قضية عذاب القبر من القضايا الخلافية بين الفرق الكلامية على مدار تاريخ الدعوة الإسلامية، لذلك يُوضح لكم موقع معلومات في هذا المقال من هي الفرقة التي تنكر عذاب القبر بالإضافة إلى آراء الفرق الإسلامية في هذه القضية.
من هي الفرقة التي تنكر عذاب القبر
تنكر فرقة الخوارج عذاب القبر وتزعم أنه غير صحيح ولم يلتفتوا إلى ما جاء فيه من الأحاديث الصحيحة التي تؤكد ثبوته، ويقول ابن حزم كذلك: قال أبو محمد: ذهب ضرار بن عمرة الغطفاني أحد شيوخ المعتزلة إلى إنكار عذاب القبر وهو قول من لقينا من الخوارج.
يرى القرآنيون المنكرين للسنة النبوية مثل أحمد صبحي منصور أن عذاب القبر غير واقع حيث يقولون فسّروا الروايات التي ذُكر فيها عذاب القبر بأنها روايات وضعت لإرهاب الناس وإذلالهم للخضوع لرجال الدين الخاضعين للحكام، فيستغلوا هذه الروايات لإخضاع أعناق المسلمين وترهيبهم فقط دون أن يكون هناك ترغيب وهداية وتذكير وبشرى لمآرب يرجونها.
استدل المنكرون لعذاب القبر بأن هناك مئات الآيات من القرآن التي لا تتفق مع عذاب القبر، ومنها ما تنفى وجوده تماما، وبالتالي فلا يصح عندهم الأخذ بأحاديث ظنية الثبوت مع وجود القرآن قطعى الثبوت لا تناقض فيه ولا اختلاف.
آراء الفرق الإسلامية في عذاب القبر
اتفق أهل السنّة والجماعة من علماء المسلمين على حقيقة وجود عذاب القبر، وأنّ الإنسان في القبر إمّا أن يكون في نعيم أو في عذاب، وتلك هي الحياة البرزخيّة كما عبّروا عنها.
كما اتفق أهل السنّة والجماعة على أنّ نعيم القبر وعذابه يكون على الروح والجسد، وليس على أحدهما فقط، فالروح تبقى في نعيم أو عذاب حتى بعد انفصالها عن الجسد ثمّ إنّها أحياناً ترتبط به فيتنعمان معاً أو يتعذبان معاً، ويوم القيامة يشاء الله -عزّ وجلّ- أن ترتبط الأرواح جميعها بأجسادها فيكون النعيم أو العذاب عليهما جميعاً في الآخرة.
وردّ العلماء على من ينكرون عذاب القبر ونعيمه بزعم أنّ الناس يرون الموتى في قبورهم ولا يكون عليهم أثر من ذلك النعيم أو العذاب، بأنّ ذلك يشبه حال النائم في الحياة الدنيا، فهو قد يحلم أحلاماً كثيرة فيها حزن أو فرح فيتأثّر بها ويشعر معها لكنّ مَن حوله لا يدرون بذلك ولا يرون له أثراً ظاهراً عليه، هذا وهو في الحياة الدنيا ذاتها، فكيف إذا كان في حياة أخرى تختلف عن الحياة الدنيا وهي حياة البرزخ، ولا شكّ أن ذلك أدعى ليكون مقبولاً.
بينما يرى أغلب “المعتزلة” أن عذاب القبر يقع بعد القيام في الموت يوم الحساب، ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، الذين يقولون: لا يكون ذلك في البرزخ, وإنما يكون عند القيام من القبور، وتقول أحد الآراء: ” إن البرزخ ليس فيه نعيم ولا عذاب، بل لا يكون ذلك حتى تقوم القيامة الكبرى”، وهو أيضا ما يتفق مع الجهمية.
أما الإباضية فإنهم غير متفقين على نفى عذاب القبر أو ثبوته، بل انقسموا إلى فريقين، فريق يقول بثبوته وآخر ينفيه، وهذا ما يذكره النفوسى بقوله:
وأما عذاب القبر ثبت جابر وضعفه بعض الأئمة بالوهن
وأما ورود الناس للنار إنه ورود يقين العلم واللمح بالعين
الأدلة على عذاب القبر
استدل أهل السنة على وجود عذاب القبر بقول الله -عزّ وجلّ- في آل فرعون: “النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ” حيث قالوا إنّ آل فرعون على الرغم من موتهم يُعرضون على النّار غدوّاً وعشيّاً كما في الآية الكريمة، ممّا يدلّ على عذاب القبر، كما استدلوا أيضاً بما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من استعاذته من عذاب القبر في أكثر من موضع، ممّا يدلّ على وجوده وثباته.
جاءت الأحاديث بصحة القول بوجود عذاب القبر أو نعيمه بروايات عديدة توجب الاعتقاد الجازم بصحة وقوعه ومنها:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: “اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 1294 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
- عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: “خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر، ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال: “استعيذوا من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا”. (( الراوي : البراء بن عازب | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 150 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
أسباب عذاب القبر
إنّ لعذاب القبر عدّة أسباب أخبر عنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في بعض أحاديثه، وبيان بعضها فيما يأتي:
- النميمة؛ وهي العمل على إيقاع الخلاف بين الناس.
- ترك الاستنزاه من البول؛ أي التطهّر منه، ويكون ذلك بأمرين؛ هما: أن يحرص الإنسان على ألّا يصيبه رشاش البول عند تبوله، والثاني أن يبادر إلى إزالة ما أصابه منه إن حصل ذلك.
- الغيبة؛ حيث مرّ الرّسول -عليه السّلام- مرّة بجانب قبرين فأخبر أنّ من فيهما يعذبان، وذكر أنّ سبب ذلك الغيبة والبول.
- الغلول من الغنيمة؛ والمقصود به السرقة من الغنيمة التي يغنمها المسلمون من الكفّار في الجهاد.
- هجر القرآن الكريم.
- ترك الصلاة المفروضة على المسلم بالنوم عنها.
اقرأ أيضًا:
المصادر: