سورة الكوثر هي أقصر سور القرآن الكريم فهي تتألف من ثلاث آيات، وفي هذه الآيات عشر كلمات واثنان وأربعون حرفًا فقط، والراجح إنَّ هذه السورة المباركة، وهي أيضًا من السور القرآنية التي لم يرد فيها لفظ الجلالة أبدًا، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة الكوثر ومكان نزولها بالإضافة إلى سر تسميتها وفضلها.
أسباب نزول سورة الكوثر
في الحديث عن سبب نزول سورة الكوثر، يجب أن نُشير إلى إنَّ علم أسباب نزول السور القرآنية علم من علوم القرآن الكريم، اهتمَّ به كثير من علماء المسلمين عبر التاريخ، لأن معظم الآيات والسور القرآنية كانت تتنزَّل على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وفقًا للأحداث التي كان يتعرَّض إليها المسلمون بين الحين والآخر، فتنزل الآيات موضحة للمسلمين أمر الله -سبحانه وتعالى- الذي ارتضاه لعباده المسلمين، وبالنسبة لسورة الكوثر، فقد نزلت في قضية تَعْييرِ المشركينَ من أهلِ مكَّةَ والمنافقينَ من أهل المدينةِ للنَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ كانوا يلمزونه في عدة أمورٍ هي:
- إقبالُ الضُّعفاءِ على دعوتِهِ ونفورُ الأغنياءِ ووجهاءِ القومِ منها.
- وفاةُ أبناء النَّبي الذكور فكانوا ينادونه بالأبتر أي مقطوع الأثَرِ فلا بنينَ لهُ وكلُّ ذُرِّيَتِهِ هُمْ من البناتِ.
من أشهر الأقوال التي وردت في سبب نزول سورة الكوثر: ما رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- ما يأتي: “لمَّا قدِم كعبُ بنُ الأشرفِ مكَّةَ أتَوْه فقالوا: نحنُ أهلُ السِّقايةِ والسَّدانةِ وأنتَ سيِّدُ أهلِ يثرِبَ فنحنُ خيرٌ أم هذا الصُّنَيْبِيرُ المُنبَتِرُ مِن قومِه يزعُمُ أنَّه خيرٌ منَّا؟ فقال: أنتم خيرٌ منه فنزَل على رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ}.
وقال عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في سبب نزول سورة الكوثر أيضًا: “كان أهل الجاهلية إذا مات ابن الرجل قالوا: بُتر فلان. فلما مات عبد الله ابن النبي خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال: بُتر مُحمد؛ فأنزل الله جل ثناؤه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ}.
هل سورة الكوثر مكية أم مدنية؟
قيل إن سورة الكوثر هي سورة من السور المكية، بينما رجّح بعض العلماء أنَّها سورة مدنية، تقع سورة الكوثر في الجزء الثلاثين والحزب الستين والربع الثامن في المصحف الشريف، وهي السورة رقم مئة وثمانية من ترتيب سور المصحف
نزلتْ سورة الكوثر بعد سورة العاديات وقبل نزول سورة التكاثر ولهذا إنَّ غالب الأقوال تشير إلى أنَّها سورة مكية وليست مدنية، ومن الجدير بالذكر إنَّ هذه السورة الكريمة بدأت بأسلوب توكيد، قال تعالى في مطلعها: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}.
سبب تسمية سورة الكوثر
ذكر هذه السورة الكريمة في كتب التفسير باسم سورة الكوثر، وهذا ما أشار إليه الشيخ الطاهر بن عاشور -رحمه الله- حين قال: “سميت هذه السورة في جميع المصاحف التي رأيناها وفي جميع التفاسير أيضاً سورة الكوثر وكذلك عنونها الترمذي في كتاب التفسير من جامعه، وعنونها البخاري في صحيحه”.
أمَّا سبب تسميتها بهذا الاسم فهي ككثير من سور القرآن الكريم التي تُسمَّى بمطالعها أو بكلمات في مطالعها، سُمِّيت باسم الكوثر وهي الكلمة الواردة في الآية الأولى من هذه السورة الكريمة، قال تعالى في مطلع هذه السورة: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، وجدير بالذكر إنَّ سورة الكوثر جاءت باسم سورة النحر أيضًا كما نقل سعد الله المعروف بالسعدي.
فضل سورة الكوثر
جاء في السنة النبوية المباركة عن سورة الكوثر حديث يصف نهر الكوثر: ” بيْنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ بيْنَ أظْهُرِنَا إذْ أغْفَى إغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: ما أضْحَكَكَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ: بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ (2) إنَّ شَانِئَكَ هو الأَبْتَرُ} [الكوثر: 1 – 3]، ثُمَّ قالَ: أتَدْرُونَ ما الكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه نَهْرٌ وعَدَنِيهِ رَبِّي عزَّ وجلَّ، عليه خَيْرٌ كَثِيرٌ، هو حَوْضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يَومَ القِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فيُخْتَلَجُ العَبْدُ منهمْ، فأقُولُ: رَبِّ، إنَّه مِن أُمَّتي فيَقولُ: ما تَدْرِي ما أحْدَثَتْ بَعْدَكَ. زَادَ ابنُ حُجْرٍ، في حَديثِهِ: بيْنَ أظْهُرِنَا في المَسْجِدِ. وقالَ: ما أحْدَثَ بَعْدَكَ. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 400 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
قرَأ أنسُ بنُ مالكٍ : {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( الكوثرُ نَهَرٌ في الجنَّةِ يجري على وجهِ الأرضِ حافَتاه قِبابُ الدُّرِّ ) قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( فضرَبْتُ بيدي فإذا طِينُه مِسْكٌ أَذْفَرُ وإذا حَصباؤُه اللُّؤلؤُ ). (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 6471 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم ))
لم يرد أي حديث صحيح يدل على اختصاص سورة الكوثر بالفضل، وما جاء في ذلك من أخبار، فهي مجرد أحاديث موضوعة مثل حديث: من قرأ سورة الكوثر أسقاه الله من أنهار الجنة. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 326 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
اقرأ أيضًا:
المصادر: