زوجة موسى عليه السلام
ورد ذكر زوجة موسى عليه السلام في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)، ويهتم الكثيرون بالتعرف على اسم زوجة موسى عليه السلام وقصة زواجهما وأخلاقها.
زوجة موسى عليه السلام
قيل إنّ اسم زوجة موسى عليه السلام هو صفورا، وقيل: صفوريا، وقيل: صفورة، وهي إحدى ابنتي الرجل الصالح الذي عرض الزواج على موسى عليه السلام، وقد تعددت آراء العلماء في نبوّة والدها، وبيان آرائهم كالآتي:
- القول الأول: قال الحسن البصريّ ومالك بن أنس وغيرهما: بأنّه نبي من أنبياء الله -عليهم السلام- وهو شعيب وهو القول الأشهر بين أقوال العلماء.
- القول الثاني: قال ابن كثير وغيره: أنّ الرجل الصالح هو ابن عمّ نبيّ الله شعيب أو ابن أخيه، أو أنّه رجل صالح من قومه.
- القول الثالث: ذكر ابن عاشور في كتاب التحرير والتنوير: أنّ موسى -عليه السلام- بعد أن خُيّر بين الفتاتين اختار الصغرى؛ لأنّها أرشدته إلى طريق والدها، فعرف منها حياءها وأخلاقها فرجّحها على أختها، ثمّ تزوّجها.
اقرأ أيضا: من هي أم المساكين من زوجات الرسول
قصة زواج موسى
شبّ نبيّ الله موسى عليه السلام في قصر فرعون وتربّى تحت عينيه، وفي ذات مرّة رأى موسى عليه السلام رجلاً من الأقباط من أتباع فرعون يُقاتل رجلاً من بني إسرائيل، فأسرع موسى عليه السلام إلى نُصرة الرجل الإسرائيليّ فدفع القبطيّ ومات من فوره من غير قصد من موسى عليه السلام.
فانتشر الخبر على بسرعة بين النّاس بأنّ موسى قتل رجلاً من الأقباط، فهمّ فرعون وملأه أن يقتلوا موسى لأنّه قتل القبطيّ، فجاء رجل ناصح إلى موسى بأن يخرج من مصر حفاظاً على سلامته من بطش فرعون وظُلمه، فخرج موسى من مصر متوجّهاً إلى مدين.
وعندما كان موسى في الطريق إلى مدين وصل إلى مورد ماء عليه مجموعة كبيرة من الرّعاة يسقون مواشيهم، ورأى في ناحيةٍ أخرى امرأتين مع أغنامهما تنتظران انتهاء الرّعاة من السّقاء حتى يسقيا.
أقبل موسى عليه السلام يستفسر عن حالهما، فأخبرتاه بحالهما بأنّهما لا تريدان مزاحمة الرجال لتسقيا، وأخبرتاه بأنّ والدهما رجل كبير لا يستطيع أن يسقي من مورد الماء.
فسقى لهما موسى عليه السلام ثمّ لجأ إلى ظلّ شجرة بعد مشقّة السفر، ثمّ توجّه لله بالدعاء ليكفيه همّ جوعه وعطشه، فجعل الله له الفرج؛ إذْ أخبرت الفتاتان والدهما عمّا حدث معهما، وحدّثتاه عن موسى، فبعث إحداهما تطلب من موسى الحضور إلى والدها ليتعرّف عليه ويشكره على حُسن صنيعه معهما.
ذهب موسى عليه السلام مع الفتاة إلى والدها، وتعرّف عليه، ثمّ عرض الشيخ عليه عرضاً أكبر ممّا انتظر موسى عليه السلام؛ إذْ عرض عليه أن يزوّجه إحدى ابنتيه مقابل أن يخدمه لثمان سنوات أو عشر في رعي الأغنام.
اقرأ أيضا: متى تزوج النبي عائشة وكم كان عمر الرسول
أخلاق زوجة موسى عليه السلام
ذكر القرآن الكريم زوجة موسى عليه السلام بحيائها، وبرها بوالدها، وبيان ذلك كالآتي:
الحياء
ورد تفسير الآية بأنّ الفتاة جاءت ساترةً وجهها حياءً، وروي عن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أنّها سترت وجهها بكُمّ درعها أو كمّ قميصها، وورد أيضاً أنّها غطّت وجهها بكلتا يديها، وورد في تفسير القرآن للطبريّ أنّ الفتاة مشت بين يدي موسى -عليه السلام- فضربها الرّيح فبانت عجيزتها.
فقال لها موسى عليه السلام: (امشي خلفي، ودلّيني على الطّريق إن أخطأت)، وورد في روايةٍ أخرى أنّ الفتاة حين أتت على استحياءٍ من موسى -عليه السلام- قال لها: (امشي خلفي وانعتي لي الطريق، وأنا أمشي أمامك، فإنّا لا ننظر إلى أدبار النّساء).
البر بالوالد
كما أنّ من أخلاق زوجة موسى عليه السلام برّها بوالدها والسعي إلى مساعدته وتخفيف المسؤوليات والأحمال عنه، فبالرغم من صعوبة رعي الغنم وسقايته، إلّا أنّها وأختها قمن بأداء العمل عن والديهما ولم يُشغلاه به لكبر سنّه.
اقرأ أيضا: أنبياء التقى بهم النبي في رحلة الإسراء والمعراج
دروس مستفادة من زواج موسى
جاءت قصّة زواج موسى عليه السلام من زوجته مختلفةً عن العادة؛ لأنّ والدها هو من عرض على موسى أن يزوّجه إحدى ابنتيه، فكانت إيحاءً لجواز أن يخطب الرّجل لابنته من يرى فيه الخلُق والدّين، ويستفاد من هذه القصة عدّة دروس، منها:
- جواز الهجرة أو الخروج من البلد الذي يشعر الإنسان فيه أنّه غير آمن على نفسه أو على دينه أو على عرضه، حيث كانت هجرة موسى عليه السلام إلى مدين خوفاً على نفسه من ظلم فرعون وبطشه وطغيانه.
- اتصاف المسلم بالمبادرة لتقديم المعونة والمساعدة لمن يحتاجها دون سؤال وطلب ابتغاء نيل مرضات الله تعالى.
- عفّة موسى عليه السلام التي يجب أن يتحلّى بها الشباب المسلمون، فحين أقبل موسى على الفتاتين ليعلم حاجتهما استفسر عن حاجتهما فقط ولم يتوسّع في الحديث فيما لا حاجة له فيه.
- لجوء المسلم إلى الله وحده لبثّ وسؤال الحاجات والبعد عن سؤال الناس.
- الوفاء بالعهود والشروط من أخلاق المسلم، فموسى عليه السلام أوفى بعهده الذي وعد به الرجل الصالح وهو العمل برعي الأغنام.
- استحباب أن يُطمئن المسلم أخاه أو من لجأ إليه رغبةً وحاجةً في الحماية والمعونة، فعندما جاء موسى عليه السلام إلى الرجل الصالح طمأنه من فوره، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: (لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
اقرأ أيضا: موضوعات ومضامين سورة القصص