكبيرة، لا تأخذهم في الله لومة لائم.
مصير باقي الفرق
وأما معنى قوله صلى الله عليه وسلم في باقي الفرق سوى الفرقة الناجية: “كلها في النار” فقد ذكر الشاطبي ما حاصله:
- أن هذه الفرق لا بد أن ينفذ فيها الوعيد لا محالة.
- أنهم مثل أهل الكبائر تحت المشيئة.
- أن الأولى عدم التعرض لتعيين الفرق غير الناجية بالحكم عليها بالنار، لأن النبي عليه السلام نبه عليها تنبيهاً إجمالياً لا تفصيلياً إلا القليل منهم كالخوارج.
تجدر الإشارة إلى أن الحديث النبوي الذي أخبر عن الفرقة الناجية يُوضح أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قد تنبأ بتردِّى حال الإسلام والمسلمين وما ستؤول إليه الأمة الإسلامية من تفرّق. إلا أن الإشكالية هنا تكمن فى اعتبار كل فرقة لنفسها أنها الفرقة الناجية، ما يزيد المسألة تعقيدًا، ويطرح مجموعة من الأسئلة، أهمها: هل الفرقة الناجية جماعة كاملة أم أفراد؟
بمعنى آخر، هل الفرقة المذكورة تدخل الجنة بأفرادها مجتمعين، أم أنها مؤلَّفة من أهل الحق الذين ينتمون إلى الفرق الثلاثة وسبعين كاملة؟ ففى جواب الرسول، عليه الصلاة والسلام، أنه يقول: «مَن كان “أى للمفرد” على مثل ما أنا عليه وأصحابى»، ولو قصد فرقة بأكملها لقال: «مَن كانت “للفرقة”».. وبالتالى فنحن لن ندرك المقصود بالمعنى، وهو أمر لا يمكن لأحد أن يدَّعيه.
اقرأ أيضًا:
المصادر: