المرجئة من الفرق الكلامية التي تنتسب إلى الإسلام، ونظرًا إلى كثرة السؤال عن هذه الفرقة المثيرة للجدل، يُقدم موقع معلومات في هذا المقال إجابة عن سؤال ما هي فرقة المرجئة ونشأتها ومبادئها.
ما هي فرقة المرجئة
المرجئة لغة: من الإرجاء: وهو التأخير والإمهال، ومن الرجاء، ضد اليأس وهو الأمل، أما في الاصطلاح فقد كانت المرجئة في آخر القرن الأول تطلق على فئتين، كما قال الإمام ابن عيينة: قوم أرجأوا أمر علي وعثمان فقد مضى أولئك، أما المرجئة اليوم فهم يقولون: الإيمان قول بلا عمل. (( تهذيب الآثار للطبري 2/659 ))
استقر المعنى الاصطلاحي للمرجئة عند السلف على المعنى الثاني “إرجاء الفقهاء”، وهو القول بأن: الإيمان هو التصديق أو التصديق والقول، أو الإيمان قول بلا عمل، “أي إخراج الأعمال من مسمى الإيمان”، وعليه فإن: من قال الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأنه لا يجوز الاستثناء في الإيمان من قال بهذه الأمور أو بعضها فهو مرجئ.
يرى أهل السنة أن المرجئة ممقوتون ومذهبهم يفضي إلى درجة التكاسل والتعويل على عفو الله وحده دون العمل لذلك. ولقد احتدم النزاع بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة من جانب، وبين المرجئة من جانب آخر في دخول الأعمال في مسمى الإيمان، فزعمت المرجئة أن كل طائفة تنسب نفسها إلى الإسلام وتصدق به تعد من المؤمنين الخلّص بغض النظر عن عملها بعد ذلك، بالخوارج والشيعة والمعتزلة وسائر الطوائف في نظر المرجئة هم من أهل الإيمان الكامل.
نشأة فرقة المرجئة
الإرجاء في بدء الأمر كان يراد به في بعض اطلاقاته أولئك الذين أحبوا السلامة والبعد عن الخلافات وترك المنازعات في الأمور السياسية والدينية، إلا أنه من الملاحظ أنه بعد قتل عثمان رضي الله عنه وبعد ظهور الخوارج والشيعة أخذ الإرجاء يتطور تدريجياً.
ظهر الخلاف في حكم مرتكب الكبيرة ومنزلة العمل من الإيمان، ثم ظهرت جماعة دفعوا بالإرجاء إلى الحد المذموم والغلو، فبدأ الإرجاء يتكون على صفة مذهب، فقرر هؤلاء أن مرتكب الكبيرة كامل الأيمان وأنه لا تضر مع الإيمان معصية، ولا تنفع مع الكفر طاعة.
اختلف الباحثون في تحديد أول من أظهر مذهب المرجئة، والفقهاء على أقوال، فقيل هو: ذر بن عبدالله الهمدانى، وهو تابعى متعبد توفى في نهاية القرن الأول، وقال إسحاق ابن إبراهيم: ” قلت لأبى عبد الله – يعنى الإمام أحمد: أول من تكلم فى الإيمان من هـو؟ قال: يقولون: أول من تكلم فيه ذر.
يذكر بعض العلماء أن الحسن بن محمد بن الحنفية هو أول من ذكر الإرجاء في المدينة بخصوص على وعثمان وطلحة والزبير، حينما خاض الناس فيهم وهو ساكت ثم قال: قد سمعت مقالتكم ولم أر شيئاً أمثل من أن يرجأ على وعثمان وطلحة والزبير، فلا يتولوا ولا يتبرأ منهم.
ولكنه ندم بعد ذلك على هذا الكلام وتمنى أنه مات قبل أن يقوله، لأن كلامه بعد ذلك طريقاً لنشأة القول بالإرجاء، وقد بلغ أباه محمد بن الحنيفة كلام الحسن فضربه بعصا فشجه، وقال: لا تتولى أباك علياً؟ ولم يلتفت الذين تبنوا القول بالإرجاء إلى ندم الحسن بعد ذلك، فإن كتابه عن الإرجاء انتشر بين الناس وصادف هوى في نفوس كثيرة فاعتنقوه. (( ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامى ص 244 ))
أقسام المرجئة
المرجئة ليسوا على مذهب واحد، وإنما هم طوائف ومذاهب، بعضهم يقول الإيمان هو المعرفة كما يقوله الجهم بن صفوان، وهذا أخطر الأقوال، هذا كفر؛ لأن فرعون يعرف في قرارة نفسه، قال له موسى: “لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ” (( الإسراء الآية 102 )) فهو يعرف في قلبه، فيكون مؤمناً؛ لأنه يعرف بقلبه!
ومنهم من يقول الإيمان هو التصديق، ما هو بمجرد المعرفة، بل التصديق بالقلب، ولا يلزم الإقرار والعمل، ومنهم من يقول الإيمان هو الإقرار باللسان ولو لم يعتقد بقلبه -قول الكرّامية-، وهذا قول باطل؛ لأن المنافقين يقولون بألسنتهم، والله حكم أنهم في الدرك الأسفل من النار، معنى هذا أنهم مؤمنون.
وأخفّهم الذي يقول : إن الإيمان اعتقاد بالقلب ونطق باللسان، لكنهم يشتركون كلهم بعدم الاهتمام بالعمل ولكن يتفاتون في أفكارهم.
من كبار المرجئة ومشاهيرهم: الجهم بن صفوان، وأبو الحسين الصالحى، ويونس السمرى، وأبو ثوبان، والحسين بن محمد النجار، وغيلان، ومحمد بن شبيب، وأبو معاذ التومنى، وبشر المريسى، ومحمد بن كرام، ومقاتل بن سليمان المشبه لله عز وجل بخلقه، ومثله الجواربى وهما من غلاة المشبهة. (( مقالات الإسلاميين 1/213 ))
مبادئ فرقة المرجئة
لهذه الطائفة اعتقادات كثيرة، خالفوا بها أهل السنة والجماعة، نذكر منها: تعريف الإيمان بأنه التصديق بالقلب، أو التصديق بالقلب والنطق باللسان فقط، كما أن العمل ليس داخلاً في حقيقة الإيمان، ولا هو جزء منه، وأن تركه بالكلية لا ينفى الإيمان بالكلية، فهم يعتبرون أصحاب المعاصي مؤمنون كاملو الإيمان بكمال تصديقهم.
يرى المرجئون أن الأعمال من فرائض الإيمان وشرائعه وثمراته، وليست من حقيقته في شيء، لأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص؛ حيث يُعد التصديق بالشيء والجزم به لا يدخله زيادة ولا نقصان.
يقول المرجئون بأن الإنسان يخلق فعله، وأن الله لا يرى في الآخرة، وقد تأثروا في هذه الآراء بالمعتزلة،
ترى الغالبية العظمى من المرجئة أن الإمامة ليست واجبة، فإن كان ولا بد فمن أي جنس كان ولو كان غير قرشي، وقد تأثروا بهذا الرأى من الخوارج الذين كانوا ينادون به ولم يطبقوه. فهم ينكرون تنكر أن يكون الله ورسوله قد نصا على أنها من سلالة معينة أو أنها بالوراثة، فالإمامة ينبغي أن تكون شورى بين خيار الأمة وفضلائها.
اقرأ أيضًا:
المصادر: