معنى آية واعتصموا بالله هو مولاكم
يتساءل الكثير من المسلمين عن معنى آية واعتصموا بالله هو مولاكم الواردة في آخر سورة الحج حيث تُعدّ من الآيات التي حثّت على التّوكل والاعتصام بالله عز وجل؛ لذلك يجب على كل مسلم أن يتدّبرها جيدًا ويدرك معانيها وهداياتها العظيمة.
معنى آية واعتصموا بالله هو مولاكم
قال تعالى في سورة الحج: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.
بدأت الآية بوجوب الجهاد والحثّ عليه والجهاد هنا ليس مقتصرًا فقط على القتال، وإنّما يشمل جهاد النّفس والجهاد في العلم والجهاد في التّمسك بالطّاعات والابتعاد عن المنكرات ونحوه، وقيل أنّ معنى الجهاد في هذه الآية مقتصر على قتال الكفّار.
ومن الجدير بالذّكر أنّ الملّة التي تسير عليها الأمّة هي ملّة إبراهيم كوْنه قام بتسميتهم بالمسلمين من قبل أن يأتي الرّسول -عليه السّلام- وينشر رسالته السّمحة، حيث إنّ الإسلام قائم على أركان لا يكتمل إسلام العبد إلاّ بها؛ كالأركان الواردة في الآية السّابقة، ولا سيمّا ركن الاعتصام بالله في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ}.
والمقصود بصيغة الأمر هنا هو: فعل الأركان التي أمر الله بها في نفس الآية مع وجوب التّوكّل عليه والامتناع عن عبادة غيره، ممّا يعني ضرورة الانفراد التّام مع الله في العبادة، ويُشير معنى آية اعتصموا بالله هو مولاكم إلى عدم الثّقة بقوّة العبد أو التوكّل عليه، فالله تعالى هو وحده من يُعطي ويرزق وينصر عبده وهو وحده الخالق لعباده المسؤول عنهم.
والدليل على ذلك قوله تعالى في آخر الآية: {فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ}، ممّا يعني وقوع العبد تحت تصرّفه فقط، وهذا لا يدركه إلاّ الإنسان الكيّس الفطِن الذي يستبشر بنيل الأجر من الله عندما يتوكّل عليه ويعتصم به.
وفي تتمّة شرح قوله تعالى: {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} لا بُدّ من قول أنّ الله تعالى لم يكن نصيرًا للمُسلم إلاّ إذا أدّى الموجبات بالثّقة فيه وحسن الظّن به والتّسليم التّام له والتّوكُّل عليه في سائر أموره الحياتيّة ولا سيّما الأركان الرئيسة التي أُمر بها.
لذلك أساس أداء العبد للأركان المأمور بها هو: التوكّل على الله قبل الشّروع في الأداء وبعد الانتهاء منه، لتكون النّتيجة رفع الدّرجات في الدّنيا والآخره، فالله تعالى هو نعم المولى لذلك وهو وحده القادر على رفع درجات العبد إذا أدّى الأركان على أكمل وجه مصحوبة بالتّوكّل عليه والثّقة فيه، ويُضاف إلى ذلك النّتيجة العظيمة ألا وهي: نيل النّصر من الله.
اقرأ أيضا: معنى آية فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى
إعراب آية واعتصموا بالله هو مولاكم
من المعلوم أنّ الإعراب من العلوم الرّئيسة التي يستند عليها علم القرآن كونه يُساعد في معرفة المعاني معرفة جيّدة وبيان الأحكام الشّرعيّة بشكل تفصيلي، وفيما يأتي سيتمّ إعراب قوله تعالى: {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ}:
- الفاء: الفاء هنا استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
- أقيموا: فعل أمر، والواو: ضمير متّصل مبني في محل رفع فاعل، وجملة: “فأقيموا الصّلاة” جواب شرط مجزوم للجملة التي سبقتها:{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ…}، أيْ إذا كنتم أهلاً لهذه التّسمية فأقيموا الصّلاة.
- آتوا: فعل أمر، والواو: ضمير متصل مبني في محلّ رفع فاعل، وهو في محل جزم معطوف على الفعل “أقيموا”.
- الزكاة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتح.
- واعتصموا: الواو عاطفة، اعتصموا: فعل أمر، والواو: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- بالله: الباء هنا: حرف جر، الله: لفظ الجلالة وهو اسم مجرور وعلامة جرّه الكسرة، وهو متعلّق بالفعل “اعتصموا”.
- هو مولاكم: حال منصوب من لفظ الجلالة “الله”.
- فنعم المولى: جملة استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
- ونعم النّصير: جملة معطوفة على “فنعم المولى” لا محلّ لها من الإعراب.
اقرأ أيضا: معنى آية ضعف الطالب والمطلوب
فوائد من آية واعتصموا بالله هو مولاكم
- العبد الممتنع عن المنكرات سينال النّصر من الله في الدّنيا والآخرة.
- وجوب التّمسُّك بالطّاعات؛ كالصّلاة والزّكاة مع الثّقة بالله وحسن الظّن فيه.
- الذي ينصر الدّين الإسلامي بالطّاعات سيبعد الله عنه كلّ مكروه يمكن أن يضرّه في حياته.
- تأدية الأموال إلى الفقراء والمساكين سبب رئيس لتطهير النّفس ونيل الأجر الوفير.
- حسن الظّن بالله من أهمّ الأمور التي تعين المسلم على التّمسّك بالعبادات والتّقرُّب إلى الله.
- التّوكُّل على الله وحده يُساعد العبد على الاستغناء عن البشر كونه وحده القادر على العطاء.
- تأدية الصّلوات على وقتها بخشوع تام وإخلاص تؤدّي إلى الحصول على العصمة من كلّ مكروه.
- الاعتصام بالله تكون نتيجته النّصرة على الأعداء والارتقاء بالدّين الإسلامي الحنيف.
- الثّناء على الله وشكره وحمده كلّها أسباب مفضية إلى الحصول على نصرة الله وحمايته.
- الاعتصام بالله والتّوكّل عليه، دليل على صحّة الإيمان، والاعتراف التّام بعبودية الله وربوبيته.
- الأخذ بالأسباب والسّعي يؤدّيان إلى الشّعور بالرّضا والاطمئنان، والسّبب في ذلك أنّ الله تعالى نِعْمَ النّصير، حيث إنّ هذا الشعور نتيجة لتحقّق النّصر من الله.
اقرأ أيضا: معنى آية ألا بذكر الله تطمئن القلوب