يبلغ عدد آيات سورة المجادلة اثنتين وعشرين آية، وهي السُّورةُ الأولى في الجزء الثامن والعشرين في القرآن الكريم، وجدير بالذكر أنَّ لفظ الجلالة “الله” وردَ في كلِّ آية من آياتِ السورة، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة المجادلة.
أسباب نزول سورة المجادلة
إنَّ اختلاف أسباب نزول الآيات القرآنية قائم على اختلاف الحوادث التي تقتضي نزول الآية لتعليم الناس أو تبشيرهم أو تحذيرهم، وفيما يخصُّ سورة المجادلة فقد وردَ في سبب نزولها روايات عدّة.
“قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا”
عن خُويلةَ بنتِ ثعلبةَ قالت فيَّ واللَّهِ وفي أوسِ بنِ الصَّامتِ أنزلَ اللَّهُ سورةَ المُجادِلةِ قالت كنتُ عندَهُ وكان شيخًا كبيرًا قد ساءَ خلُقُهُ قالت فدخلَ عليَّ يومًا فراجعتُهُ بشيءٍ فغضِبَ وقالَ أنتِ عليَّ كظهرِ أمِّي.
قالت ثمَّ خرجَ فجلسَ في نادي قومِهِ ساعةً ثُمَّ دخلَ عليَّ فإذا هو يريدُني عَن نفسي قالت فقلتُ كلَّا والَّذي نفسُ خُويلةَ بيدِهِ لا تخلُصُ إليَّ وقد قلتَ ما قلتَ حتَّى يحكُمَ اللَّهُ ورسولُهُ فينا بحكمِهِ قالت فواثَبَني وامتنعتُ منهُ فغلبتُهُ بما تغلِبُ بهِ المرأةُ الشيخَ الضَّعيفَ فألقيتُهُ عنِّي ثمَّ خرجتُ إلى بعضِ جاراتي فاستعرتُ منها ثيابَها ثمَّ خرجتُ حتَّى جئتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فجلَستُ بينَ يديهِ فذَكرْتُ لهُ ما لقيتُ منهُ فجعلتُ أشكو إليهِ ما ألقى من سوءِ خُلقِهِ.
قالت فجعلَ يقولُ يا خُويلةُ ابنُ عمِّكِ شيخٌ كبيرٌ فاتَّقي اللَّهَ فيهِ قالت فواللَّهِ ما برِحتُ حتّى نزلَ القرآنُ فتغشَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ما كانَ يتغشَّاهُ ثمَّ سُرِّيَ عنهُ، فنزلت الآية. (( الراوي : خولة بنت مالك بن ثعلبة ويقال لها خويلة | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : موافقة الخبر الخبر، الصفحة أو الرقم: 1/501 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
وفي رواية ثانية، وردَ عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: ” الحمدُ للهِ الذي وسِع سمعُه الأصواتَ، لقد جاءَتِ المُجادِلَةُ إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- تُكَلِّمُه في جانِبِ البيتِ، أسمَعُ ما تقولُ فأنزَل اللهُ -عزَّ وجَلَّ-: “قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا..”. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن عساكر | المصدر : معجم الشيوخ، الصفحة أو الرقم: 1/163 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
“وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ”
قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فليعتِقْ رقبةً قالت لا يَجدُ قال فيصومُ شهرينِ مُتَتابعينِ فقالت يا رسولَ اللَّهِ إنهُ شيخٌ كبيرٌ ما بهِ من صيام ٍ قالَ فليطعِم ستِّينَ مسكينًا قالت ما عندَهُ من شيءٍ يتصدَّقُ بهِ قالَ فإنِّي سأعينُهُ بعِرقٍ من تمرٍ وقالت يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أعينُهُ بعرقٍ آخرَ قالَ قد أحسنتِ اذهبي فأطعمي بها عنهُ ستِّينَ مسكينًا وارجِعي إلى ابنِ عمِّكِ. (( الراوي : خولة بنت مالك بن ثعلبة ويقال لها خويلة | المحدث : ابن كثير | المصدر : إرشاد الفقيه، الصفحة أو الرقم: 2/207 | خلاصة حكم المحدث : إسناده مشهور وله طرق تقويه ))
“أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”
ذكر ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الآية الكريمة نزلت في المنافقين واليهود، حيث كانوا يتناجون فيما بينهم من دون المؤمنين، وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فإذا رأى المؤمنون نجواهم ظنّوا أنه قد بلغهم خبرٌ عن قتلٍ أو هزيمةٍ أو مصيبةٍ حلّت بإخوانهم وأقاربهم الذين خروجوا في السرايا، فكان المؤمنون يحزنون لذلك حتى يرجع إخوانهم وأقاربهم، فلمّا طال ذلك وكثُر، شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بعدم التناجي من دون المسلمين، ولكنهم لم ينتهوا وعادوا للمناجاة، فأنزل الله تعالى الآية الكريمة.
“وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ”
فقد ذكر أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن سبب نزوله أن رجلاً من اليهود قدِم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: “السام عليك”، فردّ عليه الصحابة رضي الله عنهم، فسألهم النبي عليه الصلاة والسلام قائلاً: (أتَدْرون ما قال؟ قالوا: نَعَمْ، قال: السَّامُ عليكم، قال: رُدُّوا علَيَّ الرَّجُلَ، فرَدُّوه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: قلتَ: كذا وكذا؟ قال: نَعَمْ، فقال رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذا سَلَّمَ عليكم أحَدٌ مِن أهلِ الكِتابِ فقولوا: عليكَ)؛ أيْ: عليكَ ما قُلتَ، فنزلت هذه الآية. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 13459 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
هل سورة المجادلة مكية أم مدنية؟
تعدُّ سورة المجادلة من السور المدنية التي نزلتْ على قلبِ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، وقد نزلت بعد “سورة المؤمنون”، وهي السورة الثامنة والخمسون في ترتيب المصحف الشريف.
سبب تسمية سورة المجادلة
تختلف أسباب التسميات في سور القرآن الكريم بين سورة وأخرى، وبقليلٍ من البحث والتفكير في تفسير يمكن الوصول لسبب تسمية سورة، والاختلاف الحاصل بين سور الكتاب في أسباب التسمية، عائد إلى ما تحتوي كلِّ سورة بشكل خاصّ، وفيما يتعلَّقُ بسورة المجادلة فإنَّ سبب تسميتها بهذا الاسم عائد إلى ورودِ قصّة مضمونها ما يأتي:
اشتكتْ بعض النساء أزواجهنَّ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ومن بينهم الصحابية خولة بنت ثعلبة -رضي الله عنها-، وهي التي جادلتِ الرسول وسمع الله شكواها وجدالها فُسمّيت السورة باسمها.
اقرأ أيضًا:
المصادر: