سيرة حياة السيوطي

سيرة حياة السيوطي

اسمه

عبد الرحمن بن كمال الدّين أبي بكر بن محمد بن سابق الدّين، جلال الدّين المصريّ السيوطي الشّافعيّ الأشعريّ، المعروف أيضا باسم ابن الأسيوطيّ، وهو إمام مجتهد من أئمّة القرن العاشر الهجريّ، وشيخ، وفقيه، ومتصوّف، ومؤرّخ قام بتأليف كتب في جميع فروع العلوم الإسلاميّة تقريبًا.

تعليمه

ولد في عام 849 للهجرة، أمّه تركيّة وأبوه غير عربيّ، وعاش يتيمًا في القاهرة، وبدأ طلبه للعلم في سنٍّ مبكّرة؛ حيث حفظ القرآن الكريم في سنّ الثّامنة، إلى جانب العديد من كتب القانون، والفقه، وقواعد اللّغة العربيّة، ودرس الشّريعة على يد أكثر من مئة وخمسين شيخًا، وممن درس السيوطي علمهم:

  • سراج الدّين البلقينيّ.
  • شرف الدّين المناويّ.
  • تقيّ الدّين الشّامانيّ.
  • جلال الديّن المحلّي.
  • برهان الدّين البقاعيّ.
  • شمس الدّين السّخاويّ.
  • محيي الدّين الكافيجي.
  • شهاب الدين الشّرمساحيّ.
  • سيف الدّين قاسم بن قطلبوغا.

لم يتلقَ السيوطي تعليمه في القاهرة فقط، بل كان يُسافر لطلب العلم إلى دمشق، والحجاز، واليمن، والهند، والمغرب، وانتقل داخل مصر إلى الفيّوم، ودمياط، والمحلّة، وكان يعمل في بعض الأوقات مُدرّسًا للحديث الشّريف في القاهرة في المدرسة الشّيخونيّة، بناء على توصية الإمام كمال الدّين بن الهُمام.

صفاته

وقد أقرّ العلماء أنّ الإمام السيوطي كان نبيلًا في ذاته، وكان يتصرّف حتّى مع كلّ علومه ومكانته بتواضع جمّ؛ بسبب خوفه من الله تعالى، بالإضافة إلى هذا كان حسن الخلق ومُتّبعًا شديدًا للسّنّة النّبويّة، ويقول الإمام السويطي عن هذا: منذ أن كنت طفلًا تعلّمت حُبّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وتربيّت على السُّنّة.                                                                                 قال الإمام السيوطي: أعطاني الله سبحانه وتعالى عندما أصبح عمري سبع سنوات الصّفات التّالية:

  • حبُّ اللّطف، وحبُّ الورع، وحبُّ إيلاء الاهتمام للنّاس عندما يدعون للخير، ويكرهون الجريمة والشّر، وقلبي غير مهتمٍّ بأولئك الذين يُحبّون الجريمة.
  • أنا شخص أفكّر دائمًا بالفقراء، والطّيبين، والزُّهّاد، والمتديّنين وأيّ شيء جيّد، سأُفكّر جيّدًا فيه.
  • أنا لا أُخطئ ولا أتسرّع في القيام بأيّ شيء، أو بالحُكم على شيء؛ إذ قد يكون الشّيء الذي أريد القيام به يستغرق عدّة سنوات، حتّى يأذن الله سبحانه وتعالى للقيام به.
  • في بعض الأحيان، عندما يخبرني النّاس عن أخطاء الآخرين، أنظر إليها بطريقتين، لا أتناولها على المحمل السّيء مباشرة، ولا يمكن أن يغيّر تفكيري شيء إلّا إذا كنت أعلم أنّ صاحب هذه الجريمة مخطئٌ في السّابق كثيرًا، وأُصبح عندها أنّ ما وصلني ليس مُجرّد اتّهام.
  • أُقرّ بأنّني منذ أن كنت صغيرًا، نشأت في بيئة تعمل بالكتاب والسُّنّة، وأرفض كلّ ما يتعلّق بالمنطق والفلسفة، وأعتبر الإقرار بهذه الأشياء غير مسموح به، ولا أستمع إليها، وأمنع نفسي من التّعليق على أيّ كتاب يتناول الفلسفة أو المنطق.
  • لقد نشأت في بيئة مُحبّة للتّقوى، وأفكّر دائمًا بها، وإذا تأكدّتُ من تقوى أحد النّاس، سأذهب إليه وآخذ البركة منه.

يقول عنه الباحث التّاريخي إياد خالد الطّبّاع: إنّ الإمام السيوطي شخص صاحب مبادئ، ولا يتّبع الآخرين، وليس من السّهل أن يخضع لجشع النّاس.

عُزلته

يقول ابن إياس في كتابه بدائع الزّهور في وقائع الدّهور الذي تحدّث فيه عن تاريخ مصر: عندما بلغ السّيوطي الأربعين، اعتزل النّاس وأصدقائه، كأنّه لا يعرفهم من قبل، وكتب ما يزيد عن ستّمئة كتاب وأطروحة، وكان المسلمون والأمراء والأثرياء يزورونه ويُقدّمون له الهدايا ويرفضها جميعًا، وفي مرّة قال لمبعوث السّلطان: لا تعُد إلينا بهديّة أبدًا، لأنّ الله أغنانا عن جميع هذه الأشياء.

بفضل نجاحه في سنوات اعتزاله، يصعُب تحديد حقل لم يُقدّم فيه السيوطي  مساهمات بارزة، وكان عملاقًا بين معاصريه، وظلّ وحيدًا، مما أدى إلى إنتاج متواصل من الكتابات العلميّة حتّى وفاته عن عمر يناهز الثّانية والسّتّين.

في فهرس مخطوطات السيوطي أكثر من سبعمئة عمل له، بعض هذه المؤلّفات لا تتجاوز أربع صفحات، مثل ملاحظاته على حديث من قال أنا أعلم، وسمّاه أعذب المناهل في حديث من قال أنا عالم فهو جاهل، وبعضها مُجلّدات كبيرة، مثل مُجلّد الإتقان في علوم القُرآن، وجمع الجوامع المعروف باسم الجامع الكبير، وتدريب الرّاوي في شرح تقريب النّوويّ.

تصوّفه

ينتمي السيوطي إلى الطّريقة الشّاذليّة، ويقول عن هذا: لقد نظرت في الأمور التي انتقدها أئمّة الشّريعة في الصّوفيّة، ولم أرَ صوفيًّا واحدًا يحمل مثل هذه المواقف، بل يحتفظ بها النّاس ضدَّ المُتطرّفين الذين ينسبون أنفسهم للصّوفيّة. عندما قام شيخُهُ برهان الدّين إبراهيم بن عمر البقاعيّ بنقد ابن العربيّ في كتاب بعنوان تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربيّ، ردّ السيوطي بكتاب سمّاه تنبيه الغبي في تبرئة ابن عربيّ، وهذه الرّسائل منشورة.

وفاته

توفّي الإمام السيوطي رحمه الله، يوم الخميس التّاسع من جمادى الأولى، من عام 911 للهجرة، في القاهرة.

المراجع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *