يسمع الكثيرين كلمة المعتزلة، لكنهم لا يعلمون الكثير عن تلك الجماعة التي قررت أن تضع العقل أولا فيما يعرف باللاهوت العقلاني، وسنتعرف معا على أول من وضع أسس المعتزلة وترأسهم ، وكذلك أول من نادى بها ومتى ازدهرت ومن اعترضها ولماذا.
أول من وضع أسس المعتزلة وترأسهم
تعني كلمة المعتزلة في اللغة العربية المنسحبون أو الذين ينؤون بأنفسهم، وفي القرن العاشر الميلادي أصبح هذا المصطلح يستخدم ليشير إلى مدرسة إسلامية ازدهرت في البصرة وبغداد.
وكان أول ظهور لهذا الاسم في التاريخ الإسلامي في الخلاف على خلافة علي وقيادته للمسلمين، وذلك بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان.
كان هؤلاء المعتزلة هم من لم يخالفوا عليا أو يدينوه في الوقت نفسه بل اتخذوا موقفا وسطا ليطلق عليهم هذا الاسم.
وكان المعتزلة قد ظهروا مرة ثانية بصورة أوضح في القرن الثامن الميلادي ومنهم وائل بن عطاء، وكذلك عمرو بن عبيد، وكان المسلمون في هذا الوقت من المعتزلة هم أول من استخدموا أساليب الفلسفة لعمل ثلاثة أقسام عقائدية.
وضع المعتزلة اسم أهل التوحيد والعدل لأنفسهم، وأطلق عليهم المعتزلة من قبل خصومهم، ووفقًا لمصادر سنية نشأت المعتزلة عندما ترك أول من وضع أسس المعتزلة وترأسهم واصل بن عطاء دروس الحسن البصري التعليمية بعد خلاف ديني عن مرتكب الكبيرة هل هو مؤمن أم كافر، حيث قال واصل أنه بين هذا وذاك ثم اعتزل مجلس البصري ليقول لقد اعتزلنا واصل، ويطلق عليهم فيما بعد المعتزلة.
قواعد المعتزلة
عملوا في البداية على التشديد على التوحيد المطلق لله، مع فصل أي شئ آخر عنه، وفي مذهب الخليفة العباسي المأمون تم العمل بهذا المبدأ الذي يتحدث عن القرآن المخلوق باعتباره جزء منفصل، وتم محاكمة كل من عارض هذا الأمر ومنهم الإمام أحمد بن حنبل وظل الأمر كذلك على مر عصور ثلاثة من الحكام.
تخلت الخلافة الإسلامية عن موقف المعتزلة لاحقا تحت قيادة المتوكل، وهنا شدد المعتزلة على عدالة الله كمبدأهم الثاني، على عكس الأرثوذكس الذين قالوا أن الأفعال سواء كانت جيدة أو سيئة فهي تحدث بإرادة الله.
وكان رأي المعتزلة أن الله لا يريد سوى الخير للإنسان من خلال إرادة الإنسان الحرة للاختيار بين الخير والشر وبالتالي يكون مسؤولا عن أفعاله.
ومن أهم علماء الدين المعتزلة أبو الهذيل العلاف والنعام في مدينة البصرة، أما في بغداد فكان هناك بشر بن المعتمر، وكان الأشعري تلميذ المعتزلة الجبّاع، هو الذي كسر قوة الحركة بدحض تعاليمها باستخدام نفس الأساليب العقلانية الهلنستية التي جاء بها المعتزلة لأول مرة.
رفض المعتزلة
تبرأ المسلمون من أهل السنة من معتقدات المعتزلة، لكن الشيعة ممن قبلوا بقوانينها.
وكان الخوارج هم من أثاروا أول جدال يتساءل عن إذا كان العمل الصالح جزء من الإيمان أم مستقل عنه، وعمل المعتزلة منذ ذلك الوقت على تطوير مدرسة إسلامية تعتمد على العقل ومبادئها الثلاثة مجتمعة هي :-
- خلق القرآن
- وحدانية الله وعدله.
- حرية الإنسان في أفعاله.
كان المعتزلة يرفضون أن القرآن كلام الله، ويتركز كلامهم على التكهنات الفلسفية والعدل الإلهي حيث يقولون أنه بما أن الله عادلا وحكيم، والشر ينبع من أخطاء أفعال البشر ويجب أن يعتبر الشر من الأشياء النابعة عن الإرادة الحرة التي منحها الله للبشر.
يعتبر المعتزلة من أصحاب التفكير العقلاني اللاهوتي الإسلامي، على عكس العلمانيين الذين يؤمنون بأن كل شئ نابع من العقل بغض النظر عن الوحي.
كما يعتقدون أن الخير والشر لا يتم تحديدهما من خلال كتاب الله وتفسيرةه دائما لكنهما مقولات عقلانية يمكن أن تتأسس من خلال العقل غير المدعوم.
أما مدرسة الكلام المعتزلة فكانت تقول بأن أوامر الله يمكن الوصول إليها من قبل الفكر العقلاني والاستقصاء، وهذا هو السبب وليس القرآن هو ما يحدد ما يجب فعله من أوامر دينية.
وصل المعتزلة إلى ذروتهم في الخلافة العباسية، حيث كان يتم معاقبة أي عالم دين يخالفهم حتى أنه تم قتلهم إذا رفضوا الاعتراف بالمعتزلة.
في الختام نكون قد تعرفنا على أول من وضع أسس المعتزلة وترأسهم ، وما هي المبادئ الثلاثة التي تستند عليها، وأيضا متى ازدهرت وتحكمت في العالم الإسلامي لتغير الكثير من المفاهيم.