متى يكون الصيد في حكم الميتة المحرمة
يُعدُّ الصَّيد من أنواع الاكتساب والإنتفاع التي شرعها الله -عزّ وجلّ- بما خلقه للإنسان في الحياة الدّنيا، فينتفع بصيده لأكله واستخدام جلوده للباس والبيع وما إلى ذلك، وتكثر الأحكام المتعلقة بالصيد في الإسلام ومن الأسئلة التي يبحث عنها الكثير من الناس: يكون الصيد في حكم الميتة المحرمة إذا قتله الصائد ب ماذا؟
يكون الصيد في حكم الميتة المحرمة إذا قتله الصائد ب
يكون الصيد في حكم الميتة المحرمة إذا قتله الصائد بـ حجر أو عصا أو في حال صدمه بالسيارة، فكل ذلك بحكم الميتة الموقوذة، وقد جاء التحريم في كتاب الله -عزَّ وجلَّ- حيث قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}، والموقوذة هي التي تُضرب بشيء ثقيل غير محدد حتى تموت.
اقرأ أيضا: أحاديث عن الرفق بالحيوانات
حكم الصيد في الإسلام
الأصل فيما خلقه الله -عزّ وجلّ- الإباحة، فالقاعدة الفقهية العامة تقول: “أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يقم دليل صريح على تحريمه” فالإباحة تكون لما يستوي الإنتفاع به، إذًا المباح هو المأذون فيه الذي لا يوجد نصٌ يمنعه، ويستطيع بذلك أيّ إنسان أنْ ينتفع بما هو مباح من طعام وشراب وصيد، فالصَّيد كله مشروع ومباح بدليل ما ذكره الله في كتابه العزيز من آيات متعددة:
قال تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ}، وقال سبحانه: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءِِ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ}، فالصَّيد إذًا كله مباح إلا في حالاتِِ تخرجه عندها من الإباحة إلى الحرمة، فحالات الصيد غير المباح كالآتي:
يحرم صيد الحَرَم للمحرم وغيره، وذلك بإجماع الفقهاء؛ وبدليل قول رسول الله يوم فتْح مَكَّةَ: “إنَّ هذا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَومَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ، فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللَّهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ” (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1834 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) قال ابن حجر: كناية عن الاصطياد.
يحرم على المحرم صيد البَر أو اصطياده أو حتى الإعانة على صيده بدلالةِِ أو إشارة، بدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}، وقد حُرِّم على العبد الأكل مما صاده لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}.
ومما يدخل في الصيد غير المباح والمكروه الصَّيد الذي يكون بقصد اللهو والعبث لا بقصد الانتفاع منه؛ وقد مال بعضُ أهل العلم أيضًا إلى تحريمه، فإمّا أنْ يكون الصيد للانتفاع والاكتساب بالطرق المباحة وإمّا فالصَّيد فيدخل في دائرة غير المباح، قال ابن حجر: “فلو لم يقصد الانتفاع بهِ حَرُمَ لأنه من الفساد في الأرض، بإتلافِ نَفسٍ عَبَثًا”.
اقرأ أيضا: هل يجوز ترويع غير المسلم برفع السلاح عليه
ضوابط الصيد المباح
يُشترط في إباحة الصَّيد شروط متعددة أجملها الفقهاء بشروط تتعلق في الصائد والمصيد وآلة الصَّيد وسيتم ذكر شروط كلًا منهم فيما يأتي:
شروط الصائد
- أنْ يكون الصائد مُسلمًا أو كتابيًا؛ وهو النّصراني واليهوديّ.
- أنْ يكون الصائد عاقلًا ومميزًا، ويخرج بذلك فاقد الأهلية كالمجنون والصبيّ غير المميز.
- أنْ ينوي الصائد اصطياد ما هو مباح من الحيوان.
- تسمية الصائد عند إرسال أو رمي الآلة، وهو ليس بشرط عند الشافعية.
- أنْ يكون الصائد حلالًا، أيّ أنّه غير مُحرِمًا بحجِِ أو عمرة.
- أنْ لا يُهلَّ الصائد الصَّيد لغير الله لقوله تعالى: {وَمَا أُهِل بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}.
- أنْ ينسب إلى الصائد الصَّيد بأثر آلة الصَّيد.
- أنْ يكون الصائد بصيرًا، وهذا شرط ذُكر عند الشافعية.
شروط المصيد
- أنْ يكون المصيد حيوانًا مباحًا شرعًا، أيّ مأكول اللحم.
- أنْ يكون المصيدحيوانًا متوحشًا؛ كالوحوش والطيور أمّا المستأنس كالأنعام والبقر فيُذّكى.
- أنْ لا يكون المصيد من صيد الحَرَمِ، فيُحرم في الحرم صيد الحيوان البريّ بإجماع الفقهاء.
- أنْ يدرك المصيد حيًّا ويقدر على تذكيته، ويخرج من ذلك الميتة.
- أنْ يموت من الجرح؛ لا من خنقه أو صدم الجارح.
- أنْ لا يغيب المصيد عن الصائد مدة طويلة؛ والغرض من ذلك هو حصول التيّقن بأنّه صيده وليس لغيره.
شروط آلة الصيد
آلة الصَّيد على نوعان: آداةٌ جامدة و”هي التي لها حدٌّ كالسيف والسكين، ومنها ما لها رأس محدد كالسّهم”، أو الحيوان، وشروط الآلة كالآتي:
- أنْ تكون الآلة محددة تجرح وتؤثر في اللحم، ولا يشترط الحديد كالسكين والسيف، بل يجزئ الخشب والحجارة إنْ حُدّتا.
- أنْ تصيب الصَّيد بحدِّها فتجرح المصيد، ويتيّقن بموتها من الجرح وإلا فتصار ميتة ولا تؤكل، لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}.
ويجوز الاصطياد بالحيوان المُعلَّم وهو ما يسمى بالجوارح؛ مما له نابٌ ومخلب كالكلاب والسِّباع والطيور كالصقر والعقاب، وأصل مشروعيته ما جاء بقوله تعالى: {أُحِل لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ}، واستثنى الفقهاء الخنزير من ذلك لحرمة الانتفاع به، ومن شروط استعمال الحيوان ما يأتي:
- أنْ يكون الحيوان معلَّمًا، أيّ مدربًا على الاصطياد، بدليل قول الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}.
- أن يجرح الحيوان المصيد في أي جزء من بدنه حتى يسيل الدم المسفوح الذي يخرج بالجرح عادة.
- أن يكون الحيوان مرسلًا من مسلمًا أو كتابي، مع الشروع بالتسمية عند إرسال الحيوان.
- أن لا ينشغل الحيوان بشيء آخر بعد الإرسال، ليكون الاصطياد منسوبًا للإرسال.
اقرأ أيضا: معلومات عن كلاب الصيد وأنواعها